23 ديسمبر، 2024 12:29 ص

الكوارث والذكاء والعظماء

الكوارث والذكاء والعظماء

غني عن القول ان العظماء من القادة والعلماء ونجوم الفن والرياضيين والشعراء يولدون في قلب ومن قلب المعاناة الحقيقية ويكونوا مهملين اجتماعيا وخارج منطقة الضوء. كما انهم نتاج الفقر الناجم اما من كوارث الطبيعة او الكوارث التي يصنعها الانسان او بالأحرى من سوء إدارة موارد الدولة من طرف الحكومات وخاصة في دول العالم الثالث.
فعلى سبيل المثال هذه الكوارث في شبه القارة الهندية التي استعمرتها بريطانيا العظمى لفترة طويلة من الزمن دفعت الملايين من المتعلمين الهنود وفق النظام التربوي البريطاني الى مغادرة البلاد بحثا عن وضع اقتصادي وربما سياسي انسب ومن ثم اكمال دراستهم في بلدان العالم المتقدم. وكانت اعداد هؤلاء ضئيلة بالنسبة لأعداد سكان اوروبا وأستراليا وامريكا فتم قبولهم والترحيب بهم ثم اندماجهم بهذه المجتمعات الغنية ذات المستوى المعيشي العالي مقارنة بمستوى المعيشة في بلدانهم.
هنا بدأت معاناة من نوع اخر فكان عليهم العمل والجد والمثابرة لمنافسة اقرانهم وتمكنت اعداد كبيرة منهم من التفوق على غيرهم بل ان بعضهم برز وتميز في ميدان اختصاصه وبعضهم الاخر توصل الى ابتكارات وابداعات تشهد لها الإنسانية فالإنسان هو الانسان عربي او هندي او روسي عنده درجة من الذكاء قابلة للتطور يستطيع من خلاله مواجهة الكوارث وتطوير هذا الذكاء من اجل العيش الكريم أولا والرقي ثانيا.
ليس لدي في هذا المقال قصة لأرويها وكل ما قلته أعلاه يعرفه القاصي والداني والامثلة كثيرة كثيرة ولكن ما اردته هو تمهيد لقراءة مستقبل شعوب بعض الدول العربية وخاصة تلك التي شهدت احداث ما يسمى الربيع العربي.
من خلال اطلاعي على أحوال بعض الناس في هذه الدول. المعاناة امر مفروغ منه. شباب في ريعان العمر تراهم في أحسن الأحوال متزوجون وأنجبوا اولادا وبناتا يعيشون في منازل حتى الحيوانات لا ترتضي العيش فيها وتعاني مثلما يعانون وتفرغ غضبها فيهم مثل الفئران والعقارب وتخيف أطفالهم. دخلهم اليومي اقل دخل من أي مواطن في عالم اليوم ومع ذلك لا يستسلمون يعملون ويكدون من اجل عيش كريم.
في اعتقادي ان هؤلاء الأطفال المساكين الذي يعانون من ظنك العيش الناتج من سوء إدارة موارد البلاد والكوارث التي حلت بها ستجدون الكثير منهم يوما ما ينبغون ويبتكرون ما عجز عنه العلماء وستجد بعضا منهم قادة كبار ونجوم في مجالي الفن والرياضة وشعراء وعلماء متميزين في العلوم الإنسانية الطبيعية والاجتماعية وأطباء كبار ورجال وسيدات اعمال والفضل كل الفضل في ذلك يعود الى المعاناة الحقيقية التي اوقدت شعلة النبوغ عند هؤلاء الأطفال وسيشهد لهم العالم انهم ابطال ولدوا في بيئة غير طبيعية تحكمت بها شلة من الانذال والانانيين من لا ضمير لهم. اما التاريخ فبالتأكيد سيلعن هؤلاء المتنفذين وستسجل أسماءهم في سجل الخزي والعار فيما ستخلد أسماء أطفال المعاناة ويفتخر بهم أبناء جلدتهم.