18 ديسمبر، 2024 9:06 م

الكيان الصهيوني بين القلق الوجودي وهدف السيطرة على اقتصاديات المنطقة العربية

الكيان الصهيوني بين القلق الوجودي وهدف السيطرة على اقتصاديات المنطقة العربية

تسير عملية التطبيع بين الكيان الصهيوني ودول وأمارات الخليج العربي ودول عربية اخرى على قدم وساق فلا يكاد يمر شهر الا ونسمع عن لقاء بين هذا الوزير الصهيوني وذاك الوزير العربي، او استضافة فرق رياضية او فنية او ثقافية في تلك العاصمة من عواصم دول الخليج العربي او هذه العاصمة من عواصم بقية الدول العربية من دول التطبيع العربي. الصحافة الاسرائيلية وبعض المسؤولين الصهاينة، يعلنون او يفضحون بقصدية، هذه الزيارات واللقاءات، الغرض من هذا الفضح او التسريب هو كسر الحاجز النفسي في علاقة الكيان الصهيوني مع المحيط العربي. الصهاينة يدركون جيدا بأن الشعوب العربية، ترفض هذا التطبيع، مهما روج له، في النهاية لايمكن ان يقبل الشعب العربي بالتطبيع مع كيان غاصب ومحتل ومجرم. أكبر مثالين على هذا الرفض؛ هو موقف الشعب المصري والشعب الاردني الرافضان لهذا التطبيع على الرغم من السنوات الطويلة التى مرت على عقد اتفاقيتي، كامب ديفيد ووداي عربة، بالاضافة اتفاقات اوسلو التى لم تغير على الارض، حتى ولو شعرة، من مقاومة هذا الاحتلال بكل الوسائل والطرق المتاحة. الكيان الصهيوني في المواجهات العسكرية في السنوات الاخيرة مع المقاومتين العربية والفلسطينية، لم تعد او لم يعد لهذا الكيان اليد الطولى فيها كما كان سائدا في السنوات السابقة، فقد غيرت الجاهزية العسكرية للمقاومة الفلسطينية والعربية للاحتلال الصهيوني، قواعد الصراع والاشتباك. فلم يكن بأمكان الكيان الصهيوني مهاجمة الجوارين العربي المقاوم والفلسطيني المقاوم من دون ان يدفع ثمنا باهضا لهذا العدوان، مما حد من عدوانيته وكبح غطرسته. الكيان الصهيوني يعاني من مشكلتين ستراتيجيتين؛ الاولى، المشكلة الديموغرافية وهي مشكلة بنوية، ليس في أمكان الكيان الصهيوني التغلب عليها،لأنها وببساطة خارج إرادته، مهما فعل وخطط. النمو السكاني الفلسطيني في الذي تبقى من ارض فلسطين، الضفة والقطاع، نمو مضطرد وفي زيادة مستمرة بالاضافة الى فلسطيني الداخل الاسرائيلي. المشكة الثانية، دخول الصواريخ كعنصر حاسم وجدي في التاثير الفعلي على الاندفاعة الاجرامية الاسرائيلية في مهاجمة الجوار العربي المقاوم او الفلسطيني المقاوم. فمساحة اسرائيل لاتتحمل الرشقات الصاروخية للمقاومتين العربية والفلسطينية مهما كانت قوة وقدرة القبة الحديدية الاسرائيلية فليس في مستطاعتها، صد موجة من الاغراق الصاروخي في آن واحد، بالاضافة الى المتغير الحتمي والمستقبلي للنظام الرسمي العربي.. الكيان الصهيوني يدرك تماما تاثير هاتين الحقيقتين على مستقبل وجوده المفتعل والدخيل على المنطقة؛ لكي يتغلب على هاتين المعضلتين آنيا ومستقبلا، تفتق عقل دهاقنة الصهيونية عن مشاريع التطبيع وصفقة القرن، كي يؤسس بها قاعدة للامن والسلام والاستقرار لكيانه، هذا اولا وثانيا والذي لايقل اهمية او هو مترابط ترابطا عضويا مع الاول، بالاضافة الى الترابط الوجودي أي في اسباب واصل واهداف وجود هذا الكيان، وهي اهداف امربالية، الاثنان في علاقة جدلية على ارض الواقع. في العود الى عملية التطبيع، فهي عملية تدخل في بابين؛ الاول، هو أمن وأستقرار الكيان الصهيوني والثاني هو جعل هذا الكيان الغاصب؛ مركز اقتصادي تقليدي ورقمي وصناعي ومعلوماتي في المنطقة العربية، وهذا الاخير، هو هدف وجودي أي تحقيق الغاية بكامل ابعادها، من ايجاد الكيان الصهيوني فوق الارض العربية.. كي يتم تمرير هذين الامرين تجري بصورة معلنة عملية التطبيع بشقيها الرسمي (والشعبي) وخفية وسرية في اغلب موادها وأجراءتها الاستراتيجية، السياسية والثقافية والاقتصادية على الارض. (التطبيع الشعبي) يشكل اهمية ستراتيجية أكثر اهمية