لا يترك المالكي مناسبة او خطاباً الا ويُظهر فيهما بغضه وكرهه الشديد للبعث والنظام البائد خصوصاً اذا كانت هذه المناسبة أو ذلك الخطاب في وسط عشائر الوسط والجنوب الذين اكتووا بنار البعث والديكتاتورية اللذان غيبا اجساد ابنائهم في المقابر الجماعية وتحولت تلك الاجساد الطاهرة بفعل الزمن الى جماجم وعظام تستصرخ ضمائر شرفاء العراق وتنتظر كل من استثمر تلك المجازر وذلك الظلم والاضطهاد وأعتلى بسببهما أو من خلالهما عرش السلطة والحكم في أن يفعل كل ما عليه فعله في الاقتصاص من القتلة ومن كل من سهل لهم واعانهم ومهد لهم سبيل الشر والشيطان وكل من عمل كأداة من ادوات الطاغية في تنفيذ جرائمه وبرامجه التخريبية وان يعزل كل من كان جزءاً من المنظومية البعثية الفاشية التي أحرقت الاخضر واليابس وتركت البلاد تعوم في بحر من الدماء والماسي والكوارث والتخلف المخيف عن ركب العالم ، حيث لم تكتفي هذه المنظومة السرطانية بقتل ابناء العراق بطرق وحشية بل عملت على تدمير البنى التحتية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وأدخلت البلاد في حروب ومتاهات كارثية سيظل هذا البلد يعاني من تبعاتها الثقيلة ويدفع ثمنها الباهض لاجيال وعقود كثيرة ، لقد كان في وصول حزب الدعوة الى قمة السلطة وتوليه لمنصب رئاسة الوزراء الكثير من العزاء والمواساة لتلك العوائل الشريفة التي فجعت بأبنائها عندما قدمتهم قرابين على مذبح حرية البلاد وتحررها من أبشع نظام شهدته البشرية فقد اعدم من اعدم بسبب انتماءه لهذا الحزب وبسبب الاشتباه في انتماءه اليه والصقت تهمة حزب الدعوة بالعدد الاكبر من معارضي تلك السلطة الغاشمة وكل من اكتشفوا فيه عدم الولاء أو تفوه بكلمة او مُزحة أزعجت ذلك النظام ، وكان أهم نشاط لاعضاء البعث واكثرها خطورة هو النشاط الامني والتجسسي على الابناء البررة للشعب وكتابة التقارير القاتلة والمدمرة التي تسببت بكل تلك الجرائم وأفضت الى ما وصلنا اليه من حال واحوال ، وبالتالي فان أغلبية الشهداء كانوا من أنصار حزب الدعوة شاؤوا أم رفضوا وسواء كانوا من انصاره بالفعل أم ان توجه البعث كان باتجاه استئصال شأفة المعارضين والمناوئين بطريقة الصاقهم بهذا الحزب واتهامهم بالولاء لايران ، وهذا ما جعل ذوي ضحايا البعث يحملون حزب الدعوة ورئيسه أعباء كبيرة ومسؤوليات جسيمة تجاههم في توجيه السهام المباشرة الى منظومة البعث المجرمة واطلاق حملة ذكية لاقتلاع جذورها السامة من جسد العراق خصوصاً وان الدستور اشار الى ذلك وأنشأ هيئات لعزل خلايا البعث السرطانية عن نشاط الدولة بهدف فتح صفحة جديدة في تاريخ العراق خالية من المجرمين ومن جميع اعضاء البعث بكل درجاتهم الحزبية باعتبارهم َخدمَ وادوات تلك المنظومة التدميرية ، وأنشأ الدستور بالمقابل مؤسسات لانصاف ذوي الضحايا الشهداء وتعويضهم عن بعض معانانتهم المادية والمعنوية وهذا يعني ان رئيس الوزراء لديه ما يدعمه دستورياً وقانويناً للبدء بعملية استئصال فكرية وعملية لجرثومة البعث ولو بطريقة التدرج والتأني وعدم التسرع لان الجذور اصبحت عميقة واستفحل المرض واشتد تأثيره بسبب الفترة الزمنية الطويلة التي قضاها وهو ينخر في جسد البلاد والعباد ، وبعد كل ذلك الشعور بالتفاؤل والامل اصيب ذوي الشهداء والمناضلين بالصدمة والصاعقة التي لم يستطيعوا استيعابها او تقبلها باي شكل من الاشكال لعدم