23 ديسمبر، 2024 3:08 ص

الكهرباء.. منظومة لا تعمل إلا بوجود نظام

الكهرباء.. منظومة لا تعمل إلا بوجود نظام

لمنظومة الكهرباء في العراق تفاصيل كثيرة ومختلفة، ومنذ دخول خدمة الكهرباء إلى العراق في العام ١٩١٢ وإلى يومنا هذا، مرّت أداء هذه الخدمة بمراحل من الانتعاش والانتكاس بظروف وعوامل متنوعة منها الذاتي، الذي يخص القائمين على مسؤولية قطاع الكهرباء أو الموضوعي الذي فرض تداعياته على سير الخدمة وتطورها الايجابي أو السلبي.

إن من أهم شروط البناء والتطوير هو السياسة الواضحة في رسم الخطط المستقبلية الناجحة بإدارات وأدوات مهنية مقتدرة نزيهة تمتلك الإرادة المستقلة في تحديد الأولويات وتطبيقها، وفقدان هذه السياسة أو ضعفها سوف يلقي بظلاله على مستوى هذه الخدمة في مختلف القطاعات ويلقي بنتائجه السلبية الوخيمة على الجوانب الاقتصادية والعمرانية والأمنية وسائر جوانب حياة المجتمع.

إن العشوائية والتخبطات في معالجة الوضع المتردي لأداء منظومة الطاقة الكهربائية في العراق، الآن، سوف ينتج عنها تراكمات مختلفة وكثيرة من مشكلات ومعرقلات لحلول الاختناقات والإخفاق في إيفاء متطلبات تجاوز الأزمة المعقدة، وبالنتيجة سوف تتعرقل إجراءات تجاوزها وقد يحتاج ذلك إلى مزيد من الزمن وبجهد استثنائي باتجاه تصفير عوامل فشل عمل المنظومة، يضاف إلى ذلك الأعباء المالية المترتبة عليها.

إن المعالجات الصائبة تقتضي تجاوز الحلول الترقيعية وإحلال الخطط الشاملة بعيدة المدى تحكمها توقيتات زمنية لكل مرحلة من مراحل العلاج وعلى مستوى حلقات نشاط القطاع كافة: (الانتاج، النقل، التحويل، التوزيع) وبنحو متوازِ لضمان عدم الانزلاق في مطبات عدم التناغم المطلوب بين هذه الأنشطة لتطوير عمل المنظومة بمفاصلها كافة.

هنا لا بد من الإشارة إلى توافر مختلف الإمكانات وبغزارة في العراق، والتي لو سخرت لبناء المنظومة الكهربائية وتطويرها كما يجب لامتلك البلد منظومة ذات وثوقية وكفاءة عاليتين.
إن العراق يمتلك خبرات بإمكانيات علمية مارست تجارب مهنية رصينة صقلتها ظروف العمل الاستثنائية لقطاع الكهرباء، وخصوصاً في مرحلة الحصار الاقتصادي المفروض على العراق منذ سنة ١٩٩١ إلى سنة ٢٠٠٣ حيث اضطر العاملون في القطاع إلى ابتكار وسائل عمل استثنائية لديمومة عمل المنظومة الكهربائية، التي تعرضت لدمار شبه شامل نتيجة للغارات الجوية والصاروخية، التي تجاوزت الـ٢٥٠ غارة على مواقع محطات التوليد والتحويل الرئيسة .

إن الإصرار الحالي في عدم إدخال المنظومات الخاصة بالطاقات النظيفة والمعتمدة على مستوى العالم، الآن، وخصوصا الطاقة الشمسية لإنتاج الطاقة الكهربائية هو إصرار غير مسوّغ وبعيد عن المنطق، فلا بديل للخروج من هذه الأزمة المستفحلة إلا بالاتجاه إلى الطاقات المتجددة، بنحو سريع وجدي، وبخاصة الطاقة الكهروضوئية على المستوى المنزلي والصناعي لتحويل المواطن من مستهلك إلى منتج للطاقة الكهربائية بالإضافة إلى المحطات الشمسية الكبيرة، التي تتولاها الدولة أو الفرص الاستثمارية الجادة.

الخلاصة: إن العوامل كافة في البناء والتطوير متوافرة جميعاً في العراق، إذا ما أحسن استثمارها وتفعيلها، بالنحو المطلوب، بعيداً عن المصالح والاجندات المشبوهة، وكذلك استغلال أزمة توفير الكهرباء وتردي خدمتها للمصالح غير المشروعة أو لأهداف لا علاقة بها بعمل المنظومة الكهربائية.