بما لايقاس من التطبيع مع النظام الرسمي العربي الخانع والضعيف في علاقته مع الدول العظمى والكبرى وحتى مع دول الاقليم الكبرى، والمضطرب والمخلل في علاقته مع القاعدة الشعبية. ولعدم ثقة هذا الكيان، في استمرار وديمومة النظام العربي الحالي فهو خاضع خضوعا حتميا لمتغيرات المستقبل، لذا، نلاحظ أو يلاحظ كل ذو بصيرة؛ ان الكيان الصهيوني يركز تركيزا شديد الفاعلية والتاثير على القاعدة الشعبية في منتهى السرية والكتمان، في اتجاهين، الاول، التاثير على الوسط الثقافي وحملة الاقلام، بالاضافة الى الكتاب بمختلف أنواعه، السياسية والادبية وبحوث الفلسفة الاجتماعية السياسية او الميثوبولجية وأصل الاديان والحظارات القديمة في المنطقة العربية، وأن كتبت بأقلام اسرائيلين، أوبأقلام صهاينة يحملون الجنسية لدول أخرى، لصناعة رأي وموقف مجتمعي واجتماعي، متغاير عن الرأي والموقف السائد والراسخ في المجتمع العربي. وثانيا وعبر الاول ومن خلاله أنتاج قيادات مجتمعية وأجتماعية، ثقافية وأدبية وسياسية تتلائم مع تحول اسرائيل الى دولة محور أقتصادي وصناعي في المنطقة العربية، لتشكل معين لصناعة وجوه قيادية تتصدر المشهد السياسي مستقبلا، حين تدق ساعة الحقيقة، لتلبسها، خداعا، الوجه البديل، الوطني والموحد للصف والمنتج للمدنية والتحضر والتنمية والتطور. في السياق نلاحظ ان الاعلام الاسرائيلي يقوم وباستمرار باظهار الشباب العربي وهم قلة وقلة جدا؛ في وسائل الاعلام بصورة مبالغة بها جدا، بدءاً من لقاءاتهم مع وزير الخارجية الى القاءتهم مع نتنياهو بالاضافة الى تنظيم عدة لقاءات معهم تعرض على شاشة القنوات الاسرائيلية. الغرض منها هو توجيه رسالتين، الاولى، الى العالم الحر وهنا نقصد الشعوب في العالم الحر؛ بأن الشعوب العربية ترغب في علاقة أخوة وسلام مع الكيان الغاصب الذي يمارس الاجرام بحق الفلسطينيين في كل ساعة، كما حدث مؤخرا في زيارة شاب سعودي الى اسرائيل، والثانية؛ أن الشعوب العربية ترغب في التطبيع أكثر كثيرا من النظام الرسمي العربي، المطبع اصلا مع اسرائيل. ان هذا هو التوجه الاسرائيلي من وجهة نظر كاتب هذه السطور المتواضعة. في الصدد، نعتقد اعتقادا راسخا من ان هذا التوجه سوف لامحال يمنى بالفشل والفشل الذريع، وهذا أمر مؤكد ومؤكد جدا. الشعوب العربية تعيش الأن في كبوة تاريخية، سوف ينتج منها نهضة تاريخية لامحال، تعيد الامور الى الطريق الصحيح. هذه المرة تختلف عن المرات السابقة، أختلافا جذريا، وهنا نعني بالمرات السابقة، النظام الرسمي العربي الذي كان قائما قبل التحولات الاخيرة، على الرغم من اخفاقاتها الأنية، الا أنها سوف تؤسس لنظام رسمي عربي ينتجه صوت الشعب اجلا. مهما تكالبت عليه الخطط والبرامج؛ لسببين، الاول ان الشعوب العربية تعرضت الى المظالم والقسوة والشراسة، سواء في التحولات الاخيرة او خلال قرن كامل مما كون لديها رؤية غنية وثرية في فحص الواقع وما ينتج منه. عليه لايمكن عندها ان تنخدع بمن يلوي اعناق الحقائق. ويكون لها موقف منتج، ينتجه صوت الشعب بما ينسجم مع حركة الواقع الذي يمثل مصالحها في الحاضر والمستقبل. والثاني وهو مرتبط مصلحيا اي المصلحة الوطنية مع مصالح الاوطان العربية ومن اهمها القضية الفلسطينية. في هذا الاتجاه نلاحظ وكي تمرر صفقة القرن او صفقة تصفية القضية الفلسطينية، تم زرع الفوضى وحرف بوصلة ( الربيع العربي) عن أصل حركتها في اتجاه معاكس كليا عن اصلها حتى صارت وبالا على الشعوب والاوطان. ومن الطبيعي بل لزاما علينا كي نصل الى الحقيقة؛ أن نقرأ، قراءة صحيحة وواقعية وموضوعية؛ بأن ما يجري في الاوطان العربية التى تحولت الهوية فيها من الهوية الوطنية الى الهوية المناطقية والطائفية، حتى تم أدخالها في أتون صراع دموي لايخدم شعوبها وأوطناها، تشير بأن هذا الصراع حدث بفعل فاعل، فاعل امريكي صهيوني، خدمة لمشاريع الكيان الصهيوني..