ما ان يأتي الصيف حتى ينقلب على العراقيين كوارث ونكبات، ورغم ان فصول الكوارث متعددة في العراق الجديد، لكن الكهرباء تبقى أحد تلك الفصول المروعة التي تحكي قصة عذاب العراقيين وشقائهم منذ أكثر من عشر سنوات، دون ان يجد القائمون عليها حلا يريح أعصاب العراقيين المتعبة بنار الأزمات، وكانوا يتمنون ان يجدوا الكهرباء على مدار اليوم في بيوتهم ومساكنهم، ووعود وزارة الكهرباء وتصريح مسؤوليها لاتكاد تنقطع عن انهم على وشك تزويد العراقيين بـ 24 ساعة كهرباء في اليوم ، لكن هذه الوعود تتحول الى احلام في الهواء، حتى أصبح حل أزمة الكهرباء من المستحيلات، إذ ما أن يأتي الصيف في أيامه الأولى حتى تتدهور أحوال العراقيين وينطبق عليها المثل القائل ” في الصيف ضيعت اللبن”!!.
والطامة الكبرى ان جهات عليا في وزارة الكهرباء تلقي اللوم على متنفذين في العملية السياسية بأنهم لايريدون ان تكون هناك كهرباء على مدار الاربع والعشرين ساعة او العشرين على أقل تقدير، ولا يدري العرقيون لماذا هذا الاصرار من جهات عليا في الحكومة لايريدون للكهرباء ان يتحسن وضعها، الا اذا كانوا مشتركين في جريمة ابادة شعب العراق وذبح ابنائه بمختلف انواع السكاكين ، والكهرباء واحدة من تلك السكاكين التي يقتصون بها من رقاب العراقيين، ففي ظل الديمقراطية الاميركية في العراق تعددت انواع قتل العراقيين وترويعهم لكن الموت يبقى واحدا، والمشكلة ان الموت الاعتيادي أصبح اعجوبة ، لكن الموت بأعمال الخسة والارهاب اليومية اصبح هو القاسم المشترك لمصير العراقيين الأظلم والاكثر سوداوية في تأريخ البشرية جمعاء، ان تتعاون الحكومة مع جهات ارهابية لقتل شعبها، والمشكلة ان وزارة الكهرباء لاتعلن صراحة عن تلك الجهة التي تريد قتل العراقيين وقتل امالهم وتطلعاتهم في ان يروا نور الكهرباء الوطنية ،وهي تريد من العراقيين ان يفسروا بعد الجهد بالماء.
بلد يخرج من ازمة واذا الاقدار تلقي به في ازمة اخرى، ولا حلول لأي من هذه الازمات، والعراقيون الشعب الوحيد في العالم الذي يكتوي بنار كل هذه الازمات، ونار الصيف اللاهب الذي ترفض جهات عليا في الحكومة توفير الكهرباء للشعب، والعراقيون في حيرة من أمرهم ماذا ستفعل بهم الاقدار بعد ازمات حروب الطائفية وحروب الغرق وحروب القتل اليومي بالجملة، بل ان حتى الاغنام لايمكن ان تعامل بهذه الطريقة التي يجري فيها قتل النفس البشرية، وهل تحول شعب العراق الى اغنام مدجنة لاتقوى على التغيير والخلاص من زمنها الاغبر ، ام ان الاقدار اللعينة ستبقيها في هذه الدوامة التي لامخرج منها كما يبدو.
ووزارة الكهرباء تلقي باللائمة مرة على وزارة النفط ومرة على اعمال الارهاب ومرة على جهات متنفذة في الحكومة ومرة على المحطات الغازية التي استوردتها جهات في الحكومة وتبين انها لاتخدم خطط الكهرباء في العراق ، اذ ان العراق سيضطر لاستيراد الغاز من الخارج في حين انه غني بمصادر الغاز لكن لا احد يريد خيرا لهذا البلد او يجد حلولا عملية لازماته لأن الكثير من سياسييه يعتاشون على الازمات، اذ لولا هذه الازمات لما بقوا متربعين على كراسي السلطة كل هذا الوقت دون ان يكون للشعب كلمة في ازاحتهم عن وجهه وتخليص العراقيين من سني حكمهم الاسود اللعين.
ويتساءل ملايين العراقيين ما الحل؟ وما الخروج من هذا النفق المظلم الذي اوقعت فيه الاقدار العراقيين ؟هل يبقى العراقيون كل هذه السنوات يكتوون بنيرات الازمات وعمليات القتل والترويع ، والكهرباء واحدة من تلك الافات التي تفتك بالعراقيين، ام ان القائمين على وزارة الكهرباء هم فاشلون أيضا ، ويريدون القاء التهم على الغير لتبرير فشلهم، ووزير الكهرباء للاسف الشديد لا يقرأ ما يكتب عن وزارته..وجربتها معه مرات عدة ولم يأتي أي رد ، فتيقنت ان السيد الوزير أمام حالتين : أما ان مكتبه الاعلامي لايقدم له شكاوى الناس وملاحظاتهم عن الكهرباء او انه لايريد ان يسمع أو يقرأ ما يكتب عن وزارته .. ويبدو ان الاثنين معا ..
أسئلة كثيرة تبقى تطرح نفسها والمسؤول عن خراب البلد جهات متعددة وهي في قمة هرم السلطة ويعرفها الشعب لكنه لايرتقي الى مستوى آماله ليقول لها كفى ظلما بالعباد ايها المتجبرون الذين ما تركتم بابا للفساد الا وطرقتموه ولا بابا لترويع العراقيين والا وفتحتموه على مصراعيه، الا تكفيكم سنوات القتل والترويع لشعبكم ايها الفاسدون الفاشلون، وتريدون تجربة حظكم العاثر في العراقيين سنوات أخرى.. انها مصيبة المصائب ان عدتم بتلك الوجوه لتطل علينا التي بكل تأكيد.