7 أبريل، 2024 11:44 م
Search
Close this search box.

اللامسؤولية مذهبنا!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

المذهب الفاعل في مجتمعاتنا هو مذهب اللامسؤولية , وأي إدعاء بمذهب سواه ضحك على الذقون , وسمفونية هراء تضليلية للإيقاع بالبشر وإفتراسه بإرادته , فما تسمى بالمذاهب هدفها تأهيل البشر للسقوط في قبضة تجارها , وتحويله إلى بضاعة يجنون من بيعها أرباحا خيالية.
إنه المذهب الحقيقي والفاعل دوما والمقرر لمصير الأجيال , المتوارث والمعزز بالأحداث والمواقف والتطورات , الكفيلة بترسيخه وتقويته ومده بطاقات التواصل والتحقق المرير , بعيدا عن بديهيات الرؤى والتصورات وأحكام العقل والفهم.
هذا المذهب يتصف بتدرعه بالعواطف الشرسة , والإنفعالات الحامية , والصولات الدامية , اللازمة لتأجيجه وتحقيق تأثيراته , وإدخال البشر في متوالية الخسران , وحبسهم في دائرة مفرغة من الويلات والنكبات القاسية.
فما يحصل سببه “هو” ولا يمكن أن تُلقى المسؤولية على غيره , و”هو” يمكن إختياره وفقا لما يحقق المصالح , وقد تبدل إلى ما نشهده اليوم من مخترعات وإبداعات ذات قابليات فتاكة للتجريد من المسؤولية.
فما يحصل في مجتمعاتنا ليس من مسؤوليتنا وإنما بسببهم , و “هم” ما أكثرهم , فقد تعددوا وتنوعوا , وتطوروا وتوالدوا , وفي كل عصر لدينا من أحفاد “هم” ما لا يخطر على بال الأجيال التي إرتهنت بآليات “هم” المعاصرة , لكن الهدف واحد والنتجة ذاتها , وخلاصتها تبديد الطاقات والقدرات وتفتيت المجتمعات , وتدمير ما يشير للهوية الذاتية والموضوعية.
وهذا النهج الإسقاطي من أشرس الديناميكيات التي دمرت مجتمعاتنا , فتجد المدعين بالسيادة والشرفية وغيرها من أوهام التعالي والتسيد على الآخرين , يضعون أنفسهم في أبراجٍ عاجية ويستعبدون الجهلاء والمُضللين , ويسخرونهم لتحقيق مآرب أمّارات السوء التي فيهم.
ووفقا لذلك تجدنا أمام محنة قاسية لا نعرف الخروج منها , فما دمنا لا نمتلك أي قدر من المسؤولية فحل المشاكل بعيد , فلكي تحل أي مشكلة عليك أن تعترف بوجودها , وتتحمل المسؤولية إزاءها لكي تتحفز فيك قدرات التصدي لها والتفاعل معها بما يحقق حلولا ذات إيجابية وصالح مشترك.
وبما أن الشعور بالمسؤولية يحسب تهمة ومسبة في مجتمعاتنا , التي يرى فيها البشر نفسه منزها وبريئا وما يحصل بسبب الآخرين , فهم المتهمون وليس هو , وأي تفكير أو منطلق أو إرادة لا تتأكد في وسط لا يعترف أو يقر بالمسؤولية , والقدرة على المواجهة والتفاعل المتحدي اللازم للخروج من الأزمة.
ومن الملاحظ أن بعض الأنظمة السياسة , لا تتفاعل مع واقعها بمسؤولية , وتعتمد على الآخرين وتستدعيهم , وتتوسل إليهم وترشيهم ليقوموا بالواجبات نيابة عنهم , ويتغافلون عن إرادة غيرهم المرتبط بمصالحه وحسب.
فهل وجدتم مَن حل مشاكل غيره , أم أن الجميع يستثمر مشاكل الآخرين لتأمين مصالحه؟!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب