23 ديسمبر، 2024 10:23 ص

اللغة الكوردية ومخارجها

اللغة الكوردية ومخارجها

تندرج اللغة الكوردية ضمن أسرة اللغات الهندو_أوروبية, لذا فهي تمت بصلة القرابة إلى الفروع الشرقية للغات الهندوأوروبية مثل الفارسية والهندية, وإلى الفروع الغربية من العائلة كاللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية.

وتضم اللغة الكوردية ألفاظا كثيرة من العربية والفارسية وبعض المفردات التركية, وتنقسم إلى لهجتين رئيسيتين هما الكرمانجية والبهلوانية, ويتفرع منهما العديد من اللهجات المحلية تصل الآن إلى 18 لهجة مختلفة, إذ تنقسم الكرمانجية إلى الكرمانجية الشمالية, أو البهدينانية, والكرمانجية الجنوبية أو السورانية, وتنقسم البهدينانية إلى الكوراني (الجوراني) والزازا أو الديميلي, وتتفرع عن اللهجات الأربع الأخيرة عشرات اللهجات التي يسود كل منها في منطقة أو قبيلة أو قرية.

وككل اللغات الهندوأوروبية, فقد سبقت تلك العائلة لغات أخرى, فقد كانت تعيش في كوردستان شعوب أخرى إلى أن حصلت هجرة الشعوب الهندوأوروبية مطلع الألف الثانية قبل الميلاد, ومن الشعوب السابقة لها كان هناك الكوتيون واللولو والحوريون والكاشيون وغيرهم.

ويتكلم الكرد في تركيا وسوريا وقسم منهم في كل من إيران والعراق باللهجة البهدينانية, في حين يتكلم معظم الكورد في العراق وإيران اللهجة السورانية.

اللهجات الرئيسية للغة الكوردية

ان اللغة الكوردية غنية بلهجاتها الثلاث الرئيسية المعروفة هي:

1- الكورمانجية الشمالية: ويتحدث بها جميع الاكراد في تركيا, وأرمينيا وأذربيجان وسوريا, والمناطق التي يسكنها البهدينان في كوردستان العراق.

2- اللهجة الكرمانجية الجنوبية (ويطلق عليها أحياناً السورانية) ويتكلم بها كورد العراق في محافظات أربيل والسليمانية وكركوك, وفي كردستان إيران في المناطق التي تقع إلى الجنوب والجنوب الشرقي من بحيرة أورميا حتى تصل إلى حدود ولايتي لورستان وبختياري في الجنوب.

ان اللهجة الكرمانجية الجنوبية لها ثلاث فروع وهي.

البابانية والسورانية, وتنتشران في أربيل, السليمانية, وكركوك, والموكرية والأردلانية في كردستان الإيرانية.

الهورامانية والكورانية و تنتشر في مناطق هورامان الجبلية الواقعة بين مريوان وسيروان قرب الحدود العراقية ـ الإيرانية, أما الكورانية فيتكلم بها أبناء الكوران, وهي فرقة باطنية, والكوران تقع مناطقهم قرب طريق خانقين ـ كرمنشاه في كردستان الإيرانية.

لهجات اللور والبختياري, ويتكلم بها أبناء لورستان الكبرى والصغرى وهم الكورد الفيليين

3- اللهجة الشمالية الغربية, ويتكلم بها أبناء قبائل دولي أو الزازا وتنتشر الزازائية في مناطق درسيم, بالو, كنج, جبقجور, معدن, بيران, أكيل, سيويرك, بيجار, وجيرموك.

كما ان اللغة الكوردية كانت قبل الاسلام تكتب بالف باء الاقوام الاخرى المجاورة كالفارسية مثلا. الا انه و بعد مجئ الاسلام بدأ ادباء الكورد يكتبون بالاحرف العربية حتى ان معظمهم كانوا يؤلفون باللغة العربية لأنها لغة القرأن الكريم و الدين الاسلامي الحنيف.

عوامل تنوع اللهجات الكوردية

اللغة الكوردية أصبحت ذات لهجات متنوعة باعتبار عاملين رئيسيين:

ـ العامل الجغرافي: طبيعة المناطق الكوردية ذات جبال وهضبات كثيرة, بحيث يصعب الانتقال بين أطرافها, فأدت إلى نشوء هذه اللهجات مع الالتزام بالأصول الكلية للغة الكوردية.

ـ العامل السياسي: عدم وجود كيان كوردي مستقل بحيث يجمع شملهم ويوحد لهجاتهم أو عدم وجود الحرية في مناطقهم حتى من التحدث باللغة الكوردية, وفي بعض الأجزاء كان الكوردي يعاقب إذا تكلم باللغة الكوردية.

