18 نوفمبر، 2024 5:54 ص
Search
Close this search box.

المالكي والورطة الأمنية  !

المالكي والورطة الأمنية  !

 يبدو أن صورة رجل الدولة القوي والحازم والمسيطر على مجريات الأمور التي انطبعت في أذهان الناس عن السيد رئيس الوزراء قد أصبحت شيئا من الماضي !! ..فالرجل يتلقى الصفعات تلو الصفعات من التنظيمات الإرهابية وهي تضرب بوحشيتها الاجرامية المعهودة يمينا وشمالا في الامكنة والاوقات التي تختارها وبمطلق الحرية وبكل أنواع الفتك من الكواتم وحتى السيارات المفخخة مرورا بالصواريخ والعبوات والهجمات المسلحة عالية التنظيم والتي لا تخلو من خبرات عسكرية متخصصة واضحة تماما ..
   انا أحد الذين كفوا السنتهم واقلامهم عن نقد الحكومة ورئيسها انتظارا للـ (فرج ) وحملا على محامل حسنة مع وعينا لثقل التكليف على عاتق الرجل وكثرة الخصوم من الاقربين والابعدين وتعقيد الحالة العراقية التي تشابكت خيوطها مع تشابك مصالح الاحزاب الحاكمة ومصالح من يحركها داخليا وخارجيا ، ومع أدراكنا لكون العراق اكبر جبهات الصراع الاقليمي والدولي للقوى التي تفوق قدراتها العسكرية والتنظيمية والسياسية قدرة هذا البلد المنكوب الذي خرج من دائرة الفاعل الى دائرة المفعول منذ عقود !!  ولكي لا نصطف مع البعثيين وايتام صدام والاعراب الحاقدين على شعب العراق ..
    ولكن مع كل هذا يرفض عقلي البسيط أن يقبل فكرة أن هذه الاعذار و(المناقب) تبرر للحكومة ومسؤوليها هذا الفشل الذريع على جميع الصعد الامنية من مرحلة جمع المعلومات الاستخبارية وحتى مرحلة التحرك الرادع  !!
 عادة ما نسمع في مثل هذه الحالات مقولات مللنا من سماعها ولكنها تخرج علينا بنفس النسق الرتيب  من افواه السياسيين والمحللين و(خبراء) الشان الأمني .. لماذا نلقي اللوم دائما  على تقاعس العناصر الامنية في السيطرات ؟!  لماذا نكرر مقولات فشل اجهزة كشف المتفجرات ؟! ونلقي باللوم على ضعف الجهد الاستخباري ؟!  هذه الامور ليست هي اسباب الفشل الحقيقية  بل هي أجزاء بسيطة من صورة الفشل الكبرى التي يراد تعمية الابصار عنها بتسليط الضوء على هذه القضايا ..
     لماذا لا نقولها بصراحة ..ان هناك فشلا حقيقيا  في ادارة الملف الامني من قبل السيد القائد العام للقوات المسلحة ..وان الرجل لا يستطيع ادارة المعركة وان قيادات القوى الامنية والعسكرية يستهينون به ولا يقيمون له وزنا … عندما كان صدام يلقي بالجيش في اتون المعارك كان القادة العسكريون يرتعبون من سماع اسمه .. لانه لم يدع لهم مجالا للراحة ..كانوا يخرجون من معركة ليدخلوا في اخرى ..وكان لا يتسامح مع الخطأ … اذ ان ابسط الاخطاء أودت بحياة الكثير من الضباط  الكبار الذين قدم بعضهم خدمات كبيرة لصدام نفسه !!
