إجراء طارئ دفع مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي الى اعلان موعد سفر الى ايران لغرض تقديم التهنئة للرئيس روحاني بمناسبة فوزه بالرئاسة (قبل ستة اشهر تقريبا) ، وماجاء به بيان المكتب الرئاسي من توحيد المواقف بشأن مؤتمر جنيف واحداث سوريا وملف الحدود وغيرها من الكلائش البروتوكولية ..!
رأي الشارع السياسي صار يتحدث علنا عن هدف أخر للزيارة جعلها تتم بهذه السرعة ، وهو مايرتبط بموقف ايران الرافض تجديد الدعم للمالكي لحصوله على ولاية ثالثة ، وهو ما أعلنه بوضوح السيد مقتدى الصدر في الأيام الأخيرة ، وكانت بمثابة الضربة القاضية على آمال المالكي في الحصول على الإسناد الدولي بعد الدرس المؤلم الذي لقنه له الأمريكان في زيارته الأخيرة .
يتفق جميع الفرقاء والمتابعين على حقيقة ان حكومة المالكي بدورتها الثانية جاءت بقرار مشترك امريكي ايراني ، في تصنيع ميكانيكي قسري تم فرضة على إرادة العراقيين ، وكان وجود المالكي بحسب رأي الطرفين انه سيكون نقطة لقاء وجسر تواصل للرغبات والأهداف بين استراتيجيات ومصالح الدولتين .
كان هذا قبل اربع سنوات ومع اشتداد الحرب الباردة بين الطرفين ، وحاجة الدولتين لرئيس طارئ توفيقي ، بلا استراتيجية وطنية ، وإنما يتماوج مع مواقف مطاطية ترضي الطرفين بأي ثمن كان ، ومن هنا كان المالكي الرابح في الإختيار للسنوات الأربع الماضية .
اليوم يحمل المالكي حلمه ويطير على ايران للحصول منها على فيزة الدخول لرئاسة ثالثة لقاء أي شرط يملى عليه …!
لكن الأمر الآن اختلف جذريا ، الحوار المباشر بين امريكا وايران اصبح قاعدة في التعامل ، ومقتربات الصداقة والإنفتاح بين البلدين تنشأ على نحو متسارع وايجابي ، وسط ترحيب من الجانبين وتفاؤل انتج اتفاقا بشأن البرنامج النووي ورفع العقوبات عن ايران .
النقطة الأخرى المهمة ان سمفونية الحرب التي كانت تنشد انغامها ايران على امتداد ايام السنة ، قد اختفت بانتهاء عهد احمدي نجاد ، وجاء عهد حسن روحاني رافعا راية الإصلاح و الإنفتاح والبحث عن مخرجات اقتصادية ، وحلول سلمية ، وتطمينات لدول الجوار ، وفي مجملها كانت سياسة مثمرة في تحسن نسبي واعد بالشأن الإقتصادي والعلاقات الدولية .
لقد ادرك الجميع بأن الإتفاق الأمريكي – الإيراني على وجود المالكي في دورته الثانية ، أوصل العراق لأوطأ نقاط الإنحطاط والتهديد بالإنهيار الكامل للدولة العراقية ، والوصول الى مراتب غير مسبوق في الفساد والتراجع وتصنيع بؤر الأرهاب ، والعودة لنقطة الصفر ، وهذا مايضر بمصالح الدولتين ويضع العراق خارج نطاق السيطرة ..!
وهو ماجعل الأمريكان يواجهون به السيد المالكي في مراجعة صريحة لفشله السياسي والإداري والأمني وتفريطه بما حققه الأمريكان قبيل الإنسحاب .
وفي ذات السياق فأن السياسة الأيرانية الجديدة تقترح وجود رئيس بعقلية منفتحة ولغة متحررة من العقد والضغائن ، وتملك رؤية اصلاحية ومشروع بناء وترميم ، وبرنامج عمل لايقاف نزيف الفساد والموت والرعب الذي يسيطر على البلاد .
ومن هنا اتوقع ان تعيد طهران على الأخ نوري المالكي ذات الدرس الذي لقنه له الأمريكان في واشنطن بزيارته الأخيرة .
[email protected]