لا احد يكشف سرا ولا هو مبعث خجل لأحد إذا قلنا إن دولة الكويت كانت الى عهد قريب في أثناء الاحتلال العثماني للعرب قضاء تابع الى ولاية البصرة العراقية فهذا هو التاريخ عبارة عن وقائع مسجلة لا يمكن إنكارها ويجب على الجميع سردها كما هي وليس من المهم البحث في أحقية قيامها كدولة أو بقائها جزء من العراق وأسباب ذلك فالأمور سارت بهذه الطريقة واستقر الوضع على ما هو عليه والنقاش فيه غير مجدي أما أسبابه فلها نقاشها على انفراد كإخوان لا كأنداد متخاصمين ومعروف أيضا إن أنظمة الحكم التي قامت في العراق على طوال القرن الماضي كلها كانت تطالب بإعادة الكويت الى العراق خصوصا في عهد العراق الجمهوري وتحولت دولته من الملكية فطالما تحركت الحكومات بهذا الاتجاه وآخرها ما حصل في عام 1990 ولا نريد الخوض في التفاصيل ولكن لا زلنا نعاني من نتائج هذا الفعل بعيدا عن التطرف فاحتلال العراق من قبل أمريكا كان الذريعة التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لعدوانها على العراق ومجريات الأمور كلها واضحة للجميع ولكل وجهة نظره الخاصة ولا يجب أن يكون الاختلاف فيها مبعث لإثارة الأحقاد والعداوات فمنا من عاش تفاصيلها ومنا من دخل الحياة بعدها فهو يعرفها أما عن طريق سرد الكبار لهم أو عن طريق الوقوف على معاناة الشعب العراقي عامة منها والتي خلفت أحقاد كويتية على عموم الشعب العراقي دون استثناء يعلم الله متى تنتهي رغم التصالح الذي يبدو من خلال الزيارات المتبادلة بين أركان الحكومتين لكنك إذا حاولت المتابعة لهذا الملف والوقوف عند ما يحصل ولو من بعيد ستجد إن الزيارات تلك لا تتعدى عن كونها تغطية غير مناسبة لما يجري خلف الكواليس على المستوى الشعبي فالدعم الذي قدمته أمريكا للكويت جعلت حكومتها قوية أكثر مما ينبغي وعدوانها على العراق جعله اضعف مما ينبغي حد ما أصبحت كمواطن عراقي تخجل من هذا الضعف القريب من الأذل وفرض الشروط إذا لم يكن الذل بعينه وأنت تعيش في بلدك وليس في الكويت فإذا كنت هناك ستقع في كارثة كبيرة من سوء التعامل حتى على المستوى الرسمي وذلك الحال جعل من الكويت غول طموح وطمع لا يقف عند حد ولا يقنع ومن خلال الأموال التي تمتلكها دولة الكويت أصبحت تضغط في المحافل الدولية للحصول على امتيازات لم تكن أي حكومة كويتية تحلم في الوصل الى تحقيقها على الرغم من أن الخطر الحقيقي سوف يأتيهم من غير العراق ربما لان حكامها يشعرون لسبب أو لآخر إن هذا الحال من المستحيل أن يدوم وان لابد أن يرجع الحق الى أصحابه إن عاجلا أم اجل لان دوام الحال الخطأ ومن المحال أن يدوم مهما تعددت الأسباب.
لا نريد أن نصب الزيت فوق النار ولا أن نحرض أحدا ضد احد ولكن هذا الحال جاء نتيجة طبيعية لما اكتسبته الكويت وغيرها من كل دول الجوار على حساب العراق فما كان مستحيلا بالأمس أصبح اليوم واقع حال لأسباب تخص ضعف الحكومات العراقية المتعاقبة من بعد عام 2003 وقلة خبرتها في إدارة الدولة في مسالة ترسيم الحدود أضف اليها موقف الأمم المتحدة المساند للجميع باستثناء العراق فأصبحت أراضي العراق مستباحة للجميع حد التجاوز على الاتفاقيات القديمة الموقعة بين العراق ودول الجوار الستة والأدهى والأمر إن الاعتداءات مستمرة على السيادة العراقية دون أن يحرك أحدا ساكنا كالقصف التركي للأراضي العراقية المستمر تحت ذريعة متابعة حزب العمال التركي (B.K.K ) وكذلك بالنسبة لإيران فان الوضع لا يختلف كثرا فلطالما انتهكت سيادة العراق بمختلف الوسائل وأمام أنظار المجتمع الولي.