الابجدية الكوردية

يعد عرب شمو 1897-1978 م (من اكراد الاتحاد السوفياتي سابقا واسمه الحقيقي هو عرب شمس الدين شامل ) اول من حاول وضع ابجدية للغة الكوردية بالاحرف الارمنية, ولكنه لم يتمكن من ذلك لعدم ملائمة فونتيكا حروف اللغة الارمنية مع الكوردية, وبعد ان اصبح مسؤولا عن الشؤون الكوردية في اللجنة المركزية للحزب البلشفي الارمني, كلفته اللجنة المركزية للحزب بوضع أبجدية لاتينية للغة الكردية, وبعد جهود دؤوبة ومضنية بذلها عرب شمو في بحث فونتيك اللغة الكردية ووصف وتصنيف وتثبيت الاصوات الكردية حسب المخارج الصوتية ومقارنتها بمثيلاتها في اللغات الايرانية, تمكن من تحديد عدد الحروف الهجائية, والاصوات الصحيحة والمعتلة في اللغة الكردية بشكل دقيق, ووضع أول أبجدية لاتينية متكاملة للغة الكردية.

وفي العام 1927م حصلت على موافقة المراجع العلمية ومباركة المستشرق البارز أوربيلي الذي قدم له عونا علميًا كبيرًا, وصدرت بهذه الابجدية الصحف الكردية, وحين تأسس أول معهد لاعداد المعلمين الكرد في يريفان أنتمى اليه مئات الشباب الكرد من كافة أنحاء ماوراء القفقاس الذين تلقوا تعليمهم بالابجدية الجديدة, وأصبح عرب شمو أول عميد لهذا المعهد التربوي الهام, وقد كتب عرب شمو بهذه الابجدية اولى رواياته وهي رواية ( الراعي الكردي ).

لم يقتصر هذا التأثير على الاتحاد السوفيتي, بل أمتد ليشمل كردستان نفسها, فقد رحب الأمير كاميران بدرخان بهذه الابجدية وكتب عدة مقالات حولها وبتأثير أبجدية عرب شمو قام المير جلادت بدرخان بوضع ابجدية لاتينية للغة الكردية, والتي اصبحت الابجدية المعتمدة كورديا بشكل واسع.

المير جلادت بدرخان

هو نجل السياسي والمثقف الكوردي أمين عالي بدرخان أمير منطقة بوطان وقائد أحدى الانتفاضات القوية في وجه السلطان عبدالحميد العثماني, ولد في 26 نيسان 1893م في أسطنبول بعد نفي عائلته من منطقة بوطان أثر الانتفاضة التي قام بها والده في وجه السلطات العثمانية.

شهدت الساحة التركية تطورات كبيرة بعد الحرب العالمية الأولى وسقوط الخلافة العثمانية ونشوء الجمهورية التركية على يد الجنرال مصطفى كمال اتارتورك عام 1923 واصدرت نتيجة لذلك العديد من القرارات المجحفة وصلت الى حد الاعدام بحق الوطنيين والشخصيات الكوردية ومنهم العائلة البدرخانية, ونتيجة لذلك اضطر أمين وثريا بدرخان للهجرة الى مصر, وهاجر جلادت مع أخيه كاميران الى المانيا حيث تابع دراسته الجامعية ودرس الحقوق في جامعة لايبزيغ.

بعد تخرجه من الجامعة سافر إلى مصر, وأقام فيها فترة بسيطة, ثم انتقل إلى لبنان حيث شارك في عقد مؤتمر لتأسيس جميعة خويبون عام 1927 في منطقة بحمدون في لبنان بعد انهيار ثورة الشيخ سعيد بيران في الجزء الكوردستاني الملحق بتركيا, واستقرفي دمشق عام 1931, و نتيجة انهيار الثورات الكوردية وإخفاق العمل المسلح, انصب جل اهتمامه باللغة والصحافة الكوردية, حيث كان المسؤول عن الطباعة والنشر في جمعية خويبون, وهناك توصل جلادت إلى صيغة نهائية لأبجديته الكوردية التي كتبها, والتي تتألف من (31) حرفاً صحيحا وسبعة حروف علة , أربع قصيرة وثلاث طويلة, وتستعمل هذه الحروف المدة المعقوفة.

وتعتبر صحيفة هاوار التي اسسها الامير جلادت بدرخان واصدرعددها الاول في 15 ايار عام 1932م في دمشق اول صحيفة تصدر بالاحرف الكوردية اللاتينية, وقد اعتمد المؤتمرالقومي الكوردستاني ذلك التاريخ يوما للغة الكوردية.