تظل حضارتنا الجرح النرجسي الذي يقض مضاجعنا والهاجس الذي يلازمنا لكن شعور خوف بابلي اشبه بلعنة هاروت وماروت تلبستنا بعد الهجمة الشرسة التي تعرض لها اكبر مجمع للآثار في العراق في مدينة الموصل حضارتنا تنحرح امام أعيننا ونحن نقف مكبلين بالحيرة هل ستضيع حضارتنا ؟ يفاجئنا الحضور الرائع للمتحف المتجول الثقافي في شارع المتنبي في القشلة ليبدد هذا الخوف ويكسر كل الهواجس اختزاله وتصوير للاحداث الماضي واستنطاق لصورة وشرح سردياتها,متحف مشرعا جناحيه للاستقبال كل المواهب واصحاب الوثائق والصور للاستنطقها وانتشالها من تراكمات
النسيان,نقطة مضيئة و احد المرتكزات التي لا يمكن القفز عليها بل لايمكن لستنشاق الثقافة من رئته المتنبي بدونه , الملفت للنظر في هذا المنعطف الحضاري الكبير هو مفاجئة الزائرين بان هذا الكم من الصور والاعمال الاخرى هو نتاج فردي متميز, احد الزائرين يقول كنت اظن بان هذا المتحف واحد من مؤسسات وزارة السياحة او الثقافة وله ميازنة خاصة لتغطيت أعمالة وتفاجئت عندما اكتشفت بانه جهد فردي, يستطرد الزائرفضول كبير دفعني لبحث عن الشخصية المبدعة صاحبة هذا الانجاز الذي وضع الماضي بين ظهرانينا وجدته بين مجموعة من الزائرين مستغرقا في استنطاق صورة
في عشرينيات القرن الماضي يسرد تفاصيلها ويكشف عن بواكيرها وقفت عن عتبة السرد لئغوص متماهيا” في اسرار الصور والكشف عن جرحها النرجسي في الذاكرة , انه هاشم طراد المبدع الذي فاجئ الجميع بهذا المنجز الكبير بجهده الفردي وتعاون بعض المتطوعين أبرزهم الأستاذ شنشول مالك, المتحف المتجول الثقافي علامة مضيئة في شارع المتنبي ونقطة تحول في الحركة الثقافية بحاجة الى دعم من الدولة ووسائل الاعلام لنهوض الى مشاريع اوسع مكتنزة في مخيلة المؤسس , دعوة لكل المهتمين بالشأن الحضاري لزيارة هذا الصرح ليطلع العالم بان العراق مازال بخير مادام هناك دماء تنهض بحضارته دون مقابل مادي في زمن سيطرة المادة على كل النشاطات.