18 نوفمبر، 2024 12:31 ص
Search
Close this search box.

الكورد الفيليون ، ومعضلة ازدواجية الهوية

الكورد الفيليون ، ومعضلة ازدواجية الهوية

كثيرا مانسمع هنا وهناك سجالات ومناقشات بين ابناء شريحة الكورد الفيليين بشأن الانتماء القومي والمذهبي ، منهم من يريد ان ينسلخ من هويته القومية ويحتفظ بالهوية المذهبية ومنهم من يسعى الى ان يضع الهوية القومية بالاولوية ومن ثم التمسك بالمذهب و هناك فئة اخرى تعتقد ان الهويتين ضروريتان للبقاء.
اعتقد ان التوجهات الثلاثة لم تأت من فراغ بل لكل منها أسباب موضوعية ومبرراتها العقلانية احاول ان الخصها في هذا المقال.
بأعتقادي الفئة الاولى التي تنادي وتسعى للانسلاخ عن الهوية القومية ، هم اقلية قليلة من اولئك الذين ارغمتهم الظروف السياسية ان يعيشوا في بيئة عربية تنتمي للمذهب الجعفري وان يتأثروا بنهجها وافكارها ، اما اعتقادا حقيقيا بالمذهب او الخوف والهاجس من تعرضهم للمضايقة والاعتداء عليهم من قبل البعض من اصحاب النفوس الضعيفة من العرب ، لان الاخوة العرب بشكل عام احتضنوا الكورد بشيعتهم وسنتهم في زمن سلطة البعث القمعية الدكتاتورية عندما رحلوا من مدنهم وقراهم الى مناطق الوسط والجنوب وفي ظل ظروف صعبة للغاية ومدو لهم يد العون والمساعدة بأعتبارهم مظلومين جراء سياسات البعث التعسفية .
اذن هذه الفئة التي عاشت وترعرعت في بيئة عربية وبنت حياتها ومصالحها ومستقبل اطفالها على واقع الحال ، وفقدت ثقافتها ولغتها وعاداتها وتقاليدها وتراثها لايمكنها الان ان تتراجع عن هويتها المذهبية في بيئة مشبعة بالفكر الطائفي المقيت
، لذلك تسعى الى ان تنسلخ تماما عن هويتها القومية وان تنصهر في بودقة تلك البيئة للحفاظ على وجودها.
اما الفئة الثانية التي تضع القومية اولوية على المذهب فهم من عاشوا في بيئة وظروف افضل مقارنة بالفئة الاولى مثل الكورد في مدن خانقين وجلولاء والسعدية ومندلي وبدرة و زرباطية التي شكل الكورد نصف سكانها اوغالبيتها ، وايضا قربها من معاقل الثورة الكوردية في كوردستان والتواجد المكثف للاحزاب والقوى الكوردستانية فيها ، وتمكنوا من الحفاظ على ثقافتهم وتراثهم ولغتهم بسبب وجود مدارس كوردية في بعض المدن والقرى وتحدث الاكثرية بلغة الام مما اتاح لهم الاحتفاظ بلغتهم لذلك الفئة الثانية هي اكثر انتماء للقومية مقارنة بالفئة الاولى.
اما الفئة الثالثة التي تسعى للتمسك بالقومية والمذهب معا ، فهم الطبقة المثقفة المتحضرة التي احتفظت بالهويتين برغم المعاناة والآلام وخاصة من سكنوا الاحياء الكوردية في المدن الكبيرة مثل العاصمة بغداد وبعض مراكز المحافظات الاخرى والتي لاترى تعارضا بين الهويتين حالهم حال اشقائهم الكورد السنة ومن الطوائف الاخرى كالايزيديين والكاكائية والشبك والمسيحيين الذين بقوا متمسكين بكورديتهم وملتزمين باحكام اديانهم ومعتقداتهم.
اذن ماهو الحل الانجع لمشكلة ازدواجية الهوية؟
اعتقد الحل الانجع هو تقبل الآخر و احترام خصوصية الفئات الثلاث وليس النقاش العقيم الذي لايوصل لنتيجة مقنعة ، طالما كل فئة متمسكة بما تعتقد هو الصواب ، لأن كل منها لها مبرراتها المنطقية للأستمرار في الحياة والحفاظ على مستقبل الاجيال التي تليها ، والحقيقة الاخرى هي ان الانتماء ليس ببذرة لتغرس في نفس
الانسان وليس بدم يزرق في شرايين الفرد ، انما الانتماء القومي والمذهبي قناعة واعتقاد يولد مع ولادة الانسان في احضان الاسرة وينمو في البيئة التي ينشأ فيها.

أحدث المقالات