يا صورة الماضي التي لا تذبل، أنتِ النور الذي يشع في أعماق القلب كضوء الهلال. تحملين بين ثناياكِ حكايات الزمان وأسرار الرجال، تسكنين الروح وتغزلين خيوط الذكرى في ليالي العمر التي تمضي بلا توقف.
كم مرةً حاولتُ أن أطوي صفحتكِ، أن أدفن أحلامي في صمت الزوايا المهجورة، لكنّكِ دائمًا تعودين، كطيفٍ لا يغيب، تزرعين في داخلي أشواك الحنين بمسراكِ الذي لا يُمحى.
أنتِ لوحة رسمها الزمن بأنفاس الحنين، تذكرينني بصوت أمي الدافئ وحديث الياسمين الذي كان يملأ الديار. تذكرينني بأبي، ذلك الوجه المشرق بابتسامة السنين، الذي كان يرسم لي درب الحياة بروحٍ مطمئنة وثقةٍ لا تهتز.
في كل زاويةٍ أراكِ، وفي كل نبضةٍ تُطلّين كشمسٍ تُبدد ظلام يومٍ غائم. تحملين الدفءَ حين يُحكم البردُ قبضته، وتمنحين القلب حياةً تُعيد نبضه الذي كاد يتوقف.
يا نافذةً إلى زمنٍ سعيد، أُناجيكِ بشوقٍ لا ينتهي، لكنّ الحزن يتبعني كظلٍ عنيد، يُذكرني بأنّ الحاضر لم يعد يحمل دفءَ الماضي. ورغم ذلك، تظلّين في عيني وذاكرتي كوشمٍ لا يزول، كشجرةٍ تنبض بالحياة في أرضٍ لم تعرف النسيان.
فإن كنتُ اليوم أسيرًا لذكراكِ، فهذا لأنّ حبكِ يسري في دمي، يروي روحي، ويعلّمني أنّ الماضي ليس مجرد ذكرى عابرة، بل حياةٌ كاملة مليئة بالحب والصدق.
يا صورة الماضي، أسأل الله أن يبقى نبضكِ حاضرًا في قلبي، فأنتِ قصيدتي التي لا تُكتب، حلمي الذي لا ينتهي، وأغنيتي التي تروي حكاية عمري.