لو نظرنا للماضي القريب والقريب جدًّا عندما حاول البعض تجاوز الإرادة الشعبية وزوَّرها وتباهى بها فسببت له نهايته؛ فلا ينبغي أبدًا الاستهانة بالشعب أو التحايل عليه أو تجاهله أو الاتفاف على اختياراته تحت شعارات فاسدة مختلفة، و الحصول على الاموال بطرق غير مشروعة ، ونهب الثروات وما إليه ، ما يضخم حجم الفقر ، والكشف عن تناقضات مهمة وكبيرة في حياة الناس ، وخلق الفوارق الطبقية بشكل واضح ومرعب. وللأسف يروِّج البعض لذلك وهم ليس لهم رصيد في الشارع العراقي ویحاولون ایجادها ظلماٌ دون استحقاق عن طريق تلك الاموال المنهوبة ، كل رصيدهم هی الفضائیات المأجورة والمواقع الاجتماعية الرخيصة وفي اقامت الندوات الصاخبة ،ومع الأسف فإن البعض تناسى إرادة الشعب وقدرته على التغيير، واستهان بها، فأخذ يصادمها ويسير عكسها بل ويتحداها، وهذا هو قمة فساد الاستدلال وسوء النية والقصد للالتفاف على إرادة الشعب واختياراته الحرة، بل وصل الأمر إلى اتهام الشعب من قبل البعض من الساسيين بأنه غير مؤهل لاختيار ممثليه وتحديد مصيره، وهذا ما دفع بعض الجهات إلى صبِّ جام غضبها وتوجيه سهامها المسمومة على كل اختيار الشعب، بدءًا بالمطالبة بانتخاب نزيهه لمجلس النواب ومن ثم اجراء التعديلات الدستورية الضرورية ، وانتهاءً بمحاولاتهم الفاشلة للالتفاف على اختيارات الشعب لنوابهم حتى كانت الاتفاضة الشعبية العفوية للمحافظات بالمطالبة بالحقوق ، إن الدرس الذي ينبغي أن يعيه الجميع من تلك الانتفاضة هي أن إرادة الشعب سوف تغلب لا محال وأن الشعب هو صاحب القرار ولا يمكن لأي جهة أن تحاول تجاوز تلك الارادة لان في مرحلة التحول الديمقراطي وفي ظل حكومة وطنية موسعة وتقوم على قدر كبير من المسؤولية عدد من المهام للوصول إلى مرحلة ترسيخ دعائم الديمقراطية الوليدة. ويتضمن المهام بشكل عام كل ما من شأنه دعم المؤسسات والثقافة والممارسات الديمقراطية كتعديل القوانين وإنشاء هيئات جديدة ودعم المجتمع المدني ودعم التعليم المدني وتوعية الجماهير ودعم الاقتصاد الوطني ومعالجة كافة المطالب الاجتماعية والاقتصادية المشروعة . ولا ينبغي الاغفال عنها و أن يغتر أحد بحلم الشعب؛ فهو إن صبر فإن ذلك لا يعني ضعفه، الشعب هو الاقوى من كل المحاولات الجارية وهو الذي يقرر مستقبل بلده وإن رضي مرةً بتجاوز ما فإن ذلك لا يعني تسليمه “شيكًا على بياض” لتجاوزات غير مبررة مرة أخرى ، إن ما يحتاجه هذا البلد الآن هو تعظيم الإرادة الشعبية وتوجيهها لإعادة بنائه، وإصلاح ما أفسده النظام السابق والحكومات التي اتت بعد التغييرالذي حصل في عام 2003 و التلاعب بنتائج الانتخابات الحالية ، والعجز عن حل قضايا المجتمع، والفشل في خلق البديل الديمقراطي، وتحقيق التداول السلمي للسلطة مما يجعل ويدلل على أن الاحتجاجات السلمية الطريق الافضل والاسمى وهي سمة حضارية لا يمكن البديل عنها للقرن الواحد والعشرين، لتحقيق المطالب .ان العصيان المدني السلمي هو احد الوسائل التي استخدمت مؤخرا رغم الهفوات التي شابتها واندساس الجهلة لخرابها وافشالها عبر جهات طامعة وسفارات خارجية معروفة الحال كما كشف عنها . واثبتت ان استمرار المظاهرات سيضعف من موقف الحكومة المتشددة التي فشلت بإدارة الازمة التى تواجهها ..والسبب ان الحكومة كانت تراهن على عدم استمرارها بهذه الصلابة والنوم على جوعها . ومن ثم إعطاء وعود جديدة زائفة لا يمكن تحقيقها على المدى القريب بمحاولات عقيمة لاحتوائها عبر طرح حلول ترقيعية ومحاولات من جهات اخرى لتبني التظاهرات أو تجييرها لصالحها رغم عفويتها وعدم وجود قيادة لها،. ان توجيه المطالب على المسار الصحيح وصولا لتحقيق الغاية المرجوّة التي تنشدها الجماهير المُستغَلّة “لعبة الديمقراطية “غالبا ما ترافقها فرصة للنجاة والتغيير اذا ما أحسن استغلالها دونما تبديدها بصراعات مصالحيه ضيقة. الفرصة الان متاحة موضوعيا وذاتيا وما على المسعى الجماهيري سوى استثماره لصالح المواطنة لا غير.وهي الوسيلة المثلى للتعبير عن إرادة الشعوب وصورة من صور رفض الظلم الاجتماعي والطبقي الذي تتعرض له الجماهير ، واحتكار الحكم، سواءً عبر القبضة الحديدية، أو عبر الانتخابات المزيفة اوالمغشوشة وتوحيد القوى والطاقات والخبرات الى الامام ، لا الرجوع إلى ما قبل عام 2003 للتخلص من محاولات تزييف إرادة الأمة وتكبيلها ومحاولة تقنين تقييد الحريات وتعيين جهات فوق الشعب وإرادته، وهذا ما لن يسمح به الشعب، فرفقًا بالعراق وشعبها وإرادتها، ، ولا ينبغي لشعب أن يقبل العبودية لشعب آخر أو لدولة أخرى، وكذلك حقه في تقرير مصيره بنفسه وبناء مستقبله، فعصر عبودية الشعوب انتهى، مهما كانت الحجج، ومهما كانت الشعارات التخويفية أو الإرهابية، ومهما كانت الأساليب والعبارات الدبلوماسية التي تعمل لإخضاع الشعوب بأسماء وشعارات ومصطلحات رائجة ولكنها تستخدم ضد الشعوب،
الشعب العراقي لن يقبل بعد الان بحكومة تقام وتشكل بتوصيات خارجية بل حكومة تلبي مطالبهم و تحقق لهم الامن والاستقرار وتقدم الخدمات التي هي شبه متوقفة بسبب الارهاب وجرائمه والصراعات على المراكز والكراسي،وان اية حكومة تشكل بالضد من رغبة الشعب ستكون حكومة قائمة على جماجم العراقيين ،وستكون حكومة غير وطنية وتعمل وفق اجندات مشبوهة بالضد من رغبات ومطاليب الشعب وستكون النتائج اكثر كارثية من ذي قبل فليتعظ الساسة من دروس وتجارب الماضي ويلتفتوا الى مطالب شعبهم ورغباته الذي يطالب بتشكيل حكومة عراقية وطنية بعيدة عن المصالح . بدل من ان يصرون على إبقاء الشعب ذليلاً، خانعاً ، تابعاً لغيره، فالأصل في الشعب أن يكون حراً كما يولد الناس أحراراً .