23 ديسمبر، 2024 12:57 ص

المؤمنون وزيارة الأربعين

المؤمنون وزيارة الأربعين

بعد معركة الطف الخالدة, التي تًمثل أكبر مجزرة بحق الإسلام, والبيت النبوي, عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم, من قبل جيش المنافقين الأموي, لقد قطع رأس الحسين عليه السلام, ومن معه وحملت على الرماح, لتعود السبايا لكربلاء مجدداً, بعد فَكِ أسرهم من قبل الطاغية يزيد؛ الذي وافق على ذلك كُرهاً, وذلك خوفا من انقلاب أهل الشام عليه؛ بعد أن انكشف كذبه, وعرفوا أنهم آل بيت الرسول, عليه وعليهم الصلاة والسلام.

لقد صادف يوم وصولهم, لكربلاء الشهادة العشرون من شهر صفر, عام 61 حسب التقويم الهجري, لتكون المدة الزمنية أربعون يوماً, اِتخذَ أتباع آل البيت ذلك اليوم, مناسبة سنوية لتجديد البيعة, وزيارة قبور الشهداء الأبرار, رغم عمل الحكام على محاولات منعهم, من الوصول للقبور الشريفة, فتارة بالسجن أو القتل, وتارة أخرى عملوا على, تسليط المياه لتحدث المعجزة, فقد حار الماء حول منطقة القبور, لتأتي تسمية تلك المنطقة بالحائر, إلا أن الزائرين عبروا المياه, ليصلوا إلى قبر الحسين عليه السلام, ومن معه من الشهداء, ولم يرهبهم رمي الجيش العباسي بالسهام, بعد سقوط الدولة الأموية, رغم أنهم جاءوا تحت شعار” يا لثارات الحسين” فأثبتوا أنهم أكثر جورا وظلما, لآل الرسول وأتباعهم.

أثبت الطغاة عبر قرون, سيرهم على نهج أسلافهم, من الأمويين والعباسيين, وإن تظاهروا بحب آل البيت عليهم السلام؛ فإنهم يكثفون من اضطهادهم لأتباعهم, عن طريق منعهم تارة ومحاربتهم, عن طريق السجن ووصل الحال, لقطع الأيدي والأرجل والرؤوس, ليبقى الولاء والنداء بأخذ الثأر, وشعار الحسين الخالد” هيهات منا الذلة, نبراساً للصمود والتضحية, لم يمنع الموالين من الزيارات.

كان عصر حكم الطاغية صدام, في العصر الحديث, من أشد أعداء أتباع آل البيت, فقد منع المسير إلى كربلاء, وأمر جلاوزته من الرفاق, باعتقال أي شخص, يُشك أنه يسير مشياً لكربلاء, وجعل العجلات تَدخل إلى مرآب كربلاء, ومنع ممارسة العزاء, داخل العتبتين الحسينية والعباسية, كما قام بعدها, بمنع مواكب العزاء, في كافة محافظات العراق, واشترط على القراء, أن لا يتجاوز المجلس نصف ساعة, ثم قام بمنع رفع الرايات فوق الدور, في شهري محرم وصفر, إضافة عمل متعمداً على, إقامة حفلات الزواج الجماعي, والتي تشتمل على الرقص والغناء, وقد أوغل بحقده أكثر من ذلك, حيث منع الاستماع, للتسجيلات الحسينية( الكاسيت), في المحلات والدور السكنية.

ثلاثون عاماً حُرم شيعة العراق, من المسير لكربلاء, ولكن ما إن سقط حكم الطاغية صدام, وتنفس الشيعة الصعداء, اِنطلقوا بمواكب صغارا وكباراً, لتشهد زيارة الأربعين عام 2003, وصول العدد الى11210367 زائراً, ليتكاثر عدد الزوار ويصل هذا العام الى, أكثر من مليوني زائر, من جنسيات متعددة, إنه طريق الإباء والتضحية, الذي لا يمكن للطغاة إلغاؤه للأبد, فما أن يسقط طاغية, يعود نهر المحبين والموالين, إلى الحياة رغم ما يتحمله السائرون, من عمليات إرهابية وتعب الطريق.

يبقى طريق التلبية لنصرة, قضية الحسين عليه السلام, خالداً مدى الدهر, إلى أن يظهر الآخذ بثارات آل البيت, وعودة الحكم على نهج الرسالة المحـمدية, كما أرادها الخالق العظيم, بعد انحرافٍ دام لقرون طويله, نسأل السميع المجيب, تعظيم أجور المؤمنين, وتعجيل الفرج لمولانا القائم.