22 نوفمبر، 2024 6:16 م
Search
Close this search box.

المآسي الناجمة عن الرأسمالية، الحرية السياسية مثالًا.

المآسي الناجمة عن الرأسمالية، الحرية السياسية مثالًا.

هل أنَّ النظام الراسمالي- الذي لم يقم على اساس فلسقي مدروس ومتقن- والذي طُرِح لمعالجة المشكلة الاجتماعية التي تعاني منها البشرية استطاع أن يحلّها فوفَّر السعادة للبشرية؟، وهل أنَّ هذا النظام كان خاليًا من أي مساوىء ومآسي؟!، أم انَّه قد انبثقت منه ونتجت عنه سلسلة من المآسي الاجتماعية؟.

الاجابة على هذه التساؤلات نجدها في كتاب (“فلسفتنا” بإسلوب وبيان واضح)، (الحلقة الأولى)، (الإسلام ما بين الديمقراطيّة الرأسماليّة والإشتراكيّة والشيوعيّة)، الذي طرحه الأستاذ الصرخي فقد اثبت فيه سلسلة من المآسي والويلات الناجمة عن هذا النظام تحت عنوان: المآسي الناجمة عن الرأسمالية، ففي المطلب الأول منه اثبت المحقق الصرخي تَسبُّب النظام الرأسمالي بمآسي اجتماعية مشيرًا في الوقت ذاته الى عدم امكانية سردها جميعًا لضيق المجال المحدد لهذا الكتاب لكنَّه المح الى البعض منها ضمن حلقات.

في الحلقة الاولى تناول موضوعة الحرية السياسية التي تبناها الراسمالي، واثبت أنَّ هذه الحرية تؤدي الى الاستهتار بالكرامة الانسانية وتنال منها لأنَّ الحرية السياسية في هذا النظام – كما اتضح لنا- تعني تحكُّم الاكثرية بالاقلية، باعتبار أنَّ رأي الاكثرية هو الذي يضع القوانين والتشريعات وهو الذي يسيرها ويشرف على تطبيقها وهذا بدوره يعني أنَّ مصالح الاقلية وقضاياها ومصيرها ستكون تحت قبضة رأي وتوجهات وقوانين الاغلبية وخاضعة لمصالحها واهوائها ونزعاتها التي تنطلق من عقلية مادية بحتة ولا تؤمن بالقيم الروحية والخلقية وتكون المصلحة الشخصية الفردية هدفها الاسمى والاوحد، فايُّ مصير وأيَّة حياة تنتظر أو تتوقع للاقليات التي تشكل عددًا هائلًا من البشر في ظل تشريعات وقوانين صيغت لحفظ وتحقيق مصالح الاكثرية؟!!، فقد كشف الاستاذ الصرخي عن هذه التعليقات والاشكالات بقوله:

« الحلقة 1 : الحرِّيِّة السياسيِّة تُنتِج الاستهتار بالكرامة الإنسانيِّة: فأوِّل تلك الحلقات، تحكُّم الْأكثريِّة في الْأقلِّيِّة ومصالحِها ومسائلِها الحيويِّة؛فإنَّ الحرِّيِّة السياسيِّة كانت تعني:(أنَّ وضعَ النظام والقوانين وتمشيتَها مِن حقِّ الْأكثريِّة)، ولنتصوِّر أنَّ الفئة التي تمثِل الْأكثريِّة في الْأمُة مَلكَت زِمامَ الحكم والتشريع، وهي تحمل العقليِّة الديمقراط يِّة الرأسماليِّة، وهي عقليِّة مادِيِّة خالصة في اتِّجاهِها ونزعاتها وأهدافها وأهوائها، فماذا يكون مصير الفئة الْخُرى؟!! أو ماذا ترتقب للأقلِّيِّة مِن حياة في ظلِّ قوانين تُشرَّع لحساب الْأكثريِّة ولحفظِ مصالحها؟!! وهل يكون الْأمرُ غريبًا حينئذٍ، فيما لو شَرَّعت الْأكثريِّة القوانين على ضوء مصالحها خاصِّة،وأهملت مصالح الأقلِّيِّة، واتِّجهت إلى تحقيق رغباتها اتِّجاهًا مجحفابحقوق الآخرين؟!! فَمَن الذي يحفظ لهذه الْأقلِّيِّة كيانها الحيوي ويذبُّ عن وجهِها الظُّلمَ، ما دامت المصلحة الشخصيِّة هي مسألة كلِّ فرد، ومادامت الأكثريِّة لا تعرف للقيم الروحيِّة والمعنويِّة مفهومًا في عقليِّتها الاجتماعية»، انتهى المقتبس.

