كانت هذه العبارة هي اخر اربع كلمات من مقالة الاستاذ الدكتور الفاضل هاشم حسن التميمي في الصفحة الاخيرة من صحيفة المشرق الغراء في عددها الصادر يوم الاربعاء 29/8/2012 . اذ كان قلبه يقطر دما ويعتصر الما وحسرة , حاله حال كل الشرفاء في هذا البلد على واقع التربية والتعليم في العراق الجريح فيقول (ان العملية التعليمية في العراق الجديد , وللاسف الشديد تراجعت لدرجات مخيفة , وانعكست مخرجات المدارس على الجامعات التي اصبحت تستقبل طلبة بمعدلات عالية , لكن اعدادا غير قليلة منهم لايجيدون حتى الاملاء الصحيح , او ضبط جدول الضرب او انشاء جملة واحدة باللغة الانكليزية , وضعف عام في الثقافة والمعارف العامة …) .
ما ورد في مقالة الدكتور الفاضل صحيح ولاغبار عليه ولقد شخصتُ ذلك عام 1982 يوم كنت مدرسا في احدى الثانويات الريفية اذ زارني احد المشرفين فشكوت له ضعف مستوى الطلبة وضآلة معلوماتهم العامة واخبرته انه سياتي اليوم الذي لايعرف الطالب فيه كتابة اسمه . وجاء اليوم فوجدت من طلاب الجامعة من لايفرق بين الحرفين (Cو S) وبين الحرفين(PوB) وعندما تساله عن درجته في اللغة الانكليزية يقول لك انها (90) ومايخبرك به الطالب صحيح لان منهج اللغة الانكليزية للصف السادس الاعدادي منهجا درخيا يحول الطالب الى مجرد ماكنة او ببغاء تردد ما تسمع وما ان تخرج عن المنهج بشعرة واحدة ينهار الطالب ولايعرف شيئا , واتذكر العام الدراسي 1974/1975 وفي امتحان اللغة الانكليزية النهائي للصف السادس الاعدادي كان موضوع الانشاء (كيف تحل ازمة النقل في العراق ؟!) فهل يعرف طلبة قسم الانكليزية الكتابة عن هذا الموضوع ؟ .
اقف مؤيدا للدكتور الفاضل هاشم حسن لكنني لا القي باللوم على وزارة التربية فقط واتساءل كما يتساءل الالاف غيري من الذي يُخرج المعلمين ومن الذي يُخرج المدرسين أليست كليات التربية الاساسية وكليات التربية ؟ فهما يشاركان في الهدم وهما لم يستطيعا بناء معلم واعد ومدرس ناجح . وشكوت ذلك في مقالات سابقة في صحيفتي المشرق والبينة الجديدة من ضعف مستوى الطلاب في قسم اللغة الانكليزية في كلية التربية وكيف ان الطالب ينجح من دون حضور الى قاعة الدرس ومن دون امتحان وكيف ان الدرجة تفصل على مقاس الطالب والادهى والامر ان بعض هؤلاء الطلاب يقدمون على الدراسات العليا ! وحصل بعضهم على درجة الماجستير من بعض الجامعات الاهلية و الحكومية ! علما ان الطالب نفسه الذي نال هذه الدرجة غير مقتنع بها و بمستواه العلمي . وفي الامتحان التنافسي للدراسات العليا للعام الدراسي 2011/2012 رسب اغلب المتقدمين للدراسات العليا فاحُتسِبت اعلى درجة راسبة(جواز سفر للالتحاق بالدراسات العليا !!) ومن طلبة الدراسات العليا من رسب في الامتحانات النهائية ورسب في الدور الثاني والدور الثالث ليشكو استاذ المادة التي فشل فيها فيُقصى الاستاذ لالتزامه بالثوابت العلمية فتوضع اسئلة الدور الرابع من قبل اساتذة اكفاء وافاضل من خارج الكلية التي يدرسون فيها وتصحح من قبلهم , واستاذ المادة لا علم له بذلك ولاناقة له ولاجمل ويرسب الطلاب للمرة الرابعة كذلك ليعيدوا شكواهم ضد هذا الاستاذ مرة اخرى مدفوعين بمن لايخشى الله . فكيف قُبلت شكواهم بعد فشل في اربعة ادوار ؟ و امتحنوا دورا خامسا و سادسا و نجحوا (رغم انف العلم و العلماء و الشرفاء من الاساتذة) في ايلول 2012 وهي المرة الاولى التي تحدث في الجامعات العراقية وانها لظاهرة خطيرة تنذر بالانهيار ومكافاة الكسالى . وفي بداية العام الدراسي 2011/2012 طُلِب من معلم بعد ان تخرج من كلية التربية قسم اللغة الانكليزية ان يُدرس مادة اللغة الانكليزية للصف الخامس الابتدائي فرفض لانه لايجيد اللغة الانكليزية ورحم الله امرءً عرف قدر نفسه وبارك الله بهذا المعلم لانه لم يغش الطلبة , لكنني اتساءل كيف تخرج من كلية التربية ومن وقف وراء نجاحه
اما الدروس الخصوصية التي تحدث عنها الدكتور القدير وتحدثت عنها صحيفة المستقبل الغراء في عددها ليوم الاثنين 27/8/2012 فهي وليدة ضعف مستوى المعلمين والمدرسين الذين نخرجهم , وكنت قد اخبرت مجلس كلية التربية الموقر يوم كان عميدها الاستاذ الدكتور الفاضل عبد الامير دكسن وهو انسان علمي وكيس ونبيل بان من لديه ابناء في الدراسة الاعدادية والمتوسطة فليحضر الملايين للدروس الخصوصية لاننا نخرج اشباه متعلمين . ونظرة واحدة الى مدرسي الدروس الخصوصية في المدارس الثانوية نجد ان اغلبهم من الدورات القديمة لا الجديدة ! وهم اهل باع وخبرة في تخصصهم .
وفي سبعينيات القرن الماضي سمعت من احد المذيعين في الاذاعة والتلفزيون ان شعار المذيعين هو (السلامة في السكون !) ونحن نريد نجاح كل طلبتنا لانهم ابناؤنا وهم قادة المستقبل فعلينا اعدادهم الاعداد الصحيح والموضوعي والعلمي , لا ان يكون شعارنا(السلامة في نجاح كل الطلبة) حتى الكسالى منهم , عندها نكون قد ظلمنا انفسنا وطلبتنا لنسمع يوم الحشر (وقفوهم انهم مسؤولون) .
[email protected]