في 13/7/2012 ذهب رئيس وزرائنا المحترم مع وفد مرافق له إلى رئيس برلماننا المحترم أسامة النجيفي وكانت الغاية من هذا التلاقي بين (رجالات الدولة) تقديم التعازي. المتوفي هو …. والدة …. زوجة …. رئيس البرلمان. أنها ليست نكتة أو خطأ ورد في الخبر, إذ قد يظن البعض انه ذهب لتعزية احد ذوي ضحايا الإرهاب أو لفقدان عالم أو مفكر عراقي, وقد يكذب البعض هذا الخبر من باب أن رئيس وزرائنا المحترم ليس لديه الوقت الكافي لإضاعة الوقت في تقديم التعازي, ولكن هذا مؤكد. ومن هنا وبغية تنظيم مثل هذه القضية الهامة نقترح على رئيس وزرائنا المحترم أن يشكل هيئة بقرار من مجلس الوزراء تختص “بتقديم التعازي” لذوي الدرجات الخاصة ممن يسكن المنطقة الخضراء لاسيما من كان في إحدى السلطات الثلاث ممن توفى له قريب حتى الدرجة الرابعة. و هذه الهيئة ستغني رئيس وزرائنا المحترم من عناء الذهاب و توفير الوقت الكافي, وإلا فيمكنه أن يقوم بهذه المهمة بنفسه, لأن التعازي تكون حقيقية عندما تكون مباشرة كما أن (الأجر و الثواب) يكون أعلى مرتبة في هذه الحالة خصوصا وأنها تعازي من رئيس الوزراء, فالآخرة تحتاج إلى الأعمال كما تحتاج الدنيا, ولاسيما إذا تمت في أشهر عظيمة مثل رجب و شعبان و أمثالها من الأشهر, وقدمت إلى أصحاب الدرجات الخاصة مثل رئيس مجلس النواب.
لاشك أن مثل هذا العمل سيبعث بشعور الأمان لدى الشعب العراقي إذ مادام رئيس وزرائنا المحترم قد وجد الوقت الكافي للتعازي فان هذا يعني انه أنهى مهامه الوظيفة في إدارة الدولة و أن جميع المشاكل قد تم حلها .
ماتم تداوله بعد التعازي انه حصل الصلح بينهما , فقبل ذلك كان الخلاف قائما حتى يوم التعزية, و هذه فائدة للتعازي لاتقابلها فائدة أخرى , فما عجز عنه الدستور و القانون لحله تقوم التعازي بحلها, و من هنا فان ذلك يسجل لصالح الحكومة كاختراع جديد لها في السياسة من حيث إدارة الأزمات يضاف إلى اختراعاتها الأخرى ,و طرح نظرية جديدة مفادها أن رجل السياسة أكثر استعدادا لحل الخلافات و التوصل إلى الحلول الوسط عندما يتوفى له احد أقاربه حتى الدرجة الرابعة , و هي مستمدة من الطريقة التي كان يتبعها المماليك الأوربيين في العصور الوسطى, إذ تتم الزواجات فيما بين الملوك المتصارعة لإنهاء الحروب و الأزمات القائمة.
إن ماحصل في العراق تطوير لتلك النظرية الأوربية, مع فرق أنهم استخدموا الزواج و نحن نستخدم الوفاة. و لابأس بتصدير هذه النظرية إلى الدول الإسلامية ممن لاتجد لأزماتها حلولا.علما أن هذه النظرية لم ترد من الفراغ إنما نتيجة جهود و تجارب سياسية سابقة, فقد كانت تتم عملية الصلح بين السياسيين العراقيين عبر الزيارة الرسمية فيما بينهم, كما هو الحال عندما يزور رئيس دولة ما لرئيس دولة أخرى, لذا فان نظرية “تقديم التعازي لحل الأزمات” هي مخاض تلك التجارب و تطور لها, و قد تعمل الحكومة العراقية بواسطة هيئة “تقديم التعازي” على تطوير هذه النظرية السياسية لتشمل حل الأزمات الدولية فضلا عن الوطنية , و تعديلها و جعلها متلائمة مع الدول غير الإسلامية .
و على ذات السياق يمكن أن نضع نظريات أخرى تحمل بعدا روحيا أكثر عمقا تساعدنا على وضع الحلول لازمانتا, و هذا ما دعا إليه الحزب الإسلامي بعد تلك الخطوة المالكية الذي حث الأطراف السياسية على “اغتنام حلول شهر رمضان للم الشمل و تجاوز الخلافات و تحقيق الوئام ” , و هذه طريقة أخرى تضاف إلى تقديم التعازي في حل الخلافات, و قد تحتاج إلى بعض الوقت لتفعيلها.
و يمكن القول أن العراق اليوم لايحتاج في هذه المرحلة إلا أن يكثر التعازي و الفواتح لحل مشاكله و أزماته أو انتظار احد الأشهر الفضيلة. لذا ندعو إلى إلغاء الدستور و القوانين ذات الصلة, مادمنا قد وجدنا الواسطة التي تنهي مشاكلنا بعيدا عن تعقد الروتين و ضياع الوقت, و ليس مطلوبا من العراقيين عند حدوث الخلافات أو الأزمات السياسية إلا أن يرفعوا أيديهم بالدعاء لموت احد أقارب رؤوساء الكتل السياسية. و في حالة عدم الاستجابة فيمكن أن يتجه الشعب إلى صلاة شبيهة بصلاة الاستسقاء عند انحسار المطر ,ثم الانتظار لحين إعلان وفاة “أحدهم” لتكون البشرى للعراقيين.