19 ديسمبر، 2024 12:27 ص

الكهرباء… ماذا لو كان القطاع الصناعي معافى؟

الكهرباء… ماذا لو كان القطاع الصناعي معافى؟

يستحوذ الاستهلاك المنزلي في العراق على نسبة كبيرة جداً مما المتوفر من الطاقة الكهربائية ومن مصادرها المختلفة (الوطنية – المستوردة – الاستثمارية – التجارية- الأهلية- المنزلية) حيث تشير الاحصاءات، الآن، إلى أن ما نسبته ٨٠ بالمئة من هذه الطاقة يذهب الى منازل المواطنين.. وتشير الاحصاءات نفسها إلى أن ما يجهز للقطاع الصناعي لا تصل نسبته إلى ٢ بالمائة فقط تذهب الى بعض المعامل الصغيرة المنتشرة في البلاد، التي غالباً ما تكون من فئة المهن الحرفية.
بعد ٢٠٠٣ سنة الاحتلال، ونتيجة لفشل سياسات الحكومات المتعاقبة، التي كان القسم الأعظم منها متعمداً بهدف القضاء على المنتج الصناعي الوطني، توقفت آلاف المصانع الحكومية أو التي تعود الى القطاع المختلط والخاص منها حيث كانت تعمل بكفاءات إنتاجية مختلفة على الرغم مما كانت تعانيه من ظروف عمل استثنائية صعبة فرضتها إجراءات الحصار القاسية والمتعلقة بتوفير الكثير من المواد الاحتياطية اللازمة لديمومة عمل مكائنها أو استيراد ما تحتاجه من مواد مكملة للمواد الأولية اللازمة لإتمام عمليات انتاجها، كان عمل هذه المصانع وتحديداً الكبيرة منها كمعامل السمنت والحديد والصلب والأخرى ذات العلاقة بالصناعات العسكرية يشكل عبئاً كبيراً على منظومة الكهرباء الوطنية في تأمين متطلبات الانتاج من الطاقة الكهربائية بالرغم مما كانت تعانيه من أضرار كبيرة نتيجة العدوان على العراق سنة 1٩٩١ فكان تجهيز القطاع الصناعي من هذه الطاقة يفوق ما نسبته ٢٠ بالمائة أحياناً من إجمالي ما تنتجه هذه المنظومة المتعبة، مع الإشارة إلى أن العديد من المصانع العاملة، آنذاك، يقع في خانة المحرمات في قطع الكهرباء عنها (مستثناة من القطع المبرمج) لخصوصية عملها وما يتعلق بمراحل الانتاج الخاص بها والتي تتطلب استمرارية التغذية الكهربائية لها .
هنا دعتني الذاكرة إلى إيراد جدال حصل، صيف العام ٢٠٠١، مع الراحل الأستاذ عدنان عبد المجيد، وكان، حينها، وزيراً للصناعة والمعادن، وكنت، أيامها، مديراً لهيئة الكهرباء عندما رفض الراحل طلبي بشدة بدراسة مقترح تخفيض كمية الطاقة الكهربائية المجهزة لبعض المعامل العائدة لوزارته، وبنحو مؤقت، نتيجة لزيادة حجم الطلب المفاجئ على استهلاك الكهرباء، وفي ظل ما تعانيه المنظومة الكهربائية من النقص في إنتاجها، مسوّغاً رفضه القاطع بتأثير ذلك على الخطط الانتاجية المحددة لهذه المصانع والتي تعد من التزاماتها وما سيلحق بها من انحرافات سلبية تلقي بتبعاتها على مستوى ما تعهدت به الوزارة من دعمها للاقتصاد الوطني، بالإضافة الى تأثيره على انسيابية صرف رواتب العاملين وحوافزهم المالية كون شركات الوزارة تعمل على وفق سياسة التمويل الذاتي لها .
السؤال، الذي أراه مناسباً: ماذا لو كانت المصانع العراقية تعمل، الآن، كما كانت قبل الاحتلال.. هل بإمكان المنظومة الوطنية للكهرباء الايفاء بجزء من متطلبات تشغيلها في توفير الطاقة الكهربائية لها وهي تواجه حالة من العوق الشديد والعجز في توفير متطلبات القطاع المنزلي؟