23 ديسمبر، 2024 9:09 ص

بين جذوره الوثنية.. ومفهومه في المسيحية.. ونتاجه في العولمة
القسم الثالث

القديس نيكولاس في أميركا
في هولندا، رفض الأطفال والأُسَر ببساطة التخلي عن فكرة القديس نيكولاس جالب الهدايا، فجلبوا شخصية (سينتركلاس ( Sinterklaas معهم إلى مستعمرات العالم الجديد، حيث انتشرت الأساطير الجرمانية الشقية والمخيفة التي تجلب الهدايا.
ولكن في أوائل عهد ظهور أميركا لم يكن عيد الميلاد عطلة مستحدثة، وأُلغيت العطلة في مدينة نيو إنكلاند، وفي أماكن أخرى أصبح الاحتفال وثنيًا نوعًا ما كالاحتفال بساتورن الذي احتل مكانته في التقويم سابقًا. حيث قال بولر: “كان يُحتفل به في الهواء الطلق مصحوبًا بشرب الكحول والفوضى تعمُّ الأجواء”، وأضاف أيضًا: ’’هذا ما أصبح عليه الاحتفال في إنجلترا كذلك، ولم يكن هناك شخصية خيالية معيّنة تجلب الهدايا”.
ومن ثم خلال العقود الأولى من القرن التاسع عشر، تغيركل ذلك بفضل مجموعة من الشعراء والكتّاب الذين سعوا إلى جعل عيد الميلاد احتفالًا للأسرة – من خلال إحياء وإعادة صياغة شخصية القديس نيكولاس. وفي عام 1821م ذهبت قصيدة مجهولة بعنوان (صديق الأطفال) – “The Children’s Friend” أبعد من ذلك بكثير؛ وقامت بتشكيل شخصية سانتا الحديثة وربطها مع عيد الميلاد، وقال بولر: ’’هنا شهدنا ظهور سانتا كلوز،‘‘ وأضاف: ’’لقد أخذوا شخصية القديس نيكولاس السحرية – جالبة الهدايا، وقاموا بتجريده من أي خصائص دينية، وألبسوا سانتا هذا فراءً مشابهًا للشخصيات الجرمانية الشعثاء التي تقدم الهدايا.‘‘
هذه الشخصية جلبت الهدايا للفتيات والفتيان الطيبين، لكنه كان يحمل عصى التأديب أيضًا، وأشارت القصيدة إلى ” توجيه يد الوالدين لاستخدامها عند انحراف الأبناء عن سمات الفضيلة”، وتم سحب عربة سانتا الصغيرة من قبل حيوان رنة مفرد — ولكن كل من السائق وفريق العمل خضعوا للتجديد في السنوات اللاحقة.
وفي عام 1822م كتب كليمنت كلارك مور (Clement Clarke Moore) قصيدة بعنوان «زيارة من القديس نيكولاس – “A Visit From St. Nicholas” والمعروفة أيضًا باسم «ليلة قبل عيد الميلاد – “The Night Before Christmas” ، لأطفاله الستة، مع عدم وجود نية لإضافة ظاهرة سانتا كلوز العائم، تم نشر القصة مجهولة الكاتب في العام التالي، وحتى يومنا هذا لا زال سانتا المرح البدين، يقود عربة تجرّها ثمانية من حيوانات الرنة.
وقال بولر: ’’لقد انتشرت هذه الصورة بسرعة هائلة،‘‘ ولكنها كانت مشابهة لقصة القصيدة، وفسحت المجال للكثير من الخيال، وشهد القرن التاسع عشر ظهورًا لشخصية سانتا في ملابس ملونة، وأحجام مختلفة مصغّرة وضخمة، ومجموعة متنوعة من أشكال مختلفة، وقال بولر أيضًا: ’’لدي صورة رائعة له يبدو فيها مثل جورج واشنطن تمامًا وراكبًا عصا المكنسة.‘‘
وأضاف أنه حتى أواخر القرن التاسع عشر، أصبحت صورة سانتا موحدة كشخص بالغ كامل الحجم، يرتدي رداءً أحمر بحافات مزيّنة بالفراء الأبيض، يقوم بالمغامرات من القطب الشمالي في زلّاجة تحركها حيوانات الرنة ويراقب تصرفات الأطفال.
إن شخصية سانتا المرحة والبدينة وحاملة وجه العجوز تم إنشاؤها إلى حد كبير من قبل الامريكي توماس ناست (Thomas Nast)، رسام الكاريكاتير السياسي الكبير في الحقبة التي شهدت العديد من الأحداث، وأضاف بولر: ’’مع ذلك؛ فإن ناست جعله بنصف الحجم الذي كان عليه،‘‘ وقال أيضًا: ’’وفيما أعتقده عنه فهو غير لائق نوعًا ما بما يشبه ملابس داخلية طويلة تُعرف بأطقم جونز.‘‘
ما أن تأسست أميركا الشمالية، شهدت شخصية سانتا كلوز تراجعًا عكسيًا إلى أوروبا، واستبدال المراسيم المخيفة وإعطاء الهدايا واعتماد الأسماء المحلية مثل (Père Noël) –فرنسا)، أو Father Christmas) –بريطانيا العظمى). وقال بولر: ’’ما حدث هو ترويض هذه الحكايات الجرمانية التي تبلورت في وقت متأخر من العصور الوسطى.‘‘
وانتشر هذا التقليد في أمريكا بعد ذلك بفعل البروتستانت الهولنديين، إلا أنهم حَوّلوا صورة القديس إلى صورة ساحر أسموه سانتا كلوز Santa Claus

