بدأً أنا أبرأ ساحة الصحف مما تنشره من أخبار ومانشيتات صحفية ، لأن الصحف تأخذ أخبارها عن طريق مراسليها ومندوبيها ، الذين بدورهم يأخذون أخبارهم منتصريحات المسؤولين في الدولة ( عضو برلمان ، وزير ، وكيل وزير ، مدير عام أو أي مسؤول) ، ما يعني أن الصحف لا تأتي بالأخبار من عندياتها كما يتصور البعض !؟ ، ولكنلعدم وجود أية جسور من الثقة بين الحكومة وبين المواطنين بسبب قصور الحكومة أتجاه الشعب في الكثير مما يستحقه! ، ليس الآن بل منذ قيام الدولة العراقية عام 1921!، لذا طالما سمعنا في الشارع العراقي عبارة (يمعودلتصدك هذا حجي جرايد!) ، التي تعني عدم المصداقية فيما تنشره الصحف!. فعلى سبيل المثال نشرت صحيفة البينة الجديدة الغراء بعددها 4448 الصادر يوم الخميس الموافق 17/10/2024 خبرا عن توجه وزارة الصحة (( لأنشاء 10 مستشفيات ومراكز ومجمعات للطب النفسي! ، حسب تصريح المستشار الوطني للصحة النفسية في الوزارة ، السيد / عدنان ياسين محمد ، وستوزع هذه المستشفيات والمراكز النفسية في بغداد وبقية المحافظات وأيضا جاء قي الخبر، زيادة أعداد الأطباء الأخصائيين في مجال الطب النفسي ، حيث لا يتجاوز عددهم الآن ال 150 طبيب في عموم العراق!)) . وبقدر ما يفرحك ذلك! ألا أنك لا تستطيع أخفاء تعجبك ودهشتك عن الخبر!؟ ، فما الذي جرى من بعد أكثر من عشرين سنة ؟، لكي نتفاجأ بأن الدولة ممثلة بوزارة الصحة تخطط لأنشاء 10 مستشفيات ومراكز لمعالجة الأمراض والأضطراباتالنفسية ومدمني المخدرات!؟ وأين كانت الدولة قبل ذلك؟!؟ ، ولماذا الأن ؟ ثم متى سيتم أنشائها؟ ، لا سيما وأننا سمعنا الكثيرمن الأخبار والتي جاءت على لسان العديد منالمسؤولين بالحكومات التي قادت البلاد من بعد الأحتلال ،التي تتحدث عن أنجاز مشاريع ومعامل ومصانع ومدارس ومستشفيات! ، وكانت تلك الأخبار موثقة بصور وفديوهاتعن وضع حجر الأساس لتلك المشاريع!! ، ورغم كل ذلك لم تنجز أي من تلك المشاريع! ولم يبق منها ألا ( بقايا الصبة الكونكريتية التي تم وضع حجر الأساس فيها وكتابة عنوان المشروع!! ) ، والأدهى من ذلك أن هناك ، مشاريع صممت وأنجزت وتم صرف ما مرصود لها من مبالغ سواء بالدينار العراقي أو بالدولار، وتم كل ذلك على الورق فقط!!. وهذه الغرائب والعجائب المضحكة المبكية! ، يعرفها كل العراقيين ، لأن الفضائيات طالما تنشر هكذا أخباروتستضيف من يتكلم عنها!!. وأذا أردنا الحقيقة ، فأن الشعب العراقي يحتاج فعلا الى العشرات وحتى أكثر! منمثل هذه المراكز والمستشفيات المتخصصة لعلاج الحالاتوالأضطرابات النفسية! بسبب ما مر على الشعب العراقيمن مصائب وويلات وحروب خارجية وأهلية وغيرها الكثير من المشاكل والأزمات ، فهو دائم العيش بالخوف من قادم الأيام وهو على هذه الحال منذ أكثر من 40 عاما ولحد الآن!!، حتى يمكننا القول ، بأن الشعب العراقي هو من أكثر شعوب العالم بحاجة الى العلاج النفسي بشكل خاص والى الثقافة الصحية بشكل عام!!؟ ، لا سيما بعد مصيبة وكارثة المخدرات ، التي أنتشرت بالعراق بشكل مخيف ورهيب من بعد الأحتلال! ، حتى وصلت الى الأسر والعوائل والى المدارس الأبتدائية في بعض المحافظات! ، وهذا ما تحدث به الكثير من المسؤولين عبر الفضائيات!! . فمن الطبيعي عندما تنشر الصحف أخبار عن توجه وزارة الصحة لأنشاء مراكز ومستشفيات للعلاج والأضطراباتالنفسية ، بعد أكثر من 20 سنة على أحتلال العراق! ، لا يكترث لها القاريء وتمر هكذا أخبار أمامه مرورا عابرا ، هذا أذا كان هناك من يبحث عن الصحيفة ويقرأها!!؟ ، لأن المواطن يعرف تماما ، بل وبيقين تام بأن شؤون المواطنين وقضاياهم ومحاولة توفيرالحياة الكريمة والعيش اللائق بهم كبشر، هو آخر ما تفكر الدولة وآخر ما يفكر به المسؤول العراقي!؟ . الذي أريد أن أقوله هو أنني لست بصدد تكذيب الخبر لا سامح الله ، مع كل التقدير والأحترام لكل موظف موجود في وزارة الصحة بدأ من معالي الوزير وصولا الى أبسط موظف فيها ، فالموضوع هو موضوع الثقة بين المواطن والدولة والتي هي مفقودة تماما! ولحد الآن ،ولم تفكر الدولة ولا تحاول حتى! ، بأعادة ولو شيء بسيط من تلك الثقة بينها وبين المواطن!؟ ، فالدولة ومنذ غزو أمريكا للعراق في 2003 ، وعلى مر كل الحكومات التي قادت البلاد من بعد الأحتلال الأمريكي ، لم تبني روضة أطفال حكومية ولا ملجأ للأيتام ولا مستوصف بسيط! ، في كل محافظات العراق ، فكيف سنصدق أن الدولة ممثلة بوزارة الصحة تنوي أنشاء 10 مراكز ومستوصفات ومستشفيات لعلاج الأمراض والأضطرابات النفسية في العراق!؟ ، في ظل الفساد الذي لا زال ينهش بجسد الدولة العراقية بكل وزاراتها ودوائرها!؟.