18 نوفمبر، 2024 11:28 ص
Search
Close this search box.

الكلاوات و(جزم) المسؤولين

الكلاوات و(جزم) المسؤولين

(الكلاو) في الزمخشري الخدعة وجمعها (كلاوات) ومعناها في اللغة العربية اظهار المرء لشيء عكس مايبطنه للحصول على مبتغاه من الناس ماديا كان أو معنويا ومثله الكاذب والمنافق والدجال أي ان مصطلح (الكلاوجي) مثل الطماطة (يرهم على خمسين أكله) .
ولأننا اليوم بصدد مصطلح يتميز به أغلب المسؤولين ولا نستطيع أن نقول جميعهم لأنها (إذا خليت قلبت) فعلينا التعرف على تاريخ هذا المصطلح وأبطاله..
 فهل تعرفون ماهو أقدم (كلاو) يستخدمه المسؤولون للضحك على ذقون الناس ؟ لا تذهبوا بعيدا وتضربون الاخماس بالاسداس بأعتبار ان (الكلاوات هواي) وتعودنا عليها منذ ان أعلن عدي صدام حسين في أحد الصحف المحلية في منتصف التسعينات من القرن الماضي ان بطاقته التموينية فقدت وعلى من يعثر عليها تسليمها الى جهة الاصدار وتصور عدي في حينها ان الشعب العراقي سينصب العزاء حزنا على بطاقته التموينية التي هي (فص ملح وذابت) حسب قوله وعجز عن العثور عليها وتصور أيضا ان الشعب سيتفرغ للبحث عن هذه البطاقة المهمة ولم يعرف ان هذا (الكلاو) لايعترف به العراقيون بإعتبارهم أصبحو ذوو خبرة بهذا المجال بسبب إنهم (شايفين وعارفين وعايفين) ونعود الى أقدم (كلاو) يستخدمه المسؤولون في العراق هو أرتداءهم بدلات العمل والتقاط الصور ونشرها في وسائل الأعلام  لكسب ود الناس على أساس أنهم يعملون ويقدمون خدمتهم للناس حالهم حال عامل البلدية أو المجاري أو عامل الكهرباء ولأن العراقيون أصبح لديهم خبرة كبيرة في هذا المجال حيث لم تغادرهم مسألة (الكلاوات والكلاوجية) منذ قيام الدولة العراقية فأصبحوا لا يهتمون ولا يصدقون أي (كلاو) أو (كلاوجي) حتى وإن كانت نيته صافية وقلبه سليم.
فمنذ أن أنعم الله علينا بنعمة المطر التي بلغتنا بها الانواء الجوية منذ مدة طويلة والمسؤولون يغدقون علينا كل ليلة على صفحات الفيس بوك بصورهم وهم يرتدون البدلات الزاهية والـ(جزمات) الأنيقة ويدخلون في الماء والطين رغم وجود مناطق يابسة وارصفة ولكنهم يصرون على دخول الماء بـ(جزمهم طبعا) لتصويرهم من قبل مصوريهم ومتملقيهم (والله جابلهم الفيس بوك) ووجود العشرات من المتملقين يلتقطون الصور بالهواتف النقالة والكامرات لنشرها.
وللطريفة إن أول أمس إلتقيت بأحد مصوري مسؤول من مسؤولينا الأبرار حيث ذكر ان ولي نعمته دخل في الماء في أحد الأحياء وكنت معه والكلام للمصور الذي أقسم بأغلظ الأيمان إن مسؤوله دخل وسط الماء الى ورفع يده بالأشارة الى رقبته (يمعود كول غيرهه) فعاد ليقسم فسكت.
بالله عليكم هل تعرفتم على أقدم (كلاو) يستخدمه المسؤولون في التعبير عن وفاءهم وحبهم لهذا الوطن وخاصة في المطر هو إرتداء (البدلات والجزم) ونشر الصور في الصحف والمجلات وعلى صفحات الفيس بوك وعلى المواقع الأخرى. وأتصور ان أحدى المحافظات المنكوبة بنعمة المطر صرفت نصف ميزانيتها لعام 2013 لشراء مشمعات وجزم للمسؤولين وحماياتهم ومصوريهم ومستشاريهم وأصدقاءهم المرافقين لهم.
وقبل مدة ليست ببعيدة جاء أحد السفراء لأحدى المحافظات فإستقبله أحد المسؤولين ببدلة عمل وحذاء لم يمضي على ارتداؤهما أكثر من ثلاث دقائق وأخذ المسؤول يظهر للسفير (كلاواته) بقوله إن جميع المسؤولين في المحافظة يرتدون البدلات والجزم منذ الصباح الى ساعات متأخرة من الليل للعمل ومتابعة المشاريع ولأن السفير من بلد إكتشف وصنع أول جهاز لكشف الكذب منذ عشرات السنين وأصبح هذا الجهاز يستخدم عندهم  في كل مكان مثل جهاز الموبايل فإكتشف كذبة هذا المسؤول ليس بمعرفته وخبرته ولا بجاز كشف الكذب ولكن المسؤول ولأن ارتداءه للبدلة كان سريعا وعلى عجالة فقد نسي علامة الشركة المصنعة للبدلة معلقة بخيط طويل في (ياخة) البدلة فلم يتعب السفير في إكتشاف الكذب.
اللهم بحق هذا الشهر الذي شهد استشهاد سيد شباب اهل الجنة وحبيب رسول الله الحسين عليه السلام أن تلطف علينا بلطفك يالطيف وأن تخلصنا من المسؤولين  المرائين والدجالين والكذابين والـ(كلاوجيه) وترزقنا المسؤولين الذين يعملون بصمت ويحبون مواطنيهم ووطنهم قبل أحزابهم وكتلهم وعشائرهم ومناطقهم وان تبعث في قلوب مسؤولينا حب القناعة وترك النفاق وأن يخرجوا الى الشارع في المطر ببدلاتهم وجزمهم لوحدهم دون حمايات ولا مصورين فقد أصابتنا التخمة من الـ(كلاوات والكلاوجيه).

أحدث المقالات