18 ديسمبر، 2024 11:38 م

المبادرة الروسية وراءها جندي مجهول اولاعب محترف ؟

المبادرة الروسية وراءها جندي مجهول اولاعب محترف ؟

روسيا سجلت بعصا سحرية صعودا لافتا الى دائرة الاضواء الباهرة بعد نجاحها في نزع فتيل حرب عالمية ثالثة ودخولها حلبة ترتيب الاوراق الدولية مع واشنطن بشكل اثار عدم ارتياح اقرب شركاء امريكا كفرنسا التي حاولت طرح مبادرة جديدة بشان التحشيد الغربي ضد سوريا  في مجلس الامن الدولي بعد موافقة واشنطن على الطرح الروسي. وتشير القرائن والمؤشرات السياسية ان موسكو لم تكن وحدها في قيادة سفينة النجاة الدولية هذه سيما مع وجود لاعبين مهمين في المنطقة وفي ظل قناعة بانه لايمكن نفخ روح الحياة في هذه المبادرة دون ان يكونوا على تماس بها او ربما كانوا شركاء فيها او ربما كانوا هم الواجدين لها . اثارات مهمة يجب التوقف عندها في وقت جعلت فيه موسكو العالم يتنفس الصعداء بعد ساعات حرجة وضع خلالها المجتمع الدولي يده على قلبه مخافة ان تنفلت الامور وتحدث حربا مدمرة تاكل الاخضر واليابس. كما قلنا في العنوان بان ماجرى ويجري وراءه جندي مجهول وهذا الجندي المجهول هو الذي هيأ المسرح الدولي لطرح المبادرة الروسية الاخيرة ولايمكن التعريف به الا بالقول انه  لاعب جديد خرج من حروب مدمرة مع النظام الدولي بقيادة امريكا . لاعب لم يكترث بكل تهديدات واشنطن وصواريخها عابرة القارات وسمومها النووية حيث استغل حماقات واشنطن ومحاولاتها اللعب بمقدرات ومصير العالم من اجل سواد عيون الكيان الصهيوني اللقيط ولوبياته التي تحكم امريكا وفرنسا وبريطانيا .هذا اللاعب لم يضع نفسه في لعبة الشطرنج الاعندما هم حاولوا متوهمين اخافته. والقصة مع شهرزاد تبدأ عندما زار هذا الجندي المجهول  سلطان عربي خليجي محملا برسائل امريكية تطالبه بالكف عن دعم دمشق والوقوف متفرجا مقابل محفزات ترتبط ببرنامجه النووي ورفع الحصار الاقتصادي عنه. هذا اللاعب الذي خبر العقل الامريكي اكثر من الرئيس اوباما حمّل رسولهم هذا رسائل مقابلة تتوعد برد موجع لكل خارطة التواجد الامريكي في المنطقة اذا ما تجرؤا على مس شعرة واحدة في راس الوطن السوري . بل وحمّله رسائل رمزية الى مجاوريه في مجلس التعاون الخليجي بان الجميع في مرمى النيران الصديقة . ومن يتابع الاعلام يجد ان هذا التهديد نُسب في ذلك الوقت الى موسكو حيث قيل بان روسيا هددت بضرب السعودية اذا ما ضربت سوريا .ويبدو ان السلطان العربي المرسل اوصل الرسائل الى صناديق بريدها بدقة متناهية دفعت عواصم القرار الغربي لان تحاول من جديد اعادة اللعبة وهذه المرة عبر الخبير الامريكي المتخصص بالشؤون الشرق اوسطية السيد جيفري فيلتمان الذي زار طهران باعتباره وكيل الأمين العام للمنظمة الدولية للشؤون السياسية وتحادث مع وزير خارجيتها محمد جواد ظريف الذي قالت بعض التسريبات الصحفية ان ظريف قدم له كشفا مثيرا بالمواقع الامريكية والصهيونية التي ستطالها ضربات الرد الموعود في حال تجرات واشنطن وعبرت الخطوط الحمراء في سوريا. وطار فيلتمان على عجل الى واشنطن ووضع ادارة البيت الابيض امام حقيقة اليوم الاسود الذي ينتظرها في حال جازفت بعمل عسكري ضد سوريا .بل والادهى من ذلك ان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى الايراني علاء الدين بروجردي قام ليلة الانذار الامريكي بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا بزيارة دمشق واطلق من هناك تصريحاته النارية حيث اعتبرت هذه الزيارة بتوقيتها ومضمونها اعتبرت بمثابة تحدي ايراني للولايات المتحدة حيث اعلن اوباما عن قرار جديد تمثل بضرورة استحصال موافقة الكونغرس الامريكي على الضربة العسكرية لسوريا رغم ان المتعارف عليه في السياسة الامريكية بان الرئيس الامريكي مبسوط اليدين في القيام باية مغامرة عسكرية تخدم المصالح الامريكية والصهيونية وليس من واجبه اللجوء الى الى الكونغرس الامريكي او اية جهة امريكية لنيل