منطقيتها ولانها تتناقض مع كل تاريخ حزب الدعوة المليء بالنضال والتضحيات الجسام ومع كل تاريخ حزب البعث واعوانه المليء بالجرائم والتخريب المنظم ، فقد عقد المالكي وهو رئيس الوزراء وزعيم ذلك الحزب المناضل اتفاقاً غير معلن مع أعوان البعث وذيوله يقضي بتقلدهم المناصب الحساسة والرفيعة في اجهزة الدولة التنفيذية والقضائية تحت ذريعة الحاجة الى خبرات وممارسات هؤلاء في المرحلة الحالية مقابل حماية السلطة القائمة والدفاع عنها بكل الوسائل التي خبرها ومارسها أفراخ البعث في السابق للحفاظ على سلطة صدام واستبعاد اصحاب المباديء والقيم الذين حاربوا تلك السلطة الغاشمة لانهم في نظر المالكي وزمرة البعث لا يفهمون شيئاً من فنون السياسة والاعيبها ومؤامراتها ودسائسها ولان لغة المباديء والصدق والامانة لا تنتج الا سلطات ضعيفة وفقاً للنظرية الميكافيلية وهكذا كان تنفيذ هذا العقد غير الرسمي والواضح المعالم بكل مفصل من مفاصل الدولة الفتية وفي المؤسسات والاجهزة الامنية على وجه التحديد وهي الاخطر والاهم في هيكل الدولة فقد امتلأت هذه المؤسسات والاجهزة بأسوأ ما انتجته المؤسسة الامنية السابقة من ضباط متمرسين على التسلق والتملق والانتهازية والنصب والاحتيال وكان تاريخهم مليء بشارات الحزب وانواط الشجاعة وعندما قامت هيئة اجتثاث البعث بواجبها الذي يفرضه القانون وشملتهم بالاجتثاث سارع المالكي باستثنائهم من هذا الاجتثاث دون ان يمرر هذا الاستثناء على مجلس النواب ليقول الشعب كلمته فيهم وبقي هؤلاء جاثمين على صدر المؤسسة الامنية يعبثون فيها كما يشاؤون ويقررون ما يريدون وهم يعلمون جيداً ان اقناع المالكي بتوجهاتهم وخططهم امر سهل ويسير بسبب انعدام خبرته العسكرية وبسبب قدرتهم وتمرسهم على اقناع الاخرين بان اللون الاسود هو أبيض وبالعكس وهذا ما فعلوه بقائدهم المقبور صدام ثم تركوه وحيدا في ساعة الشدة ليعودوا مرة اخرى يلعبوا ذات اللعبة مع سيدهم الجديد وليعقدوا معه زواج متعة طويل الامد سينتج عنه اوضاع كارثية كالتي يشهدها بلدنا وشعبنا هذه الايام من تدهور وانزلاق امني مخيف وشرخ سياسي وطائفي خطيران وفساد مستشري لا يعلم الا الله حجمه ومداه . وفي الوقت الذي يلعن فيه المالكي البعث بكل حماس وشدة في خطبه الرنانة فهو يغدق على ازلام البعث وافراخه في الاجهزة الامنية ويضمهم بين جناحيه ويحذر كل من يمسهم ويجرح مشاعرهم بسبب اخفاقاتهم وخيبتهم في السيطرة على الارهاب والارهابيين وهو يعلم علم اليقين ان ولاء هؤلاء لجيوبهم ومصالحهم الشخصية ويعملون لمن يدفع اكثر كما تعمل المرتزقة وبسبب ذلك فانه لا يضمن ولائهم ولا يضمن ارتباطاتهم .
ان زواج المتعة بين المالكي والبعث لا بد وان ينتهي بعد ان ثبت فشله الذريع في تحقيق الاستقرار الامني والسياسي ولا بد ان يكفر المالكي عن هذا الخطأ الجسيم ويفتح ابواب الدولة على مصراعيها لابناء العراق الشرفاء والنجباء الذين ضحوا بالغالي والنفيس وقدموا القرابين والشهداء لينال العراق حريته ويملك حركته باتجاه التنمية والعمران واحترام حقوق الانسان واقامة علاقات مصالح مع جميع الدول تقوم على اساس احترام السيادة وتبادل المصالح وبغير ذلك فاننا لن نخرج من هذا النفق المظلم الذي ادخلنا فيه البعثيون وليس غيرهم بمؤامراتهم ودسائسهم ولن يخرجونا منه ما داموا يتربعون على كراسي السلطة والحكم في دولتنا الفتية .