أما آن الأوان للشعب العراقي بعد 18 سنة عجاف على احتلال وطنه , وامتهان واستباحة آدميته وكرامته ونهب ثرواته , وقبلها 13 سنة حصار تم خلالها قهره وتجويعه وتدمير وحرق دولته بحجج وذرائع واهية , وقبلهما 8 سنوات حرب مع العدو الخميني , كانت محصلتها ونتائجها التدميرية الاجمالية .. سرقة وهدر 41 سنة من عمر العراقيين , وإعادة العراق قرون إلى الوراء , أن يعي حجم التآمر العالمي والاقليمي عليه , بالرغم من أنه حقق انتصار تاريخي على العدو الإيراني البغيض , وجرع الدجال كأس السم الزعاف , ولهذا ليس مجرد صدفة عُوقب العراق وشعبه وجيشه ونظامه الوطني عقوبة جماعية , مباشرة بعد أن أحّرزَ وأَنّجزَ وحقّقَ الإنتصار العظيم الثاني في تاريخ العرب المسلمين على الفرس المعتدين , ,لهذه وغيرها من الأسباب والمسببات تمت معاقبته بشكل لم يسبق له نظير , وتآمر عليه الأقربون قبل الأبعدون مباشرة بعد انتهاء الحرب .. أي عام 1989 !؟ , لأن ما كان مخطط له , وما تم الاتفاق عليه بين القوى العظمى والإقليمية وحتى مع بعض أخوة يوسف , هو أن يكون حال العراق وشعبه كما هو عليه بعد الغزو والاحتلال المباشر منذ عام 1980 وليس منذ عام 2003 !!!, كي يتحول إلى ساحة للصراعات ولتصفية الحسابات الدولية والاقليمية , ومسرح ومختبر لتجارب الأسلحة الفتاكة والمحرمة دولياً , والعابرة للقارات , وكنز وقاصة مفتوحة للسرقة والسلب والنهب لكل من هب ودب , بالإضافة على تسليم الحكم والسلطة لحفنة من الهمج والرعاع وشذاذ الآفاق على أسس طائفية وعرقية ومناطقية بغيضة ومقيتة
لاحضوا وركّزا جيداً وعودوا للتاريخ القريب أيها العراقيون .. وكما ذكرنا أعلاه ( 31 سنة ) !, أذاقوا خلالها الشعب العراقي الويلات , وصنوف من العذاب والآهات والعاهات والأمراض والحرمان من أبسط حقوقه , حتى طال الخراب والدمار جميع مرافق الدولة العراقية , وجميع مناحي الحياة … لسبب وهدف رئيسي واحد !, ألا وهو أن هذا الشعب وقيادته الوطنية لم يحاولوا فحسب .. بل تخلصوا وإلى الأبد خلال عقد السبعينات من ربق العبودية والتبعية والهيمنة الأجنبية على مقدرات وثروات العراق , بعد أن أمموا ثروتهم النفطية عام 1972 , وأنجزوا بجدارة مشروع التحرر والاستقلال الوطني الحقيقي , الذي كاد يشمل جميع مناحي بناء الدولة الحديثة والقوية والرصينة , عندما كاد بالتزامن مع شغله بالحرب الخمينية الصهيونية الأمريكية العبثية , أن يستقل اقتصادياً تماماً , ليصنع سلاحه بيده , ويؤمن غذائه ودوائه , ناهيك عن استقلالية قراره السيادي والسياسي , وأمور أخرى كثيرة لا يسع المجال للخوض فيها
لقد أختصرنا عنوان المقال بـ ” الكهرباء مقابل التطبيع مع العدو الصهيوني ” , والتي .. أي الكهرباء تعتبر واحدة من مئات المعضلات المفتعلة والمتعمّد على تعطيلها وشغل وإلهاء الشعب العراقي بها , وحتى تدميرها بشكل نهائي , والإصرار على عدم توفيرها بشكل متواصل .. لتعطيل ليس فقط المعامل والمصانع والزراعة والتعليم والصحة فحسب !, بل كي يكفر وينفر ويكره المواطن العراقي نفسه والساعة التي ولد فيها , وخاصة الأجيال التي ولدت بعد عام النكبة 2003 , فبالرغم من تفاهة