 

لا يؤمن جميع المسيحيين بـسانتا
على الرغم من جلاء فكرة سانتا بلا شك، إلّا أنها أثارت جدلًا واسعًا. ففي الاتحاد السوفيتي، تعارض سانتا كلوز مع سياسة جوزيف ستالين، قبل الثورة الروسية، كان (الجد فروست – ديد موروز) – شخصية روسية خرافية – المفضل لعيد الميلاد الذي اعتمد صفات مقاربة لسانتا مثل سينتركلاس الهولندية (وهي شخصية تاريخية وفلكلورية ومن تقاليد عيد الميلاد في هولندا وبلجيكا، والتي تحضر الهدايا للأطفال في عشية القديس نقولا)، وقال بولر: ’’عندما تم تشكيل الاتحاد السوفياتي، ألغى الشيوعيون الاحتفال بمراسيم عيد الميلاد وإعطاء الهدايا.‘‘
وأضاف بولر: ’’ثم في الثلاثينيات القرن العشرين، عندما كان الزعيم السوفيتي ستالين بحاجة إلى تعزيز الدعم، سمح بإعادة ظهور (الجد فروست) ليس كجالب للهدايا في عشية عيد الميلاد بل في رأس السنة الجديدة”، وكانت محاولات استبدال مراسيم عيد الميلاد في الاتحاد السوفيتي غير موفقة في نهاية المطاف، وكذلك المحاولات السوفيتية لنشر نسخة علمانية من الجد فروست، بمعطف أزرق لتجنّب الالتباس مع سانتا، في جميع أنحاء أوروبا.
وقال بولر: ’’في كل مكان ذهبوا فيه بعد الحرب العالمية الثانية، حاول السوفييت أن يستبدلوا تقاليد جلب الهدايا في أماكن مثل: بولندا أو بلغاريا.‘‘ وأضاف: ’’لكن السكان المحليين رفضوا التجديد حتى انهار الاتحاد السوفياتي عام 1989م وعادوا إلى تقاليدهم.‘‘
ولا تزال شخصية سانتا مسيّسة حول العالم، وقال بولر بأن القوات الأميركية نشرت نسخة من الرجل الظريف فى جميع أنحاء العالم فى السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية مباشرة، وتلقت ترحيبًا في العموم، كرمز للكرم الأميركى فى إعادة إعمار الأراضى التى مزقتها الحرب.
وفي الوقت الحاضر، ومع ذلك، فإن الشعوب في كثير من الدول لديها نسختها الخاصة بهم، إما لأنه يمثل فكرة تسويقية على حساب المسيح أو لمجرد أنها فكرة دخيلة، وأضاف قائلًا: ’’في أماكن مثل: جمهورية التشيك وهولندا والنمسا وأميركا اللاتينية، جميعهم يُبدون معارضة قوية جدًّا للحركات المناهضة لسانتا، لأنها شعوب تحاول الحفاظ على تقليد جلب الهدايا الخاصة بعيد الميلاد، وحمايتهم من سانتا أميركا الشمالية.‘‘
يبدو أن مثل هذه الجهود من غير المرجح أن توقف الاهتمام المتزايد بسانتا كلوز، ولكن مساعديه يمكن أن يختطفوا له بعض اللحظات في جدول أعماله المزدحم عشية عيد الميلاد.

ثالثاً: حقبة العولمة والتسعيل
أنا مسيحي الثقافة كان هذا ما قاله العالم البريطاني (ريتشارد دوكينز) زعيم الملحدين الاشهر في عام 2007م، حين اتهمه عضو حزب المحافظين البريطاني (مارك بريشر) بأنه يروج لرهاب المسيحية وأنه يسعى للتقليل من قدر الكريسماس، فيرد عليه قائلاً:” ليس لدي شيء ضد التقاليد المسيحية فبريطانيا بلد مسيحي تاريخيا وانا مسيحي الثقاقة لذا فانا احب أن انشد ترانيم عيد الميلاد كالجميع، لست من أولئك الذين يرددون تخليص بلدنا من إرثه المسيحي، أنا ادرك جيدا الاثر الثقافي المسيحي لبلدنا، صحيح ان الكريسماس مناسبة دينية، لكن غير المؤمنين أوأصحاب الديانات الاخرى يمكنهم المشاركة فيه كذلك”.
ما كل هذا الجدل الذي يحف بالاعياد، لماذا يحتل هذا الموضوع هذه الاهمية في القرن الحادي والعشرين العلماني العولمي، الذي يفترض فيه أنه ودع الاديان منذ أمد بعيد؟!!، وما الرابط بين الثقافة المسيحية من جهة والكريسماس من جهة اخرى.
كريسماس الدين
كريسمس كلمة تعني حرفيا ميلاد المسيح، إلا أنه ليس من السهل اعتباره عيدا مسيحياً خالصا فكما يخبرنا (هانز هيلر براند) استاذ التاريخ والدين في جامعة ديوك، فالقرنان المسيحيان الاولان كان يسودهما رفض قاطع للاحتفال بميلاد المسيح او اي واحد من الناس، في الحقيقة فعند الكنيسة المبكرة الميلاد الحقيقي هو الدخول في الملكوت اثر قول السيد المسيح انكم لن تدخلوا ملكوت السماوات حتى تولدوا مرتين، فضلا عن الخلاف في يوم ميلاد السيد المسيح نفسه وقد استمرت على هذا الموقف بعض طوائف المسيحية حتى اليوم: كشهود يهوه، والصاحبيين، واعضاء كنيسة المسيح. وفي الحقيقة فنصف العقائد المسيحية لا تحتفل بعيد الميلاد.
وفي نفس السياق الزمني القرون المسيحية الاولى كان الوثنيون في شمال اوروبا يحتفلون بعيد الشمس في الخامس والعشرين من ديسمبر/ كانون الاول، بينما كان فلاح جنوب أوروبا يحتفلون بعيد زحل إله الزراعة عندهم، وفي الحقيقة لم يعرف احتفال رسمي بميلاد المسيح إلا في القرن الرابع الميلادي حين تبناه الامبراطور البيزنطي قسطنطين بعد تحول الامبرطورية من الوثنية الى المسيحية، واعتبر نفس يوم العيد الوثني هو يوم الاحتفال بميلاد المسيح. ولم يعرف العالم احتفالا عاما وشاملاً بميلاد المسيح إلا بحلول القرن التاسع الميلادي، لكن هل كانت هذه التقاليد التي نعرفها اليوم عن الكريسماس حاضرة في هذه الاحتفالات القديمة، يخبرنا هانز ايضاً فانه فيما يبدو فان شجرة عيد الميلاد الشهيرة والشموع لم تظهر إلا في القرن السابع عشر، ورغم حضور الهدايا في مناسبات الميلاد في القرن الخامس عشر الا انها لم تصبح تقليداً يجعل من توزيع الهدايا على الأقربين واجبