18 ديسمبر، 2024 9:57 م

الله يحب الاعدامات !

الله يحب الاعدامات !

كشَفَ تقريرٌ لمنظمة العفو الدولية صَدَر في شهر ابريل 2020 الى إن مُعْظم عَمليات الاعدام التي نُفّذَتْ خلال عام 2019 كانت بالترتيب في البلدان التالية : الصين ، ايران ، المملكة العربية السعودية ، العراق ثم مصر ، حيث إحتلت الصين المرتبة الاولى بِعَدَد الاعدامات المُعلنة رسميا ، أما اذا إستثنينا الصين ، فان 86 % من مُجْمل الاعدامات التي نُفذَت خلال عام 2019 كانت في أربعة بلدان فقط وهي بالترتيب :

ايران ، السعودية ، العراق ، مصر .

وكشَف التقرير أعلاه إنه في نهاية عام 2019 كانت أكثر من ثُلثي دول العالم قد الغَتْ أو إنها لمْ تَعدْ تُطَبِق عُقوبة الاعدام في قوانينها ، كما قامتْ عِدة ولايات امريكيةْ بالغاء عقوبة الاعدام من قوانينها .

الانسانية بشكل عام وصَلتْ الى قناعة كاملة بأن ( الاعدام ) لم يَعُدْ عقوبة مَشْروعة ضِدَ كل مَن يقوم بأي جريمة مهما كانت بَشِعة أومُؤسفة ، بل ان الانسانية باتتْ ترى في ( الاعدام ) جريمة كبرى يُخَطِطُ لها ويُنَفذها كلٌ مِنْ : الحاكم ورَجُل قانونه .

إحصائيات سابقة لمنظمات مُختصة بمراقبة حقوق الانسان تَوصلتْ الى ان نسبة تتجاوز معدلاتها الـ 97 % من الضحايا المَعْدومين في العالم على مدى عموم التاريخ البشري أعْدِموا بالحقيقة لاسباب ( سياسية وفكرية ) ولكن تحت أغطية وعناوين وادانات جنائية مُزَوّرة أو مُفْتَعَلة ، كما أن هناك أعدادا ضمن هذه النسبة من الضحايا المَعدومين كانوا مِمَنْ ثَبُتتْ عليهم فعلا ممارسة جرائم مُحددة لكنهم اعْدموا استثناءا مِن كثيرين آخرين قاموا بنفس الجرائم .

إن وجود هذه النسبة الكبيرة من السياسيين والمُفكّرين بين الضحايا المَعْدومين تؤشر لنا عدم صِحة رأي من يَتذرع لبقاء عقوبة الاعدام بأعتبارها رادعاً فعالا لمَن يُهدد أمن الآخرين من أفراد المجتمع ، بل إن هذه النسبة المُرعبة تَدلنا الى العكس تماما ، حيث إن بقاء عقوبة الاعدام مُشرعةً قانونيا ودستوريا يؤدي الى تهديد حقيقي وواسع لأمن وكرامة جميع افراد المجتمع ، فأغلب الحُكام الشرقيين مثلا يُعارضون الغاء عقوبة الاعدام ليس حرصا على الدِين أو على أمن مجتمعاتهم كما يَدّعون وانما ليبقى سَيّف هذه العقوبة بـ ( أيَدِيهِم ) جاهزا لتصفية وقَطْع روؤس المُعارضين من السياسيين او المُفكّرين ، كما نَود الاستدراك فيما يَخُص نسبة الـ 3% الباقية من الضحايا المَعدومين بالقول بأن اعدادا كبيرة جدا منهم تَبَيّنَ فيما بَعْدْ أما براءتهم بسبب كَوْن العَمل الذي قاموا به لم يَكُن ليُعَد جريمةً اصلاً ، او تَبين انهم لا يَستحقون عقوبة الاعدام نظرا لثبوت عدم دقة او نزاهة المُحاكمة بأجراءاتها وشهودها وأدلتها .

إن الغاء عقوبة ( الاعدام ) في دساتير وقوانين مجتمعاتنا الشرقية سوف لن يؤدي الى الحَدْ مِن جرائم التصفية الجسدية ( ورُبما المُتبادلة ) بين الحاكم وبعض من مُعارضيه حَسْب وانما سَيَعْني وِلادة ( رادِع ) تَرْبَوي ضِد أي عَمَل يؤدي لانهاء حياة إنسان مهما كانت المُبرِرات ، وهذا سيؤدي بالنتيجة الى إشاعة ( تقليد مُجتمعي ) يُقَدِسْ ( حياة ) كل انسان بريئا كان أم مُجرما ، فهناك العَديد من أساليب الرَدع والمُحاسبة والعِقاب والتقويم المُناسِب لكل انواع ومستويات الجرائم ، لكن جميع هذه الأساليب يجب أن لا تتضمن ابدا مُعاقبة الانسان بانهاء حياته قَتْلا .

إن سَواد الرَفْض المجتعي لعقوبة ( القَتْل ) أو ( الاعدام ) قد يُساعد بصورة فَعّالة جدا في تَمَكّن قادة ومفكرين كَفُوئين ونَزيهين من إدارة بلدهم وتوفير أسس أقتصادية تُؤمن حياة كريمة لجميع أفراد المجتمع وبالنتيجة يتقلص حجم جرائم القتْل الاعتيادية ، ناهيك عن أن إتساع الرفض الانساني لعقوبة ( القَتْل ) أو ( الاعدام ) سيساهم بشكل كبير جدا في توفير مُقَوِمات وأسس صحية لحَلِ النِزاعات والخِلافات بين المجتمعات البشرية بطُرق سِلمية بعيدة عن العنف .

إصرار الحاكِم والمُشَرّع الشرقي على مُواصلة السَيّر في طريق ( الاعدامات ) قد يَعني لنا وكأنه يُريد أن يُمَوّهُنا بأن ( الله ) يُبارك تَصْفية حياة المُعارِضين بـ ( مِطرقة قاضي ) ، وذلك ما لا يَقْبَله أو يَرْضاه أيّ عاقِل مُؤمناً بـ ( الله ) كان أو غير مُؤمِن !