18 ديسمبر، 2024 8:34 م

فرضت تداعيات كورونا تجديد المؤسسات بكل أشكالها والانفتاح على تحديثات وتغييرات جديدة لضمان مواكبة ما تفرضه تداعيات الأزمة أولا والارتقاء بالأداء المؤسسي إلى أعلى حد للخروج بنتائج مشرقة ثانيا ثم السبب الأهم وهو مواكبة النظام المعرفي العالمي وضروراته.

إن التحديثات والتغييرات والتجديد سنة كونية تماما كما يتجدد يومنا بشمس تشرق صباحا وقمر يبزغ ليلا، وقد توجهت العديد من الحكومات في الآونة الأخيرة نحو التجديد والتغيير والتحديث في منظوماتها المؤسسية من خلال حزمة من القرارات الإصلاحية في سبيل الخلوص بنتائج تضمن لها التقدم والاستمرارية والتفوق والأفضلية على كافة الأصعدة والمستويات.

تمنح المؤسسات المجددة الأفضلية للمنتج المبدع وليس المنتج الذي يعتمد إنتاجه على النهج الروتيني الذي يزول عنصر الإبداع من تفاصيله كلما زاد استهلاكه، ولا سبيل لوجود العنصر الإبداعي في تفاصيل العملية الإنتاجية في أي مؤسسة إلا من خلال عملية التجديد والتحديث المستمر، وهنا ثمة ثلاث طرق لتحقيق ذلك الأولى وتسمى “زراعة المعرفة” في المؤسسة ويتم ذلك من خلال استقدام كفاءات وخبرات للعمل في المؤسسة وتعليم الأفراد وتأهيلهم من خلال خبرات ومعارف تلك الكفاءات التي تقوم بنقلها إليهم، ويكون هناك حوافز ومكافئات تقديرية مقنعة لهذه الكوادر والكفاءات وملزمة لهم بالاستمرار في العطاء، مقابل ما تقدمه من جهود ومعارف وخبرات تنقلها للأفراد؛ والطريقة الثانية من خلال عقد دورات تأهيلية وتدريبية جديدة ومباشرة لكوادر وأفراد المؤسسات بين الحين والآخر، فتتجدد بالتالي المعرفة اللازمة في العملية الإنتاجية وتتعاظم الكفاءة بشكل مبهر ينتج المزيد من المنتجات القائم انتاجها على الإبداع والطريق الثالث ويتضمن التغيير والتحديث للهيكل المؤسسي فمن يتكلس نتاجه في موقعه بسبب الروتينية في العمل، يتم نقله إلى موقع آخر فيتجدد نشاطه وتزيد فرصة وجود عنصر الإبداع في تفاصيل العملية الإنتاجية للمؤسسة مع ملاحظة أمر مهم وهو التوافق التخصصي في المواقع العملية التي يتم التحديث والتجديد فيها وعملية النقل والاستبدال للكوادر فيها.

وكما أسلفت فإن التجديد والتحديث المؤسسي الحاصل حاليا له أسباب أكثر أهمية مما ذكرناه وهذه الأسباب يفرضها النظام العالمي الجديد نظام المعرفة وضرورة مواكبته وهو يعتمد على اقتصاد قوامه المعرفة والتوجه نحوه يفرض وجود مؤسسات مجددة ويقتضي التعامل مع المعرفة على أنها منتج تجاري، وأصل منتج، والقول بأنه أصل منتج يفيد كما يعرف- أن الاقتصاد لا يقوم إلا على الأصول الإنتاجية ومن أجل أن يعمل اقتصاد المعرفة بفاعلية، يجب معالجة هذا الأصل الإنتاجي بعناية ورعاية وتنمية، أي بعبارة أخرى تحتاج المعرفة إلى أن تدار، لأن دور الحكومات كان دائماً، لازدهار اقتصادها، ضمان إدارة الأصول الإنتاجية بشكل جيد، وهنا لابد من عملية تجديد مؤسسي على كافة الأصعدة والسياقات.

واستنادا لنوعية القرارات المتخذة مؤخرا من تغييرات إدارية واسعة نجد أنها تبحث عن إدارة تتوافق مع ما يمتلكه الأفراد من مهارات تستند إلى المعرفة، وليس فقط ما هو موثق في مستندات المؤسسة، ويرتبط الهدف من هذه الإدارة بعملية اتخاذ القرار في المؤسسات.

وتركز جهود إدارة المعرفة التنظيمية المستحدثة، بالضرورة، على أهداف مثل تحسين الأداء والميزة التنافسية والابتكار ومشاركة الدروس المستفادة والتكامل والتحسين المستمر للمؤسسات.

ويمكن التأكيد على أن دور القيادة المجددة هو تفعيل إدراك أن ازدهار الاقتصاد المعرفي يقوم على تنمية ودعم تلك التوجهات والأعمال في مجال إدارة المعرفة، وكذلك المساهمة في تقديم تعريف لما تعنيه إدارة المعرفة الجيدة لكل المؤسسات التي تسعى نحو اقتصاد معرفي أو ترغب بالعمل في مجالاته، بالإضافة إلى توفير التعليم للمؤسسات كافة بشأن “تعلم كيفية التعلم” في المستقبل.

وأما الأمر الآخر فهو عمل نهج إقليمي تسهله الحكومة لإقامة شبكات متداخلة باستراتيجية ميسرة، ويمكن تقريب هذا بمعنى أوضح وهو إنشاء شبكات للناس لتقاسم المعرفة والبناء، وهنا يأتي دور الحكومة في تشجيع التواصل المعرفي، سواء من خلال الشبكات أو من خلال إقامة ورش العمل والندوات، وعقد المؤتمرات المعرفية.