منذ أن كنا صغارا نسمع إن حدود الكويت تنتهي عند منطقة تسمى المطلاع وهي تبعد كثيرا عن الموقع الحدودي الحالي الذي وصلت اليها لان ولترسيم حدودها مع العراق آخذت أراضي إضافية بل وقد دخلوا في عمق مدينة سفوان الحدودية حتى تم الاستيلاء على بعض الدور السكنية وإخراج أهلها منها بالقوة فهل من المعقول إن هذه البيوت كانت في يوم ما خارج حدود العراق بمعنى هل يعقل إن أهالي المنطقة قد شيدوا دورهم التي تقع أصلا في مدينة سفوان على أراضي كويتية وليست عراقية ؟ وهذا مستحيل طبعا ونحن لسنا ضد هذا الترسيم ولكن يجب أن يكون هناك مراعاة للاتفاقيات القديمة بين البلدين ولا نلوم الحكومية الكويتية على سعيها الى الحصول على مزيد من الأراضي العراقية لان حكومتنا هي من تهاونت وتنازلت عنها ربما تحت ضغط من الأمم المتحدة ومن الحكومة الأمريكية المساندة لها خصوصا أيام إستيزار السيد هوشيار زيباري لوزارة الخارجية لدورتين متتاليتين على أن لا ننسى إن حقول نفط الرميلة الجنوبية مشتركة بين البلدين وان قعر الحوض النفطي يقع داخل الحدود العراقية والكويت تعاني عند استخراج النفط منذ مدة طويلة وقد أخذت بضخ الماء فيه لرفع النفط مع استخدام طريقة حفر الآبار المائلة المعروفة.
إن حكومة الكويت هي الدولة الوحيدة التي أصرت على موقفها بعدم جدولة ديونها على العراق وأصرت على استيفاء نفقات الحرب وعلى عدم مساعدة العراق في محنته الاقتصادية الناتجة عن عدوان عصابات داعش القذرة وعدم المساعدة في تكاليف طردها وتحرير الأراضي العراقية من دنسها وهي أكثر دولة في العالم بعد إسرائيل لا ترغب في أن يكون العراق قويا خشية من تكرار نفس السيناريو السابق وظهور من يطالب بالحقوق وهي تراعي مصلحة بلادها على حساب العراق ليس في الجانب البري وحده بل في البحر أيضا وتعمل منذ ما قبل عام 2003 على تقليل إطلالة العراق على الخليج العربي منفذه البحري الوحيد وقد أنشئت ميناء مبارك الصباح قرب الحدود العراقية بحيث أطبقت على مدخل شط العرب في الجانب العميق الصالح للملاحة وتركت المناطق غير العميقة وهي لا تصلح لمرور السفن خصوصا الكبيرة بل وعمدت الى إقامة دعامات أو جزر اصطناعية لتزيد من عرقلة الملاحة القادمة الى العراق خصوصا وان الحدود البحرية غير مرسمة الى حد الآن ولأول مرة تبادر وزارة الخارجية في الحكومة العراقية بمفاتحة الأمم المتحدة كموقف وطني مهم كان يفترض بالوزارة العمل به منذ ما قبل تنفيذ العمل في ميناء مبارك الصباح الذي خرقت به الكويت كل الأعراف الدولية وتجاوزت على حدود العراق.
نعم من حق الكويت كدولة العمل على تحقيق مصالحا في كل الجوانب وكل المجالات ولا اعتراض لنا على هذا ولكن ليس على حساب المصلحة الوطنية العراقية وخنق الاقتصاد العراقي وإغلاق منفذه البحري الوحيد وهذا يحتاج الى شرح تفصيلي ولكن الشعب العراقي كله ينظر باحترام الى موقف الحكومة العراقية هذا ويطالب بالمزيد من الحزم وهو تحذير الى حكومة الكويت من التمادي في غيها على حساب العراق وإذا كانت أسباب معينة تفرض على العراق السكوت اليوم فان حكومة الكويت تؤسس لزرع فتنة لابد أنها ستقوم في يوم ما بين أخوة يمكن أن يتم تجاوزها اليوم أفضل من الغد إذا عمل الجميع بحكمة المسئول المتعقل الذي ينظر الى بناء مستقبل يسوده السلام.
حفظ الله الجميع وابعد عنهم نار الفتن اليوم وكل يوم