دراسة: عن توظيف تعددية المعنى وتشابه الالفاظ في اللغة وخلق المواقف الكوميدية
بقلم : أ.د عبودي جواد حسن
بروفسور سابق في الترجمة الاعلامية
النجف/عراق
ثلاثة هي من اهم ركائز العملية الاتصالية: الرسالة المراد ايصالها ومرسلها ومستلمها كما يقول الخبراء وعلماء الاتصال. والرسلة هي الفكرة او مجموعة الفكر المنوي ايصالها الى المستلم\ المتلقي بلغة مشتركة بين طرفي العملية ولكن ليس في كل الاحيان مقاصد المرسل هي نفس مقاصد المستلم كما ان غالبية مفردات وتعابير الرسالة سواء كانت مكتوبة او مسموعة لها عدة استعمالات وعدة وظائف .
ويعتبر تعدد وظائف واستخدامات المفردات اللغوية في لغات ولهجات التواصل احيانا حتى في نطاقات جغرافية اصغر يعتبر من معوقات التواصل السليم بين المرسل والمستلم في الخطاب العربي اليومي. واحيانا كثيرة يخلق هذا التعدد مواقف كوميدية مضحكة يستثمرها الكوميديون وغيرهم في البرامج الاذاعية او التلفزيونية والمناسبات العابرة. ويتم بوعي اوبغير وعي توقف الاتصال لهنيهات مسفرا احينانا كثيرة عن مواقف كوميدية تثير الضحك لدى الطرفين ومن معهما وتحدث اما بشكل:
تلقائي لدى المرسل والمستلم حيث يلجأ عفويا المستلم الى المعنى الاساس للمفردة او التعبير او
مقصود ينوي المرسل من خلالها خلق جو فكاهي دائما ما يستثمره الكوميديون.
ومن الامثلة على توقف الاتصال لهنيهات بين طرفي الرسالة : كان مدرس للتاريخ من منطقة بعيدة في تفس البلد يدرس طلاب من غير منطقته من المستوى المتوسط متطرقا الى احتلال المانيا للنمسا في الحرب العالمية الثانية قال ” هجم هتلر على النمسا لضمها الى المانيا…” وبعدها اراد التاكد من وصول المعلومة لطلبته فقال للطلبة بالدراجة العراقية “علاما هجم هتلر ؟” فكانت اجابات كل الطلبة “على النمسا” بينما كان هو يقصد ما سبب هجوم هتلر على النمسا فظل يعيد سؤاله وظل الطلبة يرددون نفس الجواب حيث كان تفسير الطلبة ” ما الدولة التي هاجمها هتلر” لغويا وليس سبب الهجوم مرجحين المفعول على السبب وكان مقصد المدرس هو السبب.
وهنا تمسك المستلم بالوظيفة الاساسية للتصنيف اللغوي للعبارة(علام) وعدم اللجوء الى تصنيفات غير معتادة او ثانوية (ما السبب). ويمكن ارجاع السبب ايضا الى عدم تعود الطلبة على الثقافة اللغوية لمناطق اخرى من نفس البلاد لتحديد الوظيفة المرادة للمفردة ومن الاسباب الاخرى ايضا هو تلقائية المستلم او عدم ادراك المرسل للثقافة اللغوي للمتلقي.
حيث يقول اللغويون ان تلقائية المستلم في تفسير الرسالة وعفويته تؤدي في معظم الاوقات الى ظهور موقف مثيرة للضحك . كما في بعض الاحيان قد يكون رد المستلم مقصود(بوعي) متخليا عن وظيفة المفردة الرئيسية المقصودة الى وظيفة ثانوية غير اساسية تخلق موقفا كوميديا لدى الحضور.
ومن الامثلة الاخرى .: صديقان يتجولان بسيارة بعد انتهاء عملهما اليومي في احد البلدان العربية وشاهدا فتاة فائقة في الجمال فقال السائق لزميله ” لطيفة” فكان رد زميله “والله لا أعرف اسمها” حيث كان يكثر في تلك البلاد اسماء من امثال لطيفة وجميلة وعائشة وفاطمة……الخ وبعد ان ادركا الخلط بينها شرعا بالضحك.
هنا ايضا اختلفت المقاصد لدى المرسل والمستلم لمعلومة البنت في الشارع: مقصد المرسل هو ان البنت غاية في الجمال واراد راي المستلم في ذلك والمستلم فهم الرسالة على ان المرسل اراد التاكد من اسم تلك فتاة اخرى يعرفها الزميلان . وفي لحظات ادرك الاثنان ما وقعا فيه من لبس فضحكا. ومرة اخرى قد يكون رد المستلم للرسالة بوعي لاثارة الضحك والتسلية.
استثمر الكوميديون بشكل عام عدة اشياء في ميدان التسلية واضحاك المتلقي :
تعدد استخدامات ووظائف المفردات اللغوية في العملية الاتصالية
عفوية وتلقائية المتلقي ) spontaneity )
تصفير الايضاحات في العملية الاتصالية( Vagueness )
توظيف الوعي اوعدمه في العملية الاتصالية (ِAwareness) و (Unawareness )
تحضير وتهيئة المتلقي لقبول تفسيرات اخرى للمفردة اللغوية المستخدمةكاستخدام الصور او الاصوات
كاستثمار صورة وزير الاعلام العراقي السابق الصحاف وتذييل الصورة ب (Comical Ali ابو المهازل) تشبها ب على كيمياوي (Chemical Ali ) وزيرد فاع صدام حسين الذي استخدم اسلحة محظورة ضد معارضي النظام
ختاما يمكن القول ان العملية الاتصالية يمكن ان تتوقف (Disrupted) ولو للحظات لاختلاف مقاصد المرسل والمستلم ويمكن ان تخلق موقفا كوميديا يستثمر في صناعة التسلية . وركائزها في ذلك كما ذكرنا تعدد وظائف واستخدامات المفردات اللغوية وتفسيراتها بوعي او بدون وعي وكذلك استثمار تشابه الفاظ المفردات كما في المثال الاخير.