الكلمة مشتقة من ” لماذا” وتعني الذين يمعنون بالتغني بلماذا ويتركون الحبل على الغارب ويحسبون أنهم قد وجدوا حلا للمشكلة.
فهم لا يعرفون سوى طرح أسئلة لماذا.
لماذا تأخرنا؟
لماذا الفقر يدوم؟
لماذا الجهل مستوطن؟
ألف لماذا ولماذا والجواب واحد , يتلخص بما مضى وما إنقضى.
ولا يوجد مَن يسأل , كيف نتقدم؟
كيف نتعلم؟
كيف نكتفي زراعيا؟
كيف نصنع؟
فهذه الأسئلة محرمة ولا يجوز طرحها في واقعنا , الذي يتأسن بمستنقعات لماذا التخديرية التنويمية الإلهائية القاضية بالإستكانة والقنوط , وعدم إعمال العقل وصناعة الحاضر والمستقبل.
المجتمعات المتقدمة لا تتوقف عند لماذا وإنما تقرنها بكيف , وهذا السلوك مُنطلق تفاعلي على مستوى الأفراد والمجتمع بمؤسساته ودوائره وما يتصل به ويعمل فيه.
فعندما يُطرح لماذا هذا الأمر السلبي قد حصل , يكون السؤال متصلا بسؤال كيف نتفادى حصوله ثانية , أو كيف نمنع تكراره؟
فتتحقق الدراسة والبحث وتبادل الآراء وطرح الأفكار اللازمة لمنع حصوله مرة أخرى , ومنها توضع خطة وقائية لدرء التكرار.
وعندنا نكتفي بلماذا , ونشعر بأننا قد عرفنا وحسب.
إن لماذا قدحة إبتداء ولا يمكنها أن تكون إعلان ختام , ولو تأملنا ما أنتجناه من تفسيرات وتحليلات على مدى القرن العشرين وما قبله وبعده , سيتضح لنا بأن الأجيال مقيدة بأصفاد لماذا , فالمفكرون وعلماء الإجتماع والفلاسفة ما تمكنوا من التخلص من هيمنة لماذا على تفكيرهم.
ويبدو أنها توفر لهم الطريق السهل الذي يجعلهم يتوهمون بأنهم قد أجابوا , ولهذا تراهم يعززون ويسوغون ويبررون ما يجري في الواقع , وما تفاعلوا مع موضوعات كيف , فالمفكرون العرب ومنذ منتصف القرن التاسع عشر توحلوا بسؤال لماذا تأخرنا , وما تفكروا في كيف نتقدم ونكون.
وعليه فمن الواجب الحضاري والمسؤولية التأريخية أن نتعلم البحث عن الأجوبة العملية على أسئلة كيف لأن فيها سر القوة والنجاح , وبها نكون وبغيرها نهون!!
معاقل لماذا تنهينا وفضاءات كيف تحينا!!