وفي سياق المقارنة والربط بين الماضي والحاضر اثبت المهندس الصرخي أنَّ التحكم في ظل النظام الرأسمالي هو كما كان في السابق، وانَّ الاستغلال والتجاوز والاستخفاف بحقوق الآخرين قائمٌ في هذا النظام مثلما كان في السابق مع فارقٍ وحيدٍ هو أنّ التحكم والاستهتار كان يُمارَس من قبل أفراد بينما في النظام الديمقراطي الرأسمالي يُمارَس من قبلة فئة الاكثرية، بمعنى أنَّ ديكتاتورية فئة الاكثرية في الديمقراطية الراسمالية حلَّت محل ديكتاتورية الفرد أو الافراد التي كانت في الانظمة الاجتماعية السابقة، اذ يقول الاستاذ الصرخي :

« بطبيعة الحال، أنَّ التحكِّم سوف يبقى في ظلِّ النظام كما كان في السابق، وأنَّ مظاهر الاستغلال والاستهتار بحقوق الآخرين ومصالحهم ستُحفَظ في الجوِّ الاجتماعي لهذا النظام كحالها في الأْجواء الاجتماعية القديمة، وغاية ما في الموضوع مِن فرق: أنَّ الاستهتار بالكرامة الإنسانية كان مِن قِبَل أفراد بأمُة، وفي ظلِّ النظام الرأسمالي أصبح الاستهتار مِن قِبَل الفئات التي تمثِل الاكثريِّات بالنسبة إلى الاقلِّيات التي تشكِّل بمجموعها عددا هائلًا مِن البشر!!»، انتهى المقتبس.

وهنا نطرح تساؤلًا: أليست الديمقراطية الرأسمالية قد وقعت في تهافت وتناقض حينما تبنت الحرية السياسية (تحكم الاكثرية) وهي في الوقت ذاته تقيم نظامها على اساس ضمان وتحقيق المصلحة الشخصية الفردية لكل انسان، وقد اتضح لنا أنَّ الحرية السياسية تكفل تحقيق مصالح الاكثرية على حساب الاجحاف والاستهتار بمصالح الاقلية فينتفي حينئذ مبدأ تحقيق المصالح الفردية لطائفة معينة من الافراد متمثلة بالاقليات لأن مصالحها تلاشت في ظل تغليب مصالح الاكثرية!!!.

كما انَّ تبني الحرية السياسية يُبطل دفاع الديمقراطية الراسمالية وقولها: إن تحقيق الشخص لمصلحته الشخصية ( الفردية) كفيلٌ بتحقيق المصلحة الاجتماعية ( العامة)، لأن الحرية السياسية لا تضمن تحقيق المصلحة العامة بدليل الاستهتار بمصلحة الاقليات التي تقع وتندرج ضمن مفهوم العموم، كما أنَّ المصلحة الفردية للاكثرية والتي تكفلها الحرية السياسية قد تجاهلت واستهترت بالمصلحة الفردية لكل فرد يندرج تحت مفهوم الاقليات وهذا يعني ان المصلحة الفردية لا تؤدي الى تحقيق المصلحة الجماعية العامة كما تزعم الديمقراطية الراسمالية.

أحدث المقالات