18 ديسمبر، 2024 10:54 م

الكهرباء ووسائل تحفيز العاملين

الكهرباء ووسائل تحفيز العاملين

قبل حلول موسم الصيف من كل عام (فصل زيادة الطلب على الطاقة الكهربائية) يجري استنفار شامل لفرق الصيانة الخاصة بمعدات الوحدات التوليدية في المحطات بأنواعها وكذلك فرق الصيانة في شبكات النقل والتوزيع لتنفيذ الخطط والبرامج المركزية، التي تضعها الدوائر المعنية في قطاع الكهرباء وتحدّثها سنوياً بهدف مواجهة متطلبات الأحمال المتوقعة وتهيئة الوحدات التوليدية لتعمل بكفاءة وأمان، غالباً ما يجري إطفاء هذه الوحدات وعزلها عن المنظومة العاملة في موسم الربيع لاعتدال الأجواء مناخياً وما ينتج عنه في انخفاض الطلب على استهلاك الكهرباء حيث يخضع إطفاء الوحدات العاملة الى برامج زمنية عالية الدقة في التوقيتات تراقبها الدوائر والأقسام في مقرات شركات هيئة الكهرباء بالإضافة الى غرفة العمليات المركزية في مقر الهيئة والمشكلة لغرض المتابعة المستمرة في تأشير الانحرافات ونسب الإنجازات بهدف توفير متطلبات التنفيذ السليم لخطط الصيانة على وفق تقارير يومية تعرض على إدارة القطاع، يوازي هذا مراقبة المعنيين لتنفيذ هذه البرامج بالزيارات الدورية لمواقع العمل وتقديم الدعم الفني والمعنوي للعاملين من المهندسين والفنيين ومساعديهم.
لدى متابعتي الدورية (حينها كنت الوزير المكلف بإدارة هيئة الكهرباء) لمواقع عمل الصيانة في محطات توليد الكهرباء في المنطقة الجنوبية يرافقني مدير عام الدائرة الفنية في مقر هيئة الكهرباء (كان حينها المهندس القدير الراحل ممتاز رضا أيوب) والعديد من المعنيين.. كان هذا قبل صيف العام ٢٠٠٢ ولدى تفقدنا موقع إحدى المحطات الغازية العاملة في محافظة البصرة تم تأشير ما يجعل إعادة تشغيل إحدى الوحدات الخاضعة للصيانة في موعد يتأخر عن التوقيت المخطط له ..
طلبت من المهندس رئيس فريق صيانة الوحدة أن يحدد موعداً يلتزم به أمامنا لإنهاء الأعمال وإنجاز ربط الوحدة بالمنظومة الكهربائية وأن توفر الدائرة الفنية في مقر الهيئة كل ما يحدده من متطلبات وبصلاحيات استثنائية ويجري هذا بمتابعتها، على وفق التقارير الدورية، التي تعرض أمام أعضاء غرفة العمليات المشكلة لمتابعة عمل المنظومة، لكن المهندس المعني لم يلتزم بالموعد، الذي حدده لإنجاز العمل، فاتخذت قراراً قاسياً (قد يعده بعضهم غريبًا)، إذ أمرت بقطع التيار الكهربائي عن منزل المهندس مع التوصية بعدم إعادته الا بعد إنجاز ربط الوحدة التوليدية بالخدمة، وكانت مسؤولية إتمام صيانتها ضمن ما تعهد به من توقيت لم يف به .
بعد ثلاثة أيام من هذا الإجراء تمكن المهندس وفريق العمل، الذي يرأسه من إتمام العمل بكفاءة وتمت إعادة التيار الكهربائي الى منزل عائلته وانتقل من خانة المذنبين المعاقبين الى خانة العاملين الفائزين بالمكافآت التقديرية.
على وفق خبرتي العملية فإن العقوبات المعنوية أشد تأثيراً ووقعاً من العقوبات المادية في تحفيز العاملين على الأداء الأمثل في تنفيذ واجباتهم الوظيفية والتزاماتهم المهنية، كما أن للمتابعة الميدانية في مواقع العمل دورها الفاعل لتحقيق الخطط التي تضعها دوائر المركز، إذ هذا يخلق هذا العمل روح المنافسة بين المحطات، التي تحدد ضوابطها عوامل مختلفة تؤشر بدقة وحيادية مستوى الإداء والكفاءة التي يجري على وفقها تقييم العاملين .