23 ديسمبر، 2024 8:24 ص

المالكي وبرزاني ونباهة الاستثمار السياسي …

المالكي وبرزاني ونباهة الاستثمار السياسي …

 لست بصدد تقييم المشروعين السياسيين لمجاهدي خلق وحزب العمال الكردستاني الموجودين على ارض الواقع في الساحة العراقية ولكن يمكن القول بقراءة اولية مبسطة انهم معارضين لحكوماتهم وما من شك انهم ليسوا صيدا سهلا للاجهزة الاستخبارية لبلدانهم وهي تجوب ارض العراق شمالا وجنوبا وهم صامدون في مقراتهم المعروفة للقاصي والداني, وخلاصة القول انهم اصحاب قضية ومعارضون اشداء يشكلون ضغطا لايستهان به على حكوماتهم.
 لنبتدأ بالبارزاني قبل عام ونيف كان زمام المبادرة في المنطقة بيد انقرة وهي تملك علاقة متميزة مع بغداد مبنية على زهو التبادل التجاري بين البلدين على الرغم من تحفظ طهران عليها, وانقرة تدك القرى الكردية بالطائرات وحكومة بغداد تغض الطرف بحجة ان تدمير معاقل حزب العمال الكردستاني المنتشرة عناصره بين جبال ووديان كردستان العراق امر مقبول, ولكن القيادة الكردية تنبهت للامر وبدأت تبحث عن تغيير ميزان القوى لصالحها وبدهاء  بارزاني ومعاونيه بدأت خيوط اللعبة الذكية تمكنه من اخذ تفويض من حزب العمال الكردستاني الى انقرة ليقايضها بما يلي:
1- ان العلاقة بين انقرة وبغداد تمر عبر بوابة اربيل.
2- كسر الحصار الذي فرضته حكومة المالكي على تصدير النفط الكردستاني خارج سياقات (سومو).
3- تشجيع الاستثمار العمراني للشركات التركية في اقليم كردستان.
بالمقابل تتعهد اربيل ترويض حزب العمال الكردستاني وعقد هدنة بعيدة المدى بين الحزب وانقرة.
 لم يكتفي بارزاني اللاعب العنيد الا ودرس بوصلة الربيع العربي بوقت مبكر وعرف ان الدور القادم هي سوريا لذلك سارع لجعل العلاقة مع اكراد سورية اكثر فاعلية بل تعدى الامر الى استقدامهم وتدريبهم في اربيل ليستثمر الصدارة في صنع القرار القادم , وها هي انقرة تحط الرحال في اربيل لانها تعرف جيدا ان مستقبلها الامني الداخلي بحدودها المترامية الاطراف مهدد الا في حالة ارضاء البارزاني للتوسط  والتهدئة بينها وبين حزب العمال الكردستاني  (بككا) واكراد سوريا.
ناهيك عن اطماع بارزاني بمساعدة اكراد سوريا لتأسيس دولتهم سواء باستنساخ التجربة العراقية باقليم كردستان ضمن سوريا الفيدرالية القادمة او دولة كردية يتمكن البارزاني من خلالها الوصول الى البحر المتوسط ليكون لاعبا نفطيا بلا حصار من جيرانه.
 اما في الشان الداخلي فيمكننا القول ان اربيل لها سبق الريادة في صنع القرار السياسي الداخلي سلبا او ايجابا والضغط على الخصوم وترويضهم بل وتدجينهم وهم اصحاب المقاعد القليلة في البرلمان العراقي اذا اخذنا بنظر الاعتبارعدم توافق المعارضة الكردية مع سياسة برزاني في داخل الاقليم.
وبذلك يجدر بنا القول الى تسمية اربيل العاصمه السياسية لازمات المنطقة منها تحاك المؤامرات وبها البحث عن الحلول.

اما المالكي وكابينته السياسية فليس لهم رؤى متطلعة لسبق الاحداث او استخدام الاوراق الضاغطة لان الكل من حوله مبتدئا في عالم السياسة ولاوجود لمستشارين مهنيين لهم الخبرة والدراية لصنع القرار ويمكننا قراءة الماضي القريب على عجالة بما يلي:
1- ان حكومة المالكي بمستشاريه الامنيين المتعاقبين موفق الربيعي وفالح الفياض انهم فشلوا تماما في استخدام ملف مجاهدي خلق كورقة ضاغطة على طهران لتوقفها عن العبث بمفردات العمل الاداري والسياسي للدولة العراقية وليس في الامر من خفاء الا الامتثال لاوامر طهران واصبح الشغل الشاغل لحكومة المالكي تفتيت هذه المنظمة في العراق ارضاءا لحكام طهران وبدون مقابل وان مستشاريه الامنيون يتلقون اوامرهم من طهران دون المالكي بهذا الشان وهنالك سؤال افتراضي في خضم التطورات والاستبدالات للنظم السياسية في المنطقة.
ماذا نكون فاعلين لو ان التغيير حدث في ايران واصبح مجاهدي خلق حكاما لطهران؟
2- ان المراقب السياسي للشان العام لايرى اية قناة مفتوحة بين الحكومة العراقية وحزب العمال الكردستاني ليتمكن صانع القرار في بغداد بجعلها ورقة ضغط على انقرة ولو بشربت ماء في دجلة والفرات.
3- كان على المالكي ان يتعلم الدروس من خصمه اللدود البارزاني  بشان العلاقة مع اكراد سوريا ليصبح جزءا فاعلا في القرار الدولي والمساهمة في رسم الخارطة الجيوسياسية القادمة , فعليه مراحعة سياسة الحكومة بشان الوضع في سوريا والوقوف الى جانب الشعب السوري وقادته الجدد دون الرهان على الحصان الخاسر.وكذلك يستنسخ تلك التجربة (اي تجربة البارزاني) ليمد جسور العلاقة الطيبة مع عرب الاحواز لانهم سكان الدولة العربية القادمة على ضفاف شط العرب والخليج العربي للخارطة الجديدة للمنطقة لنتخطى معضلة التالوك في القادم من الايام.