موافقتها بهذا الخصوص . والملفت ان بروجردي كشف بان طهران لايمكن ان تقف متفرجة على اي عدوان يطال دمشق بل ونسق مع الفصائل الفلسطينية في سورياالتي اطلقت هي الاخرى تهديداتها لواشنطن . وفي بيروت كانت محطة اخرى للتحرك الايراني حيث تم ايصال رسالة اخرى الى باريس التي تمادت في قرع طبول الحرب ضد دمشق حيث قام الرئيس اللبناني العميد سليمان فورا بزيارة عمل الى نيس الفرنسية ووضع القيادة الفرنسية هناك في اطار الجهد الايراني والمقاومة اللبنانية والفلسطينية بشان التحرك القادم للرد على اي عدوان يستهدف سوريا وحلفائها الاقليميين . وفي ضوء هذه الوقائع تناقلت المصادر الخبرية بما فيها موقع دبكا الصهيوني عما قالت انه مقترحات ايرانية تقضي بمطالبة سوريا نقل مخزونها الكيمياوي الى طهران ووضعه تحت اشراف الجيش الايراني واشراف روسي مشترك .وبالطبع فان هذا الطرح الايراني وبهذا السقف لم يكن مقبولا امريكيا ومن هنا تم التشاور الايراني الروسي السوري حول صيغة تبعد لهيب الحرب عن المنطقة حيث شهدت موسكو حضورا بعيدا عن الاضواء لنائب وزير الخارجية الايراني امير حسين عبداللهيان الذي شكل دعما للشريك السوري حيث تم التقاط اللحظة المناسبة لوضع موسكو في واجهة المبادرة وفي بداية مسار تصحيح الحالة الدولية واعادة صياغة الوضع الدولي من جديد بحيث تقر واشنطن بوجود شركاء اخرين في القطبية الدولية.بالمقابل فان موافقة واشنطن الخجولة والحذرة لم تات من فراغ بل ان بوتين ازاح الستار عنها عندما كشف بان التوافق الامريكي الروسي حول مبادرة موسكو الاخيرة قد تم خلال قمة العشرين وفي هذا اسقاط للمزاعم الامريكية بانها امام مبادرة مباغتة وانها تنتظر التفاهم حولها مع موسكو. وفي هذا ما يؤشر بقوة إلى أن الزعامة الأميركية للعالم التي ظهرت عام 1990 واستمرت على مدى عقدين من الزمن قد أخذت بالتاكل والتراجع ، وإلى أنها لم تعد قادرة على القيام بما كانت تقوم به سابقا.ويرى المراقبون ان التحدي الروسي والصيني لأميركا ظل مخففا وناقدا ، وتم التعبير عنه باشكال متعددة لدرجة الامتناع عن التصويت في مجلس الأمن.فيما واصلت روسيا سياستها في دعم النظام السوري ضد رغبة الولايات المتحدة، وعززت وجودها البحري في ميناء طرطوس، ونشرت اساطيلها في البحر الابيض المتوسط واستمرت في تزويد النظام بالسلاح ومن ضمنه صواريخ أرض جو المتطورة. وبالطبع لم يتردد الروس في توجيه العديد من الانتقادات اللينة واللاذعة للإدارة الأميركية بسبب ما تسميها سياساتها في الهروب من عقد مؤتمر جنيف اثنين. وعليه فان هؤلاء المراقبين يعتقدون ان تهديدات ايران لواشنطن لم تكن بمعزل عن تقارير استخباراتية امريكية تؤكد جدية هذه التهديدات التي وصفها المراقبون بانها أشبه ما تكون بمعادلة رياضية، أو على الأقل حسابات منطقية مبنية على معلومات، ولا بد أن أميركا تضع كل التطورات الجارية على الساحة العالمية وفي المنطقة العربية الإسلامية بحسبانها.بالمقابل تدرك روسيا وإيران ان مقابلة الاستعراض الامريكي بمثله سيبقي واشنطن ضمن حجم محدود ولكنه مزعج لها لكونها ترى انها سيدة العالم وان لا احد يستطيع التجرؤ عليها  ،.كما يدركان ان واشنطن ورغم كل طبول الحرب غير معنية بالتورط بحرب طويلة الأمد قد تستهلك معنوياتها ومعنويات الكيان الصهيوني معها، وعليه يبقى خيار مهم سياسيا وهو يتمثل في التقاط اللحظة الحاسمة لرسم المشهد الدولي المطلوب وتسجيل ((ضربة المعلمية )) في وقت يجعلان العالم مدينا لهما بوقف حرب ضروس ووقف تنين هائج يملك القوة ولكن لايملك العقل وبالتالي اخراج امريكا من دائرة القطبية الاحادية في قيادة العالم مما يعني بالمحصلة  أن على أميركا أن تهيئ نفسها لقبول شركاء جدد في صناعة القرار الدولي ومن هذه المعطيات يتبين لنا ان هناك دائما جنودا مجهولين يقفون وراء مبادرات دولية عظيمة ورائعة ولكنهم بالمقابل يكتفون بالاجرالمعنوي  بدلا من الوقوف تحت الاضواء الكاشفة .