     المالكي يخاف كثيرا وهذا سبب له الضعف والتردد وانعكس على أدائه الامني ..يخاف على كرسيه وقد اثبت لنا خلال سنوات وزارته الثانية ان هذا الكرسي اهم لديه من دماء العراقيين ..يخاف من خصومه في العملية السياسية شيعتهم وسنتهم  ان يستغلوا أي تصعيد أمني يقوم به لتوتير الجو السياسي وتأليب الرأي العام ضده ..يخاف من القوى الاقليمية السنية ..يخاف من أميركا التي تحذره دائما وتنصحه بسياسة ارضاء جميع الاطراف .. يخاف من قادة الجيش ويعلم أن مسألة الانقلاب العسكري واردة في ظل فوضى عارمة تلف العراق والمنطقة لا سيما وهو يعلم ان الاميركان منذ خروجهم مرغمين من العراق غيروا الكثير من نظرتهم الستراتيجية تجاه هذا البلد ..ويدرك ان هناك عددا من الضباط البعثيين يفوق العشرة الاف ضابط ذلك الرقم الذي قدمته له المخابرات البريطانية قبل حوالي شهر محذرة اياه من مخطط انقلابي يدبرونه ..ولعله يدرك ان الاستهانة بفرضية الانقلاب هي التي اطاحت بالحكم الملكي ثم القاسمي ثم العارفي … وهذا ما يزيد خوفه ..
    ولكنه وهو السياسي الذي لا يفتقر الى الدهاء يبدو اليوم في أسوأ حالاته عاجزا عن ايقاف هذا المد البربري الوحشي ضد ابناء وطنه من كركوك وحتى البصرة .. اذا لم يترك الإرهابيون محافظة الا وسجلوا فيها حضورا ولم يغب عن المعركة الا الجهد العسكري  والاستخباري في بلد تنفق 16% ( حوالي 18 ترليون دينار !!) من  ميزانيته الانفجارية على الامن والدفاع !! ولا تنفتق عقول مستشاريه الا عن جملة تبريرات هزيلة يرقعون بها فتقهم المذل امام شعب لا حول له ولا قوة ..
اليوم أثبت اعداء الشعب أنهم قادرون على الضرب متى واين ما ارادوا كما اثبتوها من قبل ..وارى ان هذه ليست بطولة لهم أولا لانهم يقتلون المدنيين وكفى بذلك خزيا وعارا ..وثانيا لانهم يتحركون في ظل غياب الردع او كما يقول المثل الشعبي (نايم يا شليف الصوف نايم والبعورة تحوف !! ) ..اقول ما يدركه معظم ابناء العراق ..لو تحركت القوى الامنية (شليف الصوف)  باخلاص وتفان حقيقيين وبنسبة عشرة بالمائة فقط لما وجد الارهابيون جحرا يلوذون به ..
السيد رئيس الوزراء …أعلم أنك مطلع على الصورة بتمامها واعلم انك لا تفتقر الى الحلول بقدر ما تفتقر الى الارادة القوية .. اترك الخوف جانبا أو اترك الكرسي !! لا تدع العراقيين يدفعون ثمن رأسك !!
لاتدع الخدر يتسلل الى مفاصل قادتك ولا تقنع منهم بالتقارير المضخمة عن انجازات لاحقيقة لها فالسيف اصدق إنباء من الكتب !! لا ترحهم فالراحة فساد لهم قد ادمنوه ..حتى نسوا ما تعلموه في كلياتهم العسكرية ، لديك جيش حارب في كل الميادين والجبهات في الحر والقر والجبل والبيداء !!  الق بهم في لهيب الوغى تميز الجيد من الرديء ..ويتبين لك الذهب الحقيقي من المزيف ! لم يعطهم صدام راحة طيلة سني حكمه كي لا (يفسدوا) عليه فأستفرغ قواهم لمآربه الشيطانية في الحروب والحركات والتدريبات ..وأنت ملأت بهم المدن ولم تقدهم في معركة حقيقة ضد اوكار الارهاب وهي معروفة ومشخصة لديك جيدا ..وانت على الحق !!
أقولها لك مقالة ناصح أمين . . أما ان تحرك قواك الامنية وتهاجم الارهابيين بقوة في عقر ديارهم او تستمر بانتظار (غزواتهم) وهي تحفر قبرك قبل قبور المساكين و(ما غزي قوم في عقر دارهم قط الا ذلوا) كما يقول علي (عليه السلام)!!

أحدث المقالات