بعد ان عدتُ من شارع الكتاب في وسط مدينة الناصرية وبالقرب من شارع الحبوبي، وعند دخولي باحة المنزل، اشرأب عنقي لزجاج نافذة الصالة الخارجي وقد رأيت العائلة تجمعت كلها، وتسمرت امام التلفاز، مشهد يذكرني باللحظات التي عشناها ونحن نترقب بيان النصر في الموصل، تسألت لبرهة، وبعدها ادركت ان الجميع اجتمعوا لمشاهدة الاحتفالية ومباراة الاساطير التي احتضنها ملعب جذع النخلة في البصرة، سقط نظري على التلفاز في اللحظة التي يظهر فيها ذلك الوجة النجفي المملوء بالحيوية والنشاط، وقد ظهرت عليه علامات الحكمة والوقار التي زرعتها فيه ازقة وممرات النجف الضيقة، التي كانت ولا تزال مصدر رجالات القيادة والسلام، الورع والتقى، العمل والعبادة، يظهر عليه بوضوح اثر فضل جوار الاولياء والاتقياء، فكيف من كان جاره سيد البلغاء، ظهر عبطان وعيناه ترمقان الافق وغبطة الفرح غلبت على لسانه فخرجت كلماته متلعثمة خجولة، قائلا : لا اعرف ما اقول.
دأب الوزير الشاب طول الفترة الماضية على العمل بالجد والتفاني، واضعاً نصب عينه هدفاً واحداً، الا وهو رفع الحظر على الملاعب العراقية، بعد القرار المجحف والظالم من اتحاد كرة القدم الدولي ” فيفا ” وحرمان العراق من اللعب على ارضه وبين جمهوره؛ بحجة عدم جاهزية العراق امنيا ً وفنيا ً لأستضافة المباريات والاستحقاقات على ملاعبه، طاف وزير الشباب والرياضة ارجاء المعمورة، متجولا ً بين اروقة الاتحادات العالمية، وبرفقته كل متطلبات الاتحاد الدولي، ومما شأنه الاسهام في تذليل الصعوبات والمعوقات، حتى ان مندوب الكويت في الفيفا قال : ان وزير الشباب العراقي يمتلك بساط علاء الدين السحري، اين ما نذهب نجده، في الاتحاد العربي، فالاتحاد الاسيوي، فالاتحاد الدولي، يسافر ويعمل دون كلل او ملل، يستحق حقا ً ان يكافئ برفع الحظر عن بلده.
عمل عبدالحسين عبطان على مستوى عالٍ من التخطيط، والتكتيك، فقد فتح الكثير من قنوات التواصل مع مسؤولين الاتحادات الاسيوية والدولية فضلا ً عن العربية، ورتب الكثير من الزيارات الرسمية والودية العراق؛ للأطلاع على المنشأت الرياضية، بالاضافة الى دعوة الكثير من المستثمرين للعمل داخل العراق، وقد كرس كل الجهود والطاقات في محاولة رفد الملف العراقي لرفع الحظر، كما هيأ الامكانيات لأستضافة لجان الاتحاد الدولي والتي تزور المرافق الرياضية في البلد، والعمل على انجاز العمل في فترات قياسية، والشاهد على ذلك ملعبي كربلاء وميسان.
احترف عبطان السياسة وكرسها خير تكريس في ادارة وزارته والملف العراقي لرفع الحظر عن الملاعب، ابتدا اول خطاه بالمحيط العربي – دول الخليج والاردن – والذين لهم موقف سلبي من نظام الحكم الجديد في العراق، وتحفظه بالتعامل معاه اذا لم تكن وضع العراقيل والمعوقات، في سبيل عزل العراق او تحيده، والوقوف بالضد من دعم ملفه في الاتحاد الدولي، نتيجة السياسات الخاطئة، والتخبط في الخطاب الخارجي العراقي، بالاضافة الى ملاحقة ومطاردة الكثير من الرموز الرياضية العراقية في السابق بحجة عملها مع النظام البائد، وما لهذه الشخصيات من تأثير كبير في المحيط العربي والاقليمي، و وقوفها موقف سلبي من دعم الملف العراقي، ترفع عبدالحسين عبطان عن الطائفية والمذهبية وتعامل بمنطلقات وطنية مهنية، ذات غاية سامية هدفها الرئيس هو العراق، عمل على لململة الاوضاع الداخلية وذلك بأحتواء الرموز الكروية الكبيرة – حسين سعيد وعدنان حمد – واسقاط التهم والاوامر القضائية بحقهم، واحتضان لاعبي المهجر والذين غابوا كثيرا ً عن ارض الوطن، كما بعث رسائل سلام واطمئنان لدول الجوار؛ لفتح صفحة جديدة من العلاقات الجدية والفاعلة، واعتبار العراق جزء لا يتجزأ من الدول العربية والمحيط الاقليمي.
ان دعوة لاعبون عالميون كـأساطير كرة القدم الذي حضروا في جذع النخلة، ينم عن مستوى عالي من الدراية والتخطيط السليم، لما لهم من جمهور عريض في كل دول العالم، وتاريخ رياضي كبير محترم في الاتحاد الدولي، بالاضافة الى علاقاتهم الواسعة والكبيرة والمؤثرة في مصدر القرار الدولي، واضواء الاعلام التي تتبعهم اينما حلوا لتسليطه على الملف العراقي وجعل منه قضية رأي عام، يمكن تدويلها وكسب ود الكثير من الدول لدعم العراق في سعيه لرفع الحظر.
يتضح لنا مما جرى على كافة الاصعدة ان احترافية وزير الشباب والرياضة وحنكته السياسية وتجرده من النفس الطائفي والفئوي هو ما ارتقى بعمله وجعله محط انظار الجميع، ماذا لو حذا السياسيون حذوه في تعاطيهم مع المشاكل في الصعيد الداخلي والخارجي، وذللوا كل المصاعب في سبيل خدمة البلد، وتركوا خلف ظهورهم الانتماء المذهبي، والولاء المطلق للعراق فقط، لا لمن هو خارج الحدود، ومقت التبعية،
قطعا ً ستكون النتائج مبهرة وتفوق التوقعات وفي زمن قياسي، نترقب القادم ونحن نقول في قرارة انفسنا اللهم عبطن جميع سياسيي البلد.