23 ديسمبر، 2024 6:18 ص

الماء للسمك وليس لاهل البصرة ” البدعة ” انموذجا

الماء للسمك وليس لاهل البصرة ” البدعة ” انموذجا

لا نظيف جديدا اذا قلنا ان الكثير من قرارات الحكومة تبقى حبرا على ورق وانتهاكها عمدا من دون خوف من تبعات الردع القانوني وتطبيقاته القسرية من قبل الاجهزة المكلفة بذلك وفي جميع المجالات والامثلة على كثرتها يصعب حصرها ،والبعض من هذه الفوضى يشكل خطرا على الحكومة والشعب في ان واحد .

بعد ساعات على صدور قرار من مجلس الوزراء بازالة التجاوزات على قناة

“البدعة ” التي تنقل المياه الى البصرة لانها احد اسباب الشحة والمشكلة والازمة في المحافظة وقيام القوات العسكرية بواجبها بدلا من الشرطة المعنية بهذا الامر ، واعتبرت الاوساط الشعبية ان القرار في محله واثار الارتياح ولو انه جاء متاخرا ولكن هذا الارتياح لم يدم طويلا فما ان ذهبت القوة العسكرية على بعد مئات الامتار حتى عاد المتجاوزون الى اعادة احواض السمك والمزارع الى ما كانت عليه في تحد واضح وعدم احترام للسلطة او تواطؤ مع بعض منها ، وليستمر عامل من عوامل التوتر الاجتماعي في البصرة الذين اوصلوا الحكومة الى اتخاذ هذا القرار تحت ضغط احتجاجاتهم ودماء ابنائهم في هبتهم للتخفيف من سياسة التعطيش ضد اهل البصرة .

لمااذا لا يخشى الذين يعتدون على حق البصريين في المياه عواقب انتهاكهم للقانون وارتكاباتهم ؟

الواقع ان اصحاب الحقول الزراعية واحواض السمك هم من ذوي النفوذ والجاه والقطط السمان وكبار المسؤولين في الدولة الاتحادية والادارت المحلية القادرين على عرقلة صدور القوانين والقرارات والاجراء ت وكبح تنفيذها وخرقها بكلمة هم فوق القانون ويتصرفون على هواهم ، في صورة واضحة على تزاوج الراسمال مع السلطة ، بل ان نظام الحكم يمثلها .لذلك نرى اي قرار يضر بمصالح هؤلاء حتى لو كانت مغتصبة لن يكتب له النجاح والمرور .

المشكلة عموما تتجسد في ضعف الحكومة وفقدانها لهيبتها وعدم تمثيلها لشعبنا كله ،فاي قرار تتخذه واي محاولة للتطبيق سيكون على ناس وناس ،وهذه مسالة طبيعية في نظم المحاصصة الطائفية والاثنية ودولة ” الكانتونات ” واستفحال العشائرية والانقسامات الاجتماعية الحادة والهيمنة المليشياوية ، واحزاب التطرف …، فالنخب المتمكنة من البلاد لا يسري عليها كل ما يتم اقراره من تنظيمات ادارية وقانونية واذا ما طبق فانه يكون على استحياء وايجاد الثغرات للنفاذ منها ، فيما تكون الصرامة والمبالغة والمزايدة في التعامل مع المحكومين .

المتجاوز اي كان وفي اي مكان ومجال .. اولا لا يخشى تطبيق القانون فهو يعرقله اذا استند واحتمى بمن هم فوقه وثانيا اذا ورق وعرف كيف يدهن “السربس ” وثالثا حتى اذا اضطر لدفع غرامة معينة فهي تافهة ” وتفاليس” كما يقال لا تتناسب مع المنفعة التي يجنيها من التجاوز، وهو سعى اليها ما دامت توفر الغطاء في استغلال ما ليس من حقه .

الحكومة تحتاج الى وسائل وادوات تنفيذية صارمة وجادة ونزيهة ورقابة على المراقب والمنفذ وتحميله المسؤولية وتبعاتها التي تجعله يتقن عمله .. كما ان المطلوب من مجلس النواب خطوات جدية لاعادة النظر في القوانين والعقوبات التي اصبحت بالية منذ سنوات طوال ،تحديثها وتشديدها بما يتلائم مع الزمن الراهن وحجم الفوضى والانتهاكات القانونية التي نشهدها لتكون رادعا وضابطا لحماية ايقاع الحياة للمواطنين .