زيارة وزير الدفاع الاميركي المستقيل / تشاك هيغل / للعراق قبل أيام، وتأكيده على ضرورة عدم توفر مبررات المواجهة العسكرية مع داعش تحمل اكثر من علامة استفهام على الموقف الاميركي، أزاء إسلوب هذا التحدي الخطير الذي يواجه قيادات المكون العربي ومستقبل محافظاتهم يمكن تلخيصها على الوجه التالي:
1. أن تأكيد / هاغل / على عدم وجود قدرات استعداد قتالية للقوات العراقية المهيئة لقتال داعش سواء منها في جبهة الانبار او في تحرير نينوى للقيام بهجوم في الوقت الحاضر، ربما يدخل العراق في متاهات أكثر خطورة، وقد تتقدم داعش وتخلق لها مرتكزات وجود متقدم في اكثر من محافظة يجعل من الصعوبة بمكان مهمة تحرير تلك المحافظات في المستقبل وبخاصة الانبار ونينوى.
2. هناك (مخاوف) حقيقة لدى العراقيين بدأت تتضح معالمها يوما بعد يوم من ان الولايات المتحدة وقادتها العسكريين (غير راغبين) اصلا بخروج داعش من محافظاتهم، وان الوضع الحالي قد يكون نتيجة (حالة تقارب) بين داعش واميركا لتحقيق مصالح مشتركة في العراق، تكون ايران غير بعيدة عنه، وهي ترى في تمركز داعش في المحافظات (السنية) مكسبا كبيرا لها، يؤدي الى تشرذم هذه المحافظات وضياع مستقبلها وتحطيم مرتكزاتها بعد ان تم تدمير بنيتها التحتية وهجر ملايين البشر الرافضين لسياسة الخنوع لواشنطن وطهران وتحكمهما بمصير الشعب العراقي ومناصرة طائفة ضد اخرى تشاركها العيش، إذ لا توجد (بوادر عملية) وحقيقة لدى الاميركان لمساعدة العراقيين على تحرير هذه المحافظات من دنس داعش وسيطرتها على مقدراتها يتوافق مع رغبة ايران وامريكا في انهاك قوى هذه المحافظات وانهاء دورها الى الابد.
3. ان الاستعداد لهزيمة داعش في الانبار يسهل مهمة مواجهة (تركيز الثقل) الذي تم تهيئته لتحرير نينوى، في المرحلة اللاحقة وبالتالي تسهل تحرير الاخيرة بأقل الخسائر والتضحيات، اما اذا بدأت العملية من نينوى فأنه ليس بالامكان احداث (خرق خطير) يؤدي الى هزيمة داعش المتمركزة على راحتها بشكل جيد في نينوى، ويكون من الصعوبة زحزحتها عن مواقعها كونها قد تتمترس بين المدنيين والمعالم العمرانية التي تعرف مداخلها ومخارجها في نينوى، وتؤخر بذلك عملية احداث إختراق لصفوفها في ساحلي المدينة الشرقي والغربي.
4. يشكل ضعف التسليح العراقي الموجودة حاليا لدى محافظات المكون العربي عامل ضعف يحول دون تحقيق رغبة قيادات عسكرية تنتمي لهذه المحافظات بتحرير مدنها، وعدم وجود خطة تسليح واضحة لديها من الحكومة العراقية والولايات المتحدة على حد سواء يؤخر شن أي هجوم مرتقب في وقت قريب، وبخاصة ان القوى العراقية المحسوبة على المكون (السني) قد أدركت ان عدم تزويد هذه المحافظات بأسلحة فعالة تكفي لشن الهجوم، واختلاق (مبررات) غير مقنعة، قد أدى الى برود الاندفاع لدى هذه القوات التي تم تهيئتها لتحرير نينوى والانبار، ما يؤدي الى فقدان حالة الامل بامكان تحريرها في مستقبل قريب.
5. وامام تلك المحاولات التي تعرقل خطط تحرير محافظات المكون العربي التي احتلتها داعش لايتبقى امام قادة تلك المحافظات الا الاعتماد على قدراتهم الذاتية وما استطاعوا الحصول عليه من دعم عسكري عربي او من دول مختلفة، وبدون الاعتماد على قدراتهم الذاتية والاسراع في تحرير محافظاتهم من داعش، سيكون الوقت في غير صالحهم، في كل الاحوال، ولهذا فأن (انتظار) أن تأتي ظروف افضل ومساعدات عسكرية (مزعومة) هي من قبيل ذر الرماد في العيون ليس الا، ولن يجد قادة المكون العربي من بد الا الاعتماد على الله اولا وعلى انفسهم وقدراتهم المحلية، والا سيكون أمر المواجهة في المستقبل أكثر صعوبة.
6. ان تمركز (ميليشيات) مختلفة التوجهات والاغراض في مناطق كثيرة وبخاصة في صلاح الدين وسامراء وديالى وفي مناطق كثيرة من حزام بغداد يعد (نذير شوم) من وجهة نظر مواطني المكون العربي، يستهدف سحق وجودهم وتخريب معالم الحياة لمحافظاتهم، وقد تكون (خطورة) هذا الوجود أخطر بكثير من وجود داعش ان لم يناظرها في الاهمية، حتى ان الكثيرين راحوا يلاحظون ان هناك (توافقا) في الرؤى بين داعش وهذه الميليشيات لإحداث (تغيير ديموغرافي) و (تخريب) معالم الحياة في هذة المحافظات وسحق آي (تطلع) لتحريرها في المستقبل، ان لم تعرقل كل من داعش والميليشيات كل امال المكون العربي بأن يجد محافظاته قد تحررت.
هذه هي الحقيقة بكل مرارتها، وما على قادة المكون العربي الا ان يختاروا بأنفسهم إرادة تحرير محافظاتهم واختيار (ساعة الصفر)، وبأسرع ما يمكن، إذ ان الاجواء المناخية الحالية، وحتى ما متوفر من اسلحة ومعدات، وخطط عملياتية ربما هي افضل بكثير مما لو تم الاستعداد للهجوم في أشهر مقبلة قد تطول، وقد تتعقد الاحوال أكثر، ولهذا فهم مطالبون بأن يجدوا حلولا عملية لأنفسهم، بالتشاور مع قياداتهم العسكرية، لانهاء الجدل بشأن المطلب الحيوي وهو تحرير محافظات المكون العربي من هيمنة داعش، وانقاذ اهالي تلك المحافظات من حالى التشرد والضياع التي يواجهونها، في وقت لابرى هؤلاء (باقة أمل) امامهم للخلاص من أوضاعهم المأساوية هذه، ان بقي تجاهل مطالبهم، بايجاد حلول (منطقية) لمحنة التشرد هذه في أسرع ما يمكن.