18 ديسمبر، 2024 10:09 م

الكلمة تؤثر في العقل والنفس والتفكير وتحدد معالم الإدراك والتقدير ونوع الإستجابات, ووفقا لقاعدة الإناء ينضح بما فيه , فأن نوع الكلمات المسكوبة في أوعية البشر النفسية والعقلية تحدد مايقوم به من أفعال ويبديه من تصورات وآراء , وما يتخذه من قرارات.

ولهذا فأن الكلمة الطيبة صدقة , والكلمة السيئة ضغينة وغدر وإحراق للذات والموضوع.

وفي إعلام الدول المتحضرة , توجد نباهة عالية , وحساسية فاعلة تجاه المفردات اللغوية المنطوقة والمكتوبة , وهناك بعض المفردات القاتلة أو التي تعد نوعا من الجريمة التي يحاسب عليها القانون.

وكم من الأفراد قد خضعوا للإجراءات القانونية بسبب الكلمة أو المفردة التي تكلموا بها , لأنها ذات أضرار نفسية وفكرية وإجتماعية غير جيدة.

ومن السائد في المجتمعات المتأخرة , إستخدام الكلمات بلا تقدير وحساب لتأثيرها وتداعياتها وأضرارها التي تسببها , حيث تتابع الكلمات السامة والقاتلة على جميع المستويات , فتجد أصحاب الكراسي يستخدمون مفردات فتاكة ذات آثار مدمرة للحياة , ويتواصلون في تكرارها , وتحريك ماكنتهم الإعلامية للتعبير عنها , وفي هذا يساهمون في إضعاف المجتمع والنيل من قيمه ووحدته , وتماسكه الوطني وتفتيت كل ما فيه.

والقاسم المشترك في مفردات الكراسي , أنها تحاول تأكيد سلطة الكرسي وإلغاء سلطة الشعب ودوره في تقرير مصيره.

ولكي تحقق هذه الأهداف , فأن ما تقوم به يترجم المنطوق الفتاك ” فرّق تسد” , فتراها تلجأ إلى تعميق الهوة ما بين أبناء المجتمع الواحد وتمعن في إطلاق المفردات والمسميات الرامية إلى تأكيد الفرقة والتناحر , وإشاعة الإضطراب والتقاتل والصراع على لا شيئ, سوى أن الأجواء قد تم تسميمها بالمفردات الفتاكة التي تفعل ما تفعله بالبشر. حتى لترى الناس سكارى وما هم سكارى.

وكما يتم صيد السمك بإطعامه مادة تسمى “الزهر” ويقال أن السمك ” مزهور” , حيث تراه يترنح دائخا مضطربا فاقد القدرة على التقدير فيتم الإمساك به وصيده.

كذلك تفعل الكلمات السامة , لأنها تصيب الناس بالدوار والإضطراب والتشويه وتمنع عنهم وضوح الرؤية وتجعلهم صيدا سهلا للكراسي , التي تتبجح بقوتها وأكاذيبها للقبض على حياتهم.

ولكي تعي المجتمعات دورها وتصنع حياتها , وتتقدم وتكون معاصرة , عليها أن تشذب خطاباتها وكتاباتها من المفردات السامة والكلمات الضارة , ويعي كل مسؤول وكاتب وصاحب قلم , أهمية المفردة ودورها في الحياة , فيطهر عقله وروحه ونفسه من المفردات السيئة , وينمي المفردات الجيدة الغنية بمعاني الفضيلة والخير والمحبة والألفة , والتي تساهم في تحقيق الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية.

وأن نسعى جميعا للإبتعاد عن المفردات العدوانية الداعية إلى البغضاء والكراهية والنيل من الإنسان والقيم الإنسانية.

إن الكلمة نور وقد تكون نارا أيضا , وعلى الأقلام أن تكون واعية وقادرة على التمييز ما بين النور والنار.

وكلما إزدادت مفردات النور تقدم المجتمع , وعندما تزداد مفردات النار يحترق بها المجتمع.

فهل من كلمات نور؟!!