لكل شعب لغته وهم كما نحن يعتزون بلغاتهم وهذا حق وواجب،،فاللغة عصب الحياة والتقدم والتخاطب والتفاهم ولاشك .وإعتبرها الخالق من آياته..: “وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ” بل وأرفقها بخلق السموات والارض. فاللغة خلق رباني معجز وتطوير بشري عظيم.
والعربية ولاشك من أعظم اللغات في العالم ولو لم نُتهم بالتحيز لقلنا انها اعظمها على الاطلاق ،، ليس من منظور اسلامي او قومي ، بل من منظور وتناول علمي .
فانك لايمكن ان تدرك عظمة هذه اللغة فعليا حتى تتقن لغات اخرى غيرها او تتخصص في دراسة اللغات المقارنة وهو فرع من علم اللغة العالمي (Linguistics) والاوضح من ذلك اذا تأملت وانت متخصص او عارف بلغات حيوية اخرى حول العالم ، لغات اخرى ضخمة الاداب والعلوم والفلسفة ، عند ذلك ستندهش ان كنت عارفا باسرار لغتك ايضا، من مدى التفاوت الهائل بين تلك اللغة الساحرة وبين اللغات الاخرى. في كل جانب واهمها الشاعريةوالتعبيرية والموسيقية يذهلك.
فالعربية لغة شاعرة بطبعها وتكوينها وحرفها ونغمها وصوتها فضلا عن اشتقاقاتها الواسعة والمرونة الهائلة في التقديم والتأخير في البناء الذي يكاد يكون ثابتا جامدا عند شكل واحد في اغلب اللغات .
لايمكن التمثيل هنا وفي مقال قصير لما نقوله ونطرحه فالشواهد لاتحصى بل ان العربية كلها شواهد على بلاغتها وروعتها وخصوصية بنائها ولك ان تذهب الى المصادر القريبة المتناولة فترى ذلك جليا .
والعرب حافظوا على لغتهم وخدموها بعلم وكتب ودراسات في العصور المتقدمة وقد قصّر في ذلك متاخروهم من العلماء والدارسين ..
ولذا فانك ترى مَيلا الى استخدام اللهجات العامية والمحلية والتي تتميز اللغة العربية بكثرتها وتنوعها،، فهناك لكل بلد عربي لهجة بل ولكل جهة من ذلك البلد لهجة تختلف كثيرا عن غيرها رغم ان الجميع ينهل من اللغة الواحدة الام ! وهذا من محاسن تلك اللغة الثرية ،وما ساعد على الحفاظ على اللغة عامرة كاملة هو القرآن الكريم بجانب حاجة العرب لاستخدام اللغةالادبية بالتخاطب الرسمي او بين البلدان والشعوب ،فمن عظيم سحرها ان الكل يجب عليه اتقانها والا ماوصل ولافَهم اخوانه في الاقطار العربية الاخرى.
والعربية اليوم ثالث اللغات استخداما وثانيها انتشارا في العالم ..وهو امر مذهل لايتناسب مع عدد سكان العرب بين العالم حيث لايشكل اي نسبة مهمة .ومما ينبئك عن مدى تنوع مصادر هذه اللغة وكثرة عظماء الكتاب الشعراء والادباء فيها ان لكل يوم من ايام اللغات الست المعتمدة في الامم المتحدة سببٌ لاختياره كولادة الشاعر بوشكين للروسية او وفاة الكاتب شكسبير للانكليزية وهكذا ،،الا العربية فلكثرة عظمائها وحيرة الموازنة بينهم وتنوع انتمائهم لأقطار العرب المتعددة فقد أختير تاريخ اعتمادها في الامم المتحدة يوما لها، وان كنا نتمنى لو كان ميلادا لرمز من رموزها او عالم من علمائها او يوم تنقيطها او يوم نزول القرآن العظيم الناطق بها.
وبعد فإن هجر العرب بعمومهم وعامتهم لاستخدام اللغة الفصحى في حياتهم اليومية اثر كثيرا وينذر بالخطر على تلك اللغة الوحيدة في العالم التي حافظت على كل مفرداتها ونفس بنائها الى الان دون نقص او تغيير .
ومما يؤسف له اليوم ان جيلا قبل هذا كان يخجل ان يكتب خطابا لصديق او اهل بلهجة عامية او بكلمة واحدة ليست فصيحة مااستطاع الى ذلك بينما يبرر المتحججون اليوم لكل من كتب ونشر باللهجات الدارجة من الناس ،بل وحتى من القصصيين وبعض الكاتبين الذين صاروا لعجزهم يتعكزون على ان اللهجة العامية لا باس بها وهي اقرب للفهم والتواصل .
هذه اللغة التي ولشدة اعتزاز اهلها بها قديما فإنهم كانوا يطلقون على من لايحسنها (أعجمي ، والتي تعني لاينطق) حتى وان كان سليم اللسان حسن البيان في لغة قومه من غير العرب بل وحتى العربي الذي لايفصح! حتى انسحب هذا اللفظ فصار عندهم اسما لكل غير عربي،
“لِّسَانُ ٱلَّذِى يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِىٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِىٌّ مُّبِينٌ”..صدق الله العظيم.