18 ديسمبر، 2024 7:01 م

الماء يجري والجرف يهرأ!!

الماء يجري والجرف يهرأ!!

الأحداث تتواكب وبعنفوان يتناسب طرديا مع إرادة المصالح ومشاريع الهيمنة والإستحواذ على الآخرين , والبشرية بين قوى متحركة وراكدة , بين فاعل ومفعول به , بين تابع ومتبوع , بين قوي وضعيف , وفقير وثري , وغيرها من المتناقضات التي لا تحصى ولا تعد.
فالماء الفعّال يجري والساكنون القانطون يتآكلون كما يتآكل الجرف ويتهاوى ليكون طعما للجريان , والأمم الجارية ذات سرعة متوافقة مع قدرات العصر الوثاب , والأمم الهامدة تمعن بالتدحرج المتسارع إلى الوراء البعيد , فتميت أحياءها وتحي أمواتها , وبين أحياء تتجدد وتسعى وبين أموات تتداعى وتطغى , يمكن رسم المسافات ما بين الأمم والشعوب والمجتمعات.
فالمجتمعات التي تولي أمواتها عليها تنقرض وتبيد لأن طاقات الموت تجذبها إلى حيث تريد , والمجتمعات التي تتولاها إرادات الحياة المتفاعلة تتقوى وتتجدد , وتسود وتتقدم في ميادين الوجود الساطع , فهي تعلي قيمة الحياة , وغيرها تعلي قيمة الموت والأموات.
وقانون الحياة الساري في مسيرات الوجود والأكوان , أن في الحركة بركة , وكل شيئ يتحرك لكي يبقى , ولا يمكن لساكن أن يدوم , ولا لعاجز أن يعطي ما ينفع الحياة , وكلما زاد عدد العاجزين إستنزفت الحياة طاقاتها وإضمحلت إمكانات تطورها وتناميها.
فالموجودات بأسرها لكي تبقى عليها أن تتحرك , بمعنى أن تتغير وتتجدد لكي تواكب معطيات الزمان والمكان , وتصبح ذات آليات تفاعلية متوافقة مع الحالة المتوالدة وفقا للدوران.
ومن الواضح أن بعض المجتمعات تميل للركود والتدحرج الورائي نحو الغابرات , والتفاعل الإستنزافي مع الأموات الذين تجد وتجتهد بإحيائهم وتأكيد وجودهم في زمن غير زمنهم , مما يتسبب بتداعيات مأساوية وخسارات مروعة على جميع المستويات الحياتية والإجتماعية.
ويبدو أن القوى الطامعة ببعض المجتمعات تشجعها على هذه السلوكيات الإنقراضية , لكي تتمكن من الإستحواذ على مصيرها وتدميرها , وتحويلها إلى خرائب تنعق فيها غربان الويلات والنكبات المقدسة , والتفاعلات المؤدلجة القاضية بمحق الوجود الوطني.
ووفقا لذلك تحولت الأوطان والشعوب إلى بضائع في مزادات الهيمنة ومصادرة الحقوق , والعمل بموجب قوانين الغاب المقنعة بما هي إنساني ورحيم , في واقع كل ما فيه أليم وجحيم.
فهل سنؤمن بالجريان أم سنبقى نتعبد في ظلمات القبور؟!!