ان ترديد شعارات مكافحة الفساد باتت أكثر رواجا بين السياسيين العراقيين وخاصة المرشحين للانتخابات هذه الأيام، وتجاهل المعنيون بتنفيذ هذه الشعارات في ظل المشاركة في الحكومات وأن تطبيقها وفقاً لآلياتٍ ووسائل عفا عنها الزمن، أمرٌ محكومٌ بالفشل، لأن الفساد مثلهُ مثل الإرهاب، لا يمكن لهما أن ينتهيا بانتهاء الشخص المنغمس فيه . واخطرالحالات هو الفساد السياسي الذي يتعلق بمجمل الانحرافات المالية و مخالفات القواعد و الأحكام التي تنظم عمل النســق السياسي في الدولة، مع التذكير إلى أن هناك علامات فارقة جوهرية بين الدول التي تنتهج أنظمتها السياسية أساليـب الديمقراطية و توسيع المشاركة الجماهيرية و بين الدول التي يكون فيها الحكم شموليا و ديكتاتوريا، لكن العوامل المشتركة في كلا النوعين من الأنظمة تتمثل في الحكم الفاسد بما يفقد الديمقراطية و الشفافية و سيطرة فئة فاسدة على نظام الحكم واللعب بمقدرات الدولة. وهذه الظاهرة الخبيثة تنخر جسد المجتمعات الإنسانية مسببةً لها الضعف والتراجع على جميع الأصعدة الإقتصادية والسياسية والاجتماعية ، وتنعكس آثارها السلبية على جميع مناحي الحياة، والحل يكمن في وجود خطط مستفيضة و دراسات علمية واقعية تنبض بالشعورالوطني لمكافحته تمتلك إرادة حقيقية لتطبيقها لا الاكتفاء بالتغني بها و لا عن مشروع يبدأ بمرحلة وينتهي بثانية بطبيعة مستقلة لكل مرحلة. وتدلّ الإحصائيات والدراسات على انتشار نسب الفساد في مجتمعات العالم وبما يشكل معضلة وظاهرة تتطلب تكاتف الجميع لمحاربتها والقضاء عليه . في العراق لنعترف أن كل الآليات فشلت فشلاً ذريعاً في دحر الفساد لحد الان، هذا الفشل لا يمكن حله باستبدال مدير مؤسسة بآخر او اعادة المال المسروق وضياع الحق العام ، فالمشكلة هنا لا تكمن بالشخص بقدر ما هي مرتبطة باستقلالية قرار المسؤول وصلاحيات المشرف على المحاسبة وشعوره بالمسؤولية المكلف بها . مكافحة الفساد هذه السمفونية التي لا تتعدى الدعاية الانتخابية التي اشتدت هذه الايام في العراق وعلى لسان كبار المرشحين والكتل من الذين قادوا ويقودون البلد منذ 2003 اي اكثر من اربعة عشرعام والكثير من المسؤولين الذين تدور حولهم الشبهات والشكوك ، لم يقدموا ذممهم المالية منذ سنوات عدّة، على الرغم من المطالبات المستمرة بكشفها، في ظل غياب الرقابة الحكومية وغفوة المواطن الذي ليس له القدرة على مواجهته وسطوة عصابة الفساد التي وكلت نفسها واغتصبت مقدرات الوطن وداست على كل القوانين الوضعية والدينية والاخلاقية واصبح همهم نشرالرذيلة والفساد كجزء رئيس من سياسة عمياء محمية ومرعية ، الفساد هو وصف مشين للسلوك الغير السليم الناتج عن تفسخ منظومة القيم الاجتماعية عند البعض من المسؤولين ، تضاف لها تهم الفساد الجديدة في صفوف الطبقة السياسية الحاكمة في العراق، إلى جانب ملفات فساد قديمة ما فتأت تتراكم في أدراج الحكومات العراقية المتعاقبة منذ أول حكومة