بعدما تسلم محمد شياع السوداني رئاسة الحكومة في العراق، أطلق الكثير من الوعود للجميع، وتعهد بإنجازها خلال مدة أقصاها عام واحد، كما تحدث الكثير من المسؤولين السياسيين والحكوميين والنواب الإطاريين عن الإرادة والعزم وتجاوز السلبيات وفتح صفحات جديدة لتمتين العلاقات والوصول الى تفاهمات حول مختلف القضايا بين أربيل وبغداد وبين العراقيين عموماً، والبعض منهم، إستعار تعابيرعجيبة وغريبة من أجل تمجيد الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة. لذلك إعتقد البعض (سهواً) أن العلاقات السياسية بين المشتركين في ائتلاف إدارة الدولة ستكون طبيعية وراسخة في شتى الاتجاهات والميادين، وسيتمكنون من إجراء عمليات تغيير جذرية على القيم والافکار السلبية التي کانت سائدة في ما قبل، وأن العراقيين سيدخلون مرحلة تلقف الفرص للتطور وإرساء ركائز الإستقرار، وأن الفاعلين السياسيين سيركزون على بناء جسور الثقة بينهم ويسهمون في إنهاء معاناتهم، وسيعيدون النظر في السياسات المتبعة، تجاه السلاح المنفلت وأمريكا والتوغل الإيراني والتركي في أراضي إقليم كوردستان وخرق سيادة العراق، وسيتحركون بنشاط في سبيل الوصول الى تفاهمات وإتفاقات مع أنقرة وطهران، ويرسخون الشعور بالثقة في النفس أكثر من أي وقت مضى. ولكن ذهب إعتقادهم أدراج الرياح، لأنهم ، رغم مرور عام على تشكيل حكومة السوداني، يستطيعون رصد مجموعة من تقديرات ومواقف سياسية وإعتراضات علنية وأخرى صامتة، تسهم في رفع منسوب التفرقة والإرباك والارتباك والغضب بين أوساط الرأي العام، وما زالوا يعانون من الفوضى والإنقسام، ومن الفجوات العميقة وضيق الأفق والتقصير والإنتقائية في تنفيذ الدستور، وهدر الجهود وغياب الوعي والخطاب السياسي الجامع، بل يدركون أن البعض من الجهات المشاركة في الحكومة إبتعدت عن الحنكة السياسية، ولا تأخذ في الحسبان الظروف والأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية وتصاعد المشكلات، وتفتح ملفات محيرة بجرة قلم متهورة، دون الاستفادة من التاريخ القريب الذي يحفل بدروس طوقت أعناق الجميع.
البعض الآخر يعتبر تلك التصرفات مغامرات مشكوكة فيها تشير الى عدم الاكتراث بهموم الناس ومآساتهم، وتعبيراً عن عقليات متكلسة لا يهمها سوى تحقيق مصالح حزبية او فئوية أو مذهبية ضيقة تتعارض مع المصالح العامة. ويتحدث بيقين مطلق عن وجود مؤامرة مكتملة الإركان في الداخل ومكملة للمؤامرات الخارجية، تحاول عن قصد تغذية المزاعم والافتراءات بحق الشركاء في الحكومة والوطن للفت الانتباه ولمحاولة التحلل من عبء الأخطاء وتراكماتها، وتريد جرالجميع نحو صراعات تصب في خانة التخلص من المتنافسين على المواقع والمناصب والمكاسب المادية. وبسبب تعنت وسياسات بعض الجهات، وبعد مضي عام على تشكيل حكومة السوداني، لم تطبق أي من النقاط المتفق عليها بين الكورد الإطار التنسيقي والسنة والإطار، وما حصل عليه الكورد يمكن إختصاره في (تخفيف تعرضه للهجمات والاتهامات الشرسة والهجمات الصاروخية التي كانت تطلق ضده)، وهنا نؤكد على كلمة تخفيف وليس إنتهاء. وكذلك الحال بالنسبة لتحالف السيادة السني. والطرفان يشاهدان بوضوح النكث والتسويف والتهرب والتنصل من الوعود التي قطعت لهم قبل تشكيل الحكومة، رغم أنهم إستجابوا أكثر من مرة لطلبات السوداني بالانتظار والإمهال، وتجنب التصعيد أو الدخول في المناكفات الإعلامية مع مثيري الفوضى، و(ربما) مازالوا يعتقدون أن السوداني والعقلاء من قادة الإطار لديهم نية جادة لتطبيق فقرات ورقة الاتفاق السياسي. ويريدون تنفيذ شروطهم لكونها حقوق وواجبات، وإنهم (أي قادة الإطار والسوداني) يعرفون أكثر من غيرهم أن توقيت تنفيذ الورقة ليس مفتوحاً، وأن عدم تنفيذ تلك الفقرات وتسويف بعضها لفترة أطول، بسبب ضغوط تمارسها أطراف خارجية وأطراف قريبة من السوداني، سيدفع الكورد والسنة إلى إتخاذ مواقف سياسية تهدد إستمرار ائتلاف إدارة الدولة وإستقرارالحكومة، وترفع عنها الغطاء البرلماني والدعم السياسي، وهذا الأمر يخشى منه السوداني وبعض الإطاريين، خاصة وأن تصريحات ودعوات البارتي وتحالف السيادة المطالبة بتنفيذ ورقة الإتفاق السياسي التي تم توقيعها خلال مفاوضات تشكيل حكومة السوداني تجابه بردود فعل حادة من قادة مليشيات مسلحة وأعضاء في أحزاب وقوى رافضة للوعود التي قطعت لهم.