23 ديسمبر، 2024 12:17 ص

المباشر والضمني, قراءة في خطاب المرجعية

المباشر والضمني, قراءة في خطاب المرجعية

جاءت خطبة المرجعية اليوم الموافق 27/7/2018, متممة لرؤية المرجعية لإصلاح الوضع العراقي, كما أنها جاءت في وقت حساس جدا, كثر فيه اللغط والاتهام والتخوين وشق الصف الوطني, وكثرة التخرص من قبل أعداء العراق من أتباع الحركات المنحرفة والبعثيين وباقي المجاميع التي لا تريد للعراق خيرا, الذين اخذوا بضخ الإشاعات, وحملوا لافتات تسيء للمرجعية بغية إبعاد القاعدة عن قيادتها الروحية المعنوية.
ابتدأت المرجعية خطبتها الثانية والتي تلاها الشيخ عبد المهدي الكربلائي من على منبر العتبة الحسينية, بالإشارة للأوضاع الحالية, ومدى التأزم الذي يكتنفها, وأشارت إلى أنها كانت تقدر ما ستؤول إليه الأمور إن لم تتخذ خطوات جادة في عملية الإصلاح ومكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وأكدت المرجعية أنها لا تملك موقعا حكوميا أو سياسيا, وإنما كان نصحها للمسؤولين والمواطنين على حد سواء, من باب موقعها المعنوي الذي تحظى به لكي لا تصل الأمور إلى الحالية المأساوية الآن.
ذَكّرَت المرجعية بموقفها والنصح الذي قدمته مرارا وتكرارا, لكبار المسؤولين بأن يعوا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم, وأكدت عليهم على نبذ الخلافات المصطنعة بينهم, وان هذه الخلافات ليست لمصلحة الوطن بل لحسابات شخصية وفئوية.
وقد نبهت المرجعية لموقفها قبل ثلاث سنوات وتحديدا بتاريخ 8/7/2015 في خطبة الجمعة وقتها, حينما دعت رئيس الوزراء العبادي للضرب بيد من حديد على كبار رؤوس الفاسدين, وكذلك نبهت إلى إن الذين يمانعون من الإصلاح ويراهنون على أن تخف المطالبات, عليهم أن يعلموا أن الإصلاح ضرورة لا محيص عنها, وان المظاهرات وان خفت في فترة ما فإنها ستعود في وقت آخر بأقوى وأوسع من ذلك بكثير ولات حين مندم.
وأيضا أشارت المرجعية إلى نصيحة للمواطنين في أن يعملوا للتغيير كلما حل موعد الانتخابات النيابية والمحلية, لان التغيير لا يحصل إلا على يد المواطنين, وان المشاركة الواعية المبنية على حسن الاختيار للكفوء والمخلص والنزيه والمستعد للتضحية في سبيل الوطن هي الطريقة المثلى للإصلاح المنشود.
ركزت المرجعية على إن الإصلاح يبدأ بتغيير قانون الانتخابات, وكما ذكرت –المرجعية- سابقا أن قانون الانتخابات يجب أن يراعي العدالة في احتساب أصوات الناخبين وان تكون مفوضية الانتخابات مستقلة وبعيدة عن المحاصصة.
استمرت المرجعية بطرح المضامين البناءة واحدة تلو الأخرى بصورة مباشر وجلية ومنها:
أن الأمور لم تسير بما تمنته المرجعية.
2- أحوال المواطنين والخدمات لم تتحسن بل ازدادت سوءا.
3- ما يحدث الآن في البلد هو نتيجة طبيعية للفساد المستشري وسوء الإدارة.
4- رفض الاعتداء على المتظاهرين وعلى القوات الأمنية والممتلكات العامة على حد سواء.
5- عبرت المرجعية عن بالغ أسفها لما وصل عليه الحال.
6- وضع خطط واليات عمل لشكل الحكومة القادمة, بدءا بالإسراع بتشكيلها, انتقالا إلى اختيار رئيس وزراء قوي وشجاع وصارم في محاربة الفساد, انتهاءاً باختياره كابينة وزراية مستقلة وكفوءة ويتحمل هو مسؤولية حكومته.
ومن خلال ما ورد في الخطبة لهذا اليوم نستطيع أن نشخص بعض المضامين الضمنية ومنها.
عدم الاستماع للنصح المرجعي لا من قبل السياسيين ولا المواطنين أنفسهم, وكلاهما يتحملان مسؤولية الفشل.
الدعوة للإسراع بتشكيل الحكومة, وقطع الطريق أمام من دعا للتريث بتشكيل الحكومة وتأجيلها.
غمز رئيس الوزراء بأنه ضعيف وغير مؤهل لقيادة المرحلة السابقة.
إنهاء احتكار رئاسة الوزراء من قبل حزب الدعوة.
إصرار الكتل على طريقتها في إدارة البلد, سيفضي إلى اقتلاع هذه الكتل من جذورها بتصعيد وسائل الاحتجاج.
دعوة المواطنين لتغير أساليبهم الاحتجاجية بقيادة الخيرين في حال فشل الحكومة السابقة, يُلمح منه إلى إمكانية تدخل المرجعية المباشر في قيادة الحراك الجماهيري كما حدث في فتوى الجهاد الكفائي.
تحديد ملامح شخصية رئيس الوزراء المقبل, بأن يكون قوي وصارم ويشن حرب بلا هوادة على الفاسدين.
دعوة جهاز الرقابة المالية للتحقيق في الحسابات الختامية السابقة, إشارة لفساد حكومات ما قبل العبادي, وإنها سبب الفساد, وهي أيضا إشارة إلى قطع الطريق على المالكي وإياد علاوي والجعفري للعودة للحكم.
رفض المرجعية لامتيازات بعض الفئات الخاصة المستفيدة من قرارت الحكومة, كتعويضات البعثيين والفدائيين, وكذلك قانون رفحاء وما شابهه.
إعادة النظر بمنظومة القوانين العراقية النافذة.
الدعوة لان يكون القضاء نزيه وقوي ومستقل.
في نهاية بيانها, شددت المرجعية على أن يكون مجلس النواب القادم صارما وفاعلا في تطبيق الإصلاح, لان عدم تطبيقها سيفضي لما لا يحمد عقباه.
منهية كلامها بالتحذير من صورة المشهد المستقبلي في حال لم تطبق أي إصلاحات أو إجراءات عملية لتغير الواقع, حيث ختمت كلامها بالقول: “وعندئذ سيكون للمشهد وجهٌ آخر مختلفٌ عما هو اليوم عليه، ولكن نتمنى أن لا تدعو الحاجة إلى ذلك ويغلب العقل والمنطق ومصلحة البلد عند من هم في مواقع المسؤولية وبيدهم القرار ليتداركوا الأمر قبل فوات الأوان, والله المسدد للصواب”.