22 ديسمبر، 2024 5:57 م

الكهرباء والتغييب المفتعل للصيانة

الكهرباء والتغييب المفتعل للصيانة

كما هو معروف, إن إجراءات الصيانة الوقائية والمبرمجة بأنواعها كافة والتي تنفذ على المكائن والمعدات المختلفة تعد من الشروط الاساس لضمان استمرار عملها بأمان، والحفاظ على مستوى كفاءتها الانتاجية على وفق مواصفاتها التصميمية…
من هنا حرص المعنيون في إدارة شؤون قطاع الكهرباء على تفعيل دور المتابعة والمراقبة على سلامة تنفيذ برامج الصيانة الدورية والشاملة وما يتصل بها من إجراء الفحوصات الفنية وذلك بوساطة تأمين متطلبات العمل الخاص بها ابتداءً من وضع الخطط والبرامج التنفيذية وتوفير المواد المطلوبة المحلية والمستوردة منها مع تهيئة الملاكات المؤهلة لإتمامها كما ينبغي، ولأجل الايفاء بذلك وضعت أقسام الصيانة ضمن الهيكلية التنظيمية لمحطات انتاج الطاقة وشبكات المنظومة الكهربائية ودعمت بقدرات فنية (بشرية ومادية) لإنجاز برامج الصيانة المقررة بالإضافة إلى معالجة الأعطال الطارئة، تشمل هذه الأقسام شعباً متخصصة في التعامل مع خطوات الصيانة الخاصة بأجزاء الوحدات الإنتاجية (الميكانيكية والكهربائية) والمعدات الساندة الأخرى حيث يجري التنسيق فيما بينها لضمان عدم تقاطع الفعاليات وضمان انسيابية تنفيذ المهمات، كما تم التخطيط لها ضمن التوقيتات الزمنية المحددة.
يشغل ملاك هذه الشعب العديد من الموظفين المؤهلين فنيًا وعلى وفق التوصيف الوظيفي الذي يحدد الأعداد والعناوين المطلوبة المرتبطة بنوع المحطات وسعاتها ويخضع هؤلاء الموظفون إلى برامج تدريبية ودورات مهنية مستمرة لمواكبة الوسائل الحديثة في التعامل مع البرامج التنفيذية الخاصة بالصيانة.
غالبا ما يجري إطفاء الوحدات التوليدية الخاضعة لبرنامج الصيانة الدورية أثناء انحسار الطلب على إستهلاك الطاقة الكهربائية، وعلى وجه التحديد، في موسمي الربيع والخريف نتيجة للأجواء المعتدلة وعدم اللجوء إلى استخدام معدات التكييف التي تحتاج إلى مقدار كبير من التيار الكهربائي بالمقارنة مع المعدات الأخرى، ويخصص لتغطية تكاليف هذه الصيانة مبالغ محددة ضمن الموازنة التشغيلية للمحطات العاملة في المنظومة.
ما يجري تداوله، اليوم، في الحديث عن تردي خدمة تجهيز الطاقة الكهربائية في العراق وتحديد مسببات عجز المنظومة الوطنية عن الايفاء بمتطلبات الأحمال المطلوبة هو شحة التخصيصات المالية أو غيابها لغرض إجراء الصيانات المطلوبة على الوحدات الإنتاجية والشبكات الكهربائية والذي سينتج عنها توقف الوحدات العاملة أو التحديدات في كميات إنتاجها من الطاقة، وهنا لابد من مجابهة الإدعاءات والمزاعم التي لا زالت تروج للصعوبات المالية لتنفيذ الصيانة على مكونات المنظومة الكهربائية ولغايات معروفة يقع في مقدمتها عرض المزيد من المسوغات (الزائفة)لتغطية الفشل الحاصل والدائم في تحسين مستوى خدمة الكهرباء ، فالمعروف أن مخازن قطاع الكهرباء يفترض أن تكون زاخرة بالمواد والأدوات الاحتياطية والتي يجري تأمينها تعاقديا ًبوساطة الشركات التي شيدت المحطات كذلك ما يضاف إليها من تعزيزات مستمرة لأرصدتها من قبل المعنيين لمواجهة الأعطال المفاجئة وتأمين مستلزمات تنفيذ خطط الصيانة المجدولة وقبل مدة زمنية مناسبة،
يتبع هذا تخصيصات مالية متواضعة لتأمين المشتريات المحلية من ضمنها الحليب الطازج الذي يوصي الأطباء أن يتناوله العاملون في صيانة المراجل الحرارية للحفاظ على سلامتهم الصحية الشخصية، فإذا كانت العوامل الأساس المشار إليها متوافرة، وعلى وجه التحديد الملاكات الماهرة وقطع الغيار المطلوبة والتخصيص المالي لشراء قناني الحليب فلم العزوف عن تنفيذ برامج الصيانة الشاملة؟
ولابد من الإشارة، هنا، إلى الدور الذي أنيطت به الشركة العامة لتأهيل منظومات الطاقة الكهربائية والتي تم استحداثها في أواخر تسعينيات القرن الماضي لتلبية متطلبات صيانة محطات المنظومة الوطنية والتي عززت قدراتها بالعديد من المهندسين والفنيين من أصحاب الخبرة والكفاءة حيث نفذت فعاليات صيانة تخصصية ناجحة كان لها الأثر الفاعل في دعم عمل المنظومة الكهربائية…. فأين قدراتها الآن؟

مهندس إستشاري ورئيس هيئة الكهرباء الأسبق