من الاجراءات المتخذة ضمن سياق مواجهة حالات الإنذار والطوارئ تأمين كميات من الأطعمة المعلبة والجافة (تحضر في حينها) لتأمين وجبات غذائية للعاملين، الذين يقتضي وجودهم في مواقع العمل المختلفة، وتوزع هذه المواد بإشراف مركزي، بعد تحديد هذه المواقع وعديد العاملين فيها ولا يجري التصرف بها إلا بأوامر تصدرها غرفة عمليات الطوارئ حصراً.
قبل بدء العدوان في آذار سنة ٢٠٠٣ اتبعت هذه الاجراءات لتشمل محطات الكهرباء العاملة كافة تحسباً لمقتضيات الحالة الطارئة، التي تقع ضمن الاستعدادات المعروفة في مواجهتها، بدأت العمليات العسكرية وتعطلت معها تباعاً الكثير من وسائل الحصول على متطلبات العيش اليومية، فأغلقت الأسواق أبوابها وتعطلت حركة النقل وما الى ذلك من خدمات نتيجة للهجمات الجوية والصاروخية وحركة القطعات العسكرية الغازية على الأرض.
من المواقع، التي تم تأمين أرزاق الطوارئ لها هي محطة المسيب الحرارية، التي استمرت أعمال التشغيل فيها طوال معارك الحرب الدائرة ولم يغادر العاملون فيها مواقعهم برغم كثافة الطيران المعادي في سماء المحطة وقربها من حركة القطعات العسكرية المهاجمة .
أصبحت هذه المحطة في عزلة تامة وانقطع التواصل مع إدارتها إلا عن طريق الاتصالات الهاتفية المستمرة، التي يجريها الخافرون في غرفة الطوارئ (غرفة العمليات الخاصة بقطاع الكهرباء)، التي انشئت على وفق مقتضيات حالة الحرب الدائرة .
حدثت المفاجأة، هنا، عندما عرض في اجتماع أعضاء غرفة العمليات هذه طلباً أرسله مدير المحطة يتضمن السماح له بالتصرف بخزين أرزاق الطوارئ لحاجة العاملين الملحة له وذلك لنفاد أطعمتهم، التي كانوا قد جلبوها من منازلهم، قبل أن تحاصر المحطة، وعلى أثر ذلك صدر إعمام من غرفة العمليات إلى مواقع قطاع الكهرباء كافة يقضي بتخويل إدارات هذه المواقع التصرف بخزين الطوارئ على وفق الحاجة من دون الرجوع إلى غرفة العمليات .
يعبر هذا الموقف عن مدى الانضباط الوظيفي العالي في عدم تجاوز الأوامر والصلاحيات الإدارية بالرغم من الظرف الاستثنائي الحاد، آنذاك، الذي كان انعكاساً واضحاً للمفاهيم السليمة السائدة في التعامل، يومذاك، مع الإدارات تجاه الحالات المختلفة مهما كان نوعها ومستوى أهميتها بعيداً عن التمرد والانفلات .