18 ديسمبر، 2024 9:19 م

الكوت، كومة من التمر وعملية السلام في الشرق الأوسط

الكوت، كومة من التمر وعملية السلام في الشرق الأوسط

الكوت عاصمة اقليمية على بعد حوالى مئة ميل (160 كلم) جنوب شرق بغداد على نهر دجلة. خلال الحرب العالمية الأولى وقعت تحت الحصار وتم ألأستيلاء عليها مرتين؛ مرة من قبل الجنرال تاونسند والجيش البريطاني و ألثانية من قبل القوات العثمانية بمساعدة القبائل العراقية.
جندي (بريطاني أو عثماني، أختر من شئت) كان لديه بغل ربطه بشجرة في منطقة معشبة وبالقرب من ألشجرة كانت هناك كومة كبيرة من التمور الجافة. كان البغل يدوس و يتبول و يتغوط على كومة ألتمر ولكن ذلك لم يزعج الجندي لأنه لم يكن يستطعم ألتمور ولم يعتقد أن الحصار سيطول. طال الحصار ونفذت حصص الإعاشة؛ وجاع ألجندي، فأخذ كيساَ وذهب إلى كومة التمر. وكان يأخذ ألتمرة بيده، ويفركها في أصابعه ويقرر “هذه نظيفة” ويرميها في ألكيس أو “هذه قذرة” ويلقي بها خارجاً حتى إنتهى من ألكومة بأكملها وملأ نصف ألكيس بتمر “نظيف” وخلق كومة أخرى من ألتمور “القذرة”. لم يكلف نفسه عناء نقل البغل بعيدا عن ألكومة ألجديدة من ألتمور”القذرة”، وأستمر ألبغل على ما كان عليه يدوس ، ويتبول ويتغوط على كومة ألتمور. وبعد ثلاثة أسابيع، نفذ ألتمر في ألكيس “، وجاع الجندى مرة أخرى، فأخذ كيسه الفارغ، وعاد إلى كومة ألتمر و ألتقط ألتمرات بيده و وفركها في أصابعه و “هذه نظيفة” أو “هذه قذرة”.
فما يتعلق الأمر بالتفاوض على السلام مع إسرائيل، فإن القادة العرب والفلسطينيين هم في رحلتهم العاشرة إلى كومة التمر، في كل مرة تصبح التمور أكثر قذارة وعليها المزيد من البول والبراز.
وكان هذا يمكن أن يكون مضحكا أو مسليا لو لم يكن صحيحا ولأن الملايين من الفلسطينيين المعوزين يعانون من هذه العواقب.
أحد، برأيي إنه بريطانيا، يحتاج إلى أن يقول لشعب فلسطين الحقيقة؛ عندما يتحدث الإسرائيليون عن “حل الدولتين”، فإنهم يعنون إسرائيل والأردن وليس دولة فلسطينية مستقلة. وقال شريكهم في أوسلو رئيس ألوزراء إسحاق رابين بعبرية صريحة لصحيفة دافار، صحيفة أتحاد العمل الإسرائيلي، أنه ليس في مصلحة إسرائيل قيام دولة ثالثة بين إسرائيل والأردن. (29 سبتمبر 1993). وإذا لم يكن ذلك كافيا، فإن معاهدة وادي عربة للسلام لعام 1994 بين الأردن وإسرائيل تمنح ملك الأردن سلطة إدارية على المواقع الإسلامية في القدس، وليس لشركائها الفلسطينيين الجدد. رؤية رابين كانت كيان فلسطيني جزء من الأردن أكثر من حكم ذاتي و أقل من دولة مستقلة مثل اسكتلندا جزء من المملكة المتحدة. لكن رؤية الليكود هي أقرب بكثير ألى محميات ألهنود ألحمر في الولايات المتحدة. ومع بداية ألثورة ألأستثمارية في إسرائيل في أواخر التسعينات، هناك عدد أكبر من الإسرائيليين يوافقون على نهج اليسار الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين من أولئك الذين يرغبون في التصويت لصالحهم بسبب سياسات اليسار بشأن الضرائب وأنظمة العمل. اليسار ميت في إسرائيل.
لا أحد في القيادة الفلسطينية، فتح أو حماس، لديه الشجاعة ليقول لشعبه الحقيقة؛ أنه في الصراع على هذه الأرض، هم الطرف المهزوم، وأن عليهم أن يأخذوا ما يمكن أن يحصلوا عليه الآن لأنه سيصبح أصغر. لقد مضت خمسون سنة، وخياراتهم ليست محدودة فقط بل هي غير موجودة. يجب أن يلقوا نظرة فاحصة على وضعهم ويقيموا قوتهم و قوة عدوهم ولا يسمحوا للشعور بألمرارة ان يقودهم” مثل لماذا أنا؟ وماذا فعلت لأستحق هذا ” بالتأثير على قرارهم.