استيقظ حلمه القديم بالهجرة وقرر الاستفادة من قرار بعض الدول الأوربية باستقبال اللاجئين العراقيين وتهيأ نفسيا ووضع ترتيبا سريعا لتصفية كل متعلقاته في الوطن ولم يشغل باله إلا وجودها هي . اخبرها بعزمه على الرحيل والهجرة الى بلد بعيد لا يعرف الحرائق والطائفية وصراعات اللصوص فسخرت من قراره المتأخر وذكرته بانتمائه لاحد الاحزاب وحصوله على وظيفة جراء هذا الانتماء وتساءلت :
· هل انتهى شهر العسل بينك وبينهم ؟ او هي الرغبة بالهروب من تبعة شيء ارتكبته تحت مسمى الولاء للحزب والطائفة ؟
· لا .. لا هذا ولا ذاك وانما الحال في الوطن الذي اصبح لا يمكن التعايش معه والخوف من شبح موت يختفي في منعطف طريق ما او في مدخل سوق او مدرسة او بيت او مكان عام .
· لكن الحال ليس جديد وتعاملت معه من بدايته وربما سخرته لمصلحتك اغلب الاحيان ومع ذلك لم تصلك شظية او يملأ خياشيمك دخان حرائق وازدادت ممتلكاتك .
· اراك تحسبين علي خطواتي وتحسدينني على ما منحني الله من خير وما حصلت عليه بعرق جبيني وقد تحسبينني في سرك مثل اولئك الذين حصلوا على ثروات طائلة جراء وضع البلد القائم .
· لا حسدا ولا سرا يوم دخلت دبابات امريكا لم تكن تملك ما تسد به رمقك وكان حلمك الهجرة والحصول على بعض الدراهم لتبني حياتك والان تملك اضعاف ما حلمت به مئات المرات فهل جاء هذا بعرق جبينك او كانت لك قرابة بأحد اركان النظام السابق فورثته بعد موته او هروبه ؟ انت من الذين ينظر والى الحياة على انها فرص دون النظر الى مشروعية الفرصة من عدمها ولا يخيفك حسدي او شظايا الانفجارات لان لك عقلية تاجر حرب بدليل انك حسبت ان البلد تسير نحو الغرق فقررت الرحيل بما تملك والاستقرار ببلد يوفر لك الامان للتمتع بثروة حصلت عليها جراء تدهور حال الوطن .
· انت امرأة حسودة يغيظها النجاح فتلفق قصصا غير دقيقة عن نجاح الاخرين وانا لم انكر انتمائي وثروتي وكل ما املك حصلت عليه بعرقي وشطارتي وجهدي ولدي اوراق ثبوتية بموجب القانون ومن حقي كمواطن ان احمي ما املك وان انقل ثروتي الى مكان امن واتمتع بها في اجواء امنة , وكنت عرضت عليك الفكرة لاقدم لك خدمة واخلصك من دوارة الارهاق والارهاب والخوف هنا واصحبك معي للعيش في مكان امن .
· ضحكت وقالت : يغيظني النجاح لماذا لاتكون صريحا وتقول تغيظني السرقة واللصوصية والتنكر لوطن حصلت منه على كل شي بدون استحقاق وأوراقك الثبوتية محض تزوير قلدت به من هم اكبر منك في هذا الجانب وبخصوص رفضي موافقتك على فكرتك انا اعرف انك تريد اصطحابي معك كجارية كانت من ضمن ممتلكاتك في الوطن الذي غادرته وتاخذها معك لكي تسد لك فراغا حتى تعثر على جواري بعيون ملونة وبشرة شقراء وهذا من ضمن حلمك القديم .
· اعترف بخطاي يوم فكرت بك وطرحت عليك الفكرة لذا سأتركك واراقبك من بعيد واتمنى ان لاارى صورتك بين ضحايا انفجار مفخخة في مكان مزدحم من المدينة .
· بما اني اعتز بانتمائي ومواطنتي والمساواة مع الاخرين فلست خائفة وربما اشعر بسعادة عندما اشارك ابناء وطني مصيرهم اما اللصوص امثالك فهم يعيشون على الهامش ويتحينون الفرص ما ان تاتي حتى ينقضوا على فرائسهم ثم يرحلوا بالغنيمة المسروقة بعيدا . ارحل غير مأسوف عليك وستصلى نارا بكل درهم سرقته من قوت الناس .
· يا لسلاطة لسانك وجراتك ايتها المرأة الغاوية موتا وفقرا .. اراك قتيلة على صفحات جريدة او شاشة فضائية تنقل اخبار الدمار هنا .. وداعا .
. غادر المكان وهو يولول بكلمات غير مفهومة ويعلن قدره الذي قاده الى امراة تعشق وطنها برومانسية رغم جراحه وعجزه عن تقديم شي لها من مستحقات المواطنة وباذخ معها ومع امثالها بالموت والحروب والجوع والفقر والمنغصات الاخرى ولم ترضى بالهجرة منه رغم توفر الفرصة الممتازة لها .
. ضحكت سخرية من القدر وقالت : لك الله ياعراق يأتونك حفاة عراة لايملكون ما يكفيهم ثمن وجبة طعام من بائع متجول فتشبع جوعهم وتطرد خوفهم وتوفر لهم العيش الكريم لكنهم يطعنونك متى سنحت الفرصة ويسرقون كل ماوصلت ايديهم القذرة اليه ثم يهربون بعيدا .