انتقالية إبان إسقاط حكومة البعث عام 2003 في ظل قوة ونفوذ الفاسدين الأمر الذي يؤشر إلى مدى خطورتهم وتهربهم من أي قانون وأي استفسار. اذاً هذه الشعارات لايمكن اعتبارها واقعية حسب التجربة الماضية وهي سلوكيات وأزمات تترك آثار مدمرة وتنافي مبادئ الدين والمجتمع الصالح من خلال العادات الموروثة، والتقاليد، والفقر. ولا يوجد حاجة إلى تشريع قوانين جديدة داخل البرلمان لانها ستدخل في سجالات سياسية وخلافات عميقة، على ان يتم العمل على تعديل قوانين هيئة النزاهة بحيث تكون قوانين تسمح بمحاسبة ومعاقبة كل مسؤول لا يتعاون معها وتعمل جهات سياسية على تعطيله وعلى أهمية أن تشكل لجان قانونية خاصة ، تدرس قانون هيئة النزاهة من جديد، وتضع تعديلات جوهرية عليه وبصلاحيات اوسع، وأن يتم وضع قانون بمستوى حجم خطر الفساد في البلاد، والجهات الداعمة له .رغم اعتبار ظاهرة الفساد والفساد الإداري والمالي بصورة خاصة ظاهرة عالمية شديدة الانتشار ذات جذور عميقة تأخذ ابعاداً واسعة تتداخل فيها عوامل مختلفة يصعب التمييز بينها و مايقع من فساد في دولة تمتد آثاره، ليس فقط داخل المجتمع أو بين أبناء الدولة ذاتها، وإنما تمتد آثاره إلي الدولة الأخرى.
وتختلف درجة شموليتها من مجتمع إلى آخر. وقد حظيت ظاهرة الفساد في الآونة الأخيرة بالاهتمام من قبل الباحثين ويظهر ان هناك العديد من المسؤولين في الداخل يتلحف بها ويستفاد من المحاولات اليائسة والفاشلة من أجل مكافحة الفساد التي قامت بها الدولة لان تلك المحاولات غير مدروسة ولم تاتي عن تجربة صحيحة وفي زمن مناسب وفق الانظمة والقوانين الموضوعة تحت خيمة المحاصصة التي تم تشكيل الحكومة بموجبها وبالعكس هي ضد الإصلاح وتعمل على إفساد الأشياء و الأنفُس من خلال طرق استعماله المختلفة . الفساد آفه تسكن في النفوس الضعيفة، تنتشر كالنار وتُعدي كالمرض الاخلاقي عندما يصاب بجرثومته . وينشط الفساد نتيجة لغياب المعايير والأسس التنظيمية والقانونية وتطبيقها، وسيادة مبدأ الفردية بما يؤدي إلى استغلال الوظيفة العامة وموارد الدولة من أجل تحقيق مصالح فردية أو مجموعاتية على حساب الدور الأساسي للجهاز الحكومي بما يلغي مبدأ العدالة، وتكافؤ الفرص، والجدارة، والكفاءة، والنزاهة ويبقى الفساد بشتى أطيافه أحد معاول الهدم التي تواجه عمليات التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في العراق .و لابد من جهد شعبي ووطني ينخرط تحت لواءه كل حر وشريف لردع عصابة الفساد ومن يرعاها لاننا وبكل اسف شديد اصبحنا لانميزبين ابن الوطن وابن الخيانة المحسوب على الوطن . إن الفساد في العراق تحول إلى مافيا، واصبحت الحاجة إلى تعاون الجميع لمحاربته ومحاربة من يقف وراءه من الفاسدين . في كل مفاصل الدولة .الإصلاح لا يزال طويلاً والكل يدعي محاربته وربما علينا أن نتفاءل كي لا نقع في السوداوية التي ترفع بوجهنا لافتة كتب عليها ، كل مصطلح لا منفعة فيها للمجتمع.