الذرائع التي يتحججون بها أدوات وعبيد وعملاء الاحتلالين , وبالرغم من توفر مصادرها الطبيعية وغير الطبيعية في بلد مثل العراق , الذي يمتلك الخيرات والخبرات والطاقات الوطنية والسيولة النقدية , والذي .. لن نبالغ أبداً إذا ما قلنا أنه قادر على تأمين وتوفير الطاقة الكهربائية فقط من “الطاقة الشمسية” لتغطي وتغذّي وتؤمّن وتمد جميع دول شعوب قارة آسيا بالكهرباء , وليس فقط من خلال ما هو متوفر من موارد هائلة من النفط والغاز الذي تجعل العراق من أكبر دول العالم تصديراً للطاقة !؟
أيها العراقيون .. المصاب جلل , والطامة كبرى , ولا أمل على الأطلاق لغدٍ أفضل مع وجود هؤلاء كما هم حراس ونواطير نفوذ ومصالح العدو الإيراني وأسياده الأمريكان والصهاية , الذي سلموه مع سبق الاصرار التحكم بشرياني الحياة الرئيسيين , كما هما الماء والكهرباء , والذين يدعون زوراً وبهتاناً محاصرته اقتصادياً وعسكرياً وسياساً , إنهم مجتمعين كانوا وما زالوا يلعبون على عامل الوقت ونفاذ صبر العراقيين منذ عام 1991 وحتى يومنا هذا , أي على تركيعكم وكسر وسلب إرادتكم وهيبتكم وسيادتكم الوطنية , وصولاً لترويضكم يوماً بعد يوم , من خلال الإمعان في إذلالكم وحرمانكم من حقكم الطبيعي في الحياة الحرة الكريمة فوق ترابكم الوطني , لحين الإستسلام ورفع الراية البيضاء , والتطبيع والاعتراف الرسمي والكامل بالعدو الصهيوني , وفتح سفارة له في بغداد لترفرف نجمة داود في قلب وسماء العراق , وهذا بحد ذاته حلم توراتي تلمودي قديم , نصت وتنص عليه برتوكولات حكاماء بني صهيون منذ الأزل , إنهم .. أي الصهاينة مصرّون على العودة إلى بابل من جديد , ودخولها هذه المرة كفاتحين ومحررين ..!, وليس كما دخلوها أول مرة أسرى وعبيد أبان الحكم البابلي في زمن الملك القائد نبوخذ نصر عندما جلبهم كرهائن وسبايا مرتين
للأسف .. نقولها بكل حرقة ومرارة , وبعيداً عن فوبيا أو متلازمة المؤآمرة والتآمر … إن التاريخ يعيد نفسه , وإن عدونا شرس وبغيض , مخاتل , مخادع , لم يبقي حيلة ومكر وخداع لم يتبعها , وفي مقدمتها اللعب على الوتر الديني والطائفي والعرقي , وإكذوبة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان , التي صدعوا رؤوس العرب والعراقيين فيها على مدى قرون , وها هم اليوم يحكمون ويتحكمون ليس فقط بالعراق وشعبه , بل بالعالم العربي من المحيط إلى الخليج , وليس من باب الصدفة ركزوا على دولة أو مشيخة أو إمارة بعينها في خليجنا العربي , كما هي الإمارات أو قطر أو البحرين , ليجعلوا منها مثال يحتذى به للشعوب والدول العربية , في حين ما هي إلا معقل للماسونية والصهيونة وغسيل الأموال وطبخ المؤامرات , انطلقوا وينطلقون من خلالها للإطباق على ما تبقى من الشرق الأوسط برمته , وما الاعتراف والتطبيع وتوقيع الاتفاقيات بين هذه الكيان المسخ , وبين الإمارات وعمان والبحرين إلا من أجل هذه وغيرها من الأهداف , والسير نحو المستقبل المجهول الذي ينتظر شعوب ودول المنطقة لتفتيتها وجعلها دويلات متنافرة متناحرة متقاتلة , يسهل السيطرة عليها والتحكم بها حتى عن بعد .. بالتناغم والاتفاق مع العدو الإيراني !؟