تتداول الاقلام الفساد المالي في الحكومة والاحزاب والى اخر ذلك مما لا حصر له . ةواحد اكثر المساهمين في كشف الارقام الكاتبة هايدة العامري والاعلامي انور الحمداني ، ولان الاثنين انبريا لهذا النمط من الجهد فانه اصبح هناك من يتبرع لايصال معلومات منتقاة لهما فيسارعان الى نشرها دون تحقيق في دقتها او نوايا من زودهم بها لافتقادهما الى ادوات التحقق منها . وهما في ذلك ساهما في فضح الزعيم الفلاني والسكوت عن الزعيم الاخر . ولو رصدنا ما تناوله الاعلام من فساد لوجدنا ان هناك استغلال سياسي وتوظيف المعلومة لهذا الغرض.
لا نختلف في وجود فساد في العراق تساهم فيه الزمرة الحاكمة بتعدد طيفها بحيث اصبح العراق واحدا من اكبر بلدان العالم فسادا ، ولكن القضية التي تواجهنا كيف بدأ هذا الفساد وما اسبابه وكيف يعالج؟. چ
ليست لدي وصفة سحرية ،ولا لغيري ،بل ان الاصلاح ربما يحتاج الى جيل كامل . ولكني اريد التطرق الى جانب منه وعسى ان تثري الاقلام جوانب اخرى.
خاض العراق عملية سياسة تحت مظلة امريكية دون وجود قانون ينظم عمل الاحزاب ، هنا ظهرت مشكلة ان العمل السياسي كلفته عالية ، والعراق بلد فقير ولا يستطيع اي حزب ان يعتمد على مدخولاته . والحملات الانتخابية والعمل العلني يحتاجان الى اموال طائلة ،فمن اين ياتي المال لهذه الاحزاب. ؟
كانت الخطيئة الاولى ان توجهت هذه الاحزاب تطلب دعما خارجيا ، ونجحت الى حد بعيد ، فمولت دول عدة احزاب العراق . ولا نعتقد ان ذلك كان بل ثمن. واثرى بعض الزعماء ثراء فاحشا بينما بقي اخرون يعيشون اما من راتب تقاعدي او ايراد بسيط يأتيهم والامثلة اكثر من ان تحصى .
ثم ان السلطة اعطت الفرصة وخاصة في المراحل الاولى لكسب ثروات هائلة دون رقيب او حسيب وبرضا او غض بصر امريكي استفاد منها من استفاد وتنزه عنها من تنزه فاما من استفاد فاصبح من اصحاب الملايين بعد ان لم يكن شيئا . ولا داعي لذكر الاسماء فيكفي ان يراجع كل منا تاريخ الحفاة العراة من السياسيين الذين اصبحوا يتطاولون في البنيان.
وسرعان بدأ الذين انتفعوا من المال بتشكيل احزاب وكتل جديدة وجدت لها مكانة في الساحة السياسية فزادتها فسادا .
ان من مظاهر الفساد ان الحكومات المتعاقبة لم تقدم حسابات ختامية بسبب جوانب من السرقات لم يستطع احد تغطيتها .
وان الحكومة الحالية غطت على من سبقها. فلم يذكر شيء عن موازنة عام ٢٠١٤ والتي وصلت السرقات فيها ، او لنقل تجاوزا الصرف بخلاف القانون ، اعلى المستويات والى حد ما فان موازنة ٢٠١٣ تقاربها فسادا
لذلك لا نستغرب ان قال قائل ان المالكي مول حرب بشار الاسد ضد معارضيه من الموازنة العراقية ولا نستغرب ان تنشر وسائل اعلام غربية ارصدة اقطاب كبار في الدولة ثم لا تهتم هيئة النزاهة حتى بمجرد فتح تحقيق اولي في الموضوع .
كيف يكون الحل ، اتقدم بافكار عسى ان تجد طريقها الى السياسين فيعتمدوها والى المواطن فيناقشها :
١- ايجاد نظام يتم فيه تمويل الاحزاب من الدولة في نشاطها العام وفي حملاتها الانتخابية وان يكون ذلك النظام سخيا يراعي المهمات التي تضطلع بها تلك الاحزاب او الكتل . وتجربة اقليم كردستان رائدة في هذا المجال .
٢- استعداد المستفيد للخضوع للمسائلة عن كل ما سبق ان استحصله من المال العام اما ما سبق اخذه من دولة ما فيما مضى فيسكت عنه .
٣- خضوع الاحزاب الى بيان الذمة المالية وخضوع حساباتها للتدقيق من مكاتب المحاسبة القانونية المعتمدة اسوة بالشركات .
٤- حق الاحزاب في تشكيل شركات تجارية تابعة لها
٥- لغرض تمويل الاحزاب تفرض ضريبة على رجال الاعمال والمقاولات لصالح القوى السياسية وفي صندوق خاص . ويقابل ذلك اعطاء الاولوية لدافعي الضريبة بالحصول على الاعمال .
هنا فان رجل الاعمال يساهم في دعم العملية السياسية لا بتخريبها من خلال التحكم بحزب او زعيم ، وثم لن نحمل المواطن العراقي عبيء تمويل الاحزاب.
٦- يمنع التمويل من خلال الدول الخارجية باي شكل من الاشكال تحت مسائلة قانونية وهيئة رقابة حزبية ومهنية .
اخيرا اقول ان نموذج الرقابة الذي اعتمده العراق اثبت فشله اذ ان المستقل لا وجود له ، وان وجد فهو ضعيف جبان، وان كان شجاعا وقع في التهلكة . فلا بد من الاستعاضة بنموذج الرقابة الشعبية او الحزبية بديلا عن الرقابة المهنية التي لا وجود لها .