18 ديسمبر، 2024 11:19 م

الكهرباء ونكوث الشركات

الكهرباء ونكوث الشركات

بعد نشري لمقالة تناولت فيها بعض التحديات، التي واجهت قطاع الكهرباء، في ظروف الحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق (١٩٩١ – ٢٠٠٣)، تلقيت رسالة من المهندس القدير عدنان الجميلي، وهو من الذين عملوا معنا في تنفيذ العديد من المهمات والمشاريع جاء فيها: (من التحديات أيضاً انسحاب شركة إنسالدو الايطالية من مشروع تأهيل وحدات توليد محطة بيجي الحرارية، قبل إتمام التزاماتها وتركها للوحدة الخامسة مفككة، بنحو كامل، وقد تمكنت كوادرنا من إعادة تجميع هذه الوحدة وتأهيلها وتشغيلها وربطها بالمنظومة الكهربائية.. وهنا كانت الصدمة، التي تلقتها الشركة المتعاقدة وفوجئت بها فهي لم تصدق الأخبار، التي تحدثت عن هذه الفعالية ونجاحها فأوعزت إلى مدير فرعها في العراق أن يزور موقع المحطة للتأكد وليرى بعينيه ما جرى، وقد أصابته الدهشة عندما تأكد من إعادة الوحدة الى العمل، فعلا.
طلبت من الزميل صاحب الرسالة أن يحفز ذاكرتي بوقائع أخرى لهذه الحالة فأعقب رسالته الأولى بثانية حملت المضمون الآتي: (كان هذا عام ٢٠٠١ عندما عقد اجتماع مع الشركة بحضوركم.. وضعت الشركة أمامنا شروطاً ثلاثة لاستئنافها العمل، أولها ضمان إحالة مقاولة تأهيل الوحدات الأخرى بعهدتها، والشرط الثاني توقيع عقد ملحق لمواد احتياطية بمبلغ سبعة ملايين دولار “على ما أذكر”، أما الشرط الثالث فهو ضمان إحالة مشروع محطة الشمال الحرارية إليها، وقد عدّت هذه الشروط تعجيزية، وهي بمرتبة مسوغات الهدف منها تنصل الشركة من التزاماتها بإنجاز تأهيل الوحدتين الخامسة والسادسة، اللتين كانت قد بدأت بهما في محطة بيجي، بهدف الابقاء على ما تعانيه المنظومة الكهربائية من نقص في الانتاج وتعظيم أزمة الكهرباء.. لكن الجهود الوطنية كانت أمام تحدٍ وقبلته ونجحت في إكمال تأهيل الوحدتين وتشغيلهما ولله الحمد).
هذا ما دعاني أيضاً إلى العودة لأرشيف الصحافة لاستذكار المزيد من التفاصيل، فقد نشرت جريدة الحياة بعددها الصادر يوم ١٤ شباط عام ٢٠٠٢ موضوعاً تحت عنوان (اتهم المؤسسات الإنسانية الدولية بازدواجية المعايير.. العراق سيقاضي شركات لم تف بالتزاماتها)، أوردت فيه الآتي: (بغداد – أ ف ب – صرح مدير هيئة الكهرباء العراقية أن العراق سيقاضي الشركات العالمية، التي أبرمت عقوداً لنصب محطات لتوليد الكهرباء ولم تف بالتزاماتها المبرمة مع هيئة الكهرباء العراقية والخاصة بإدامة المنظومة الكهربائية فيه، وأضاف أن بغداد ستطرح الموضوع في المحافل الدولية لفضح دور الشركات، التي فقدت مصداقيتها بسبب عدم استكمال العمل، الذي بدأت به، وأوضح أن كوادر هيئة الكهرباء تمكنت من إدامة وتشغيل بعض هذه الوحدات في المحطات الكهربائية، التي تركتها تلك الشركات).
لم يقتصر هذا الأمر على الشركة الإيطالية، موضوعة البحث، فقط، بل تعمد العديد من الشركات المماطلة والتأخير في تنفيذ التزاماتها التعاقدية وبمختلف المسوغات الواهية بفعل ما تعرضت له من ضغوط الدوائر المعادية المعروفة، إلا أن الإرادة الوطنية الشجاعة الراسخة في نفوس العاملين في قطاع الكهرباء تمكنت على الدوام من إفشال هذه الوسائل الملتوية بفعل مهني دؤوب تحكمه مهارات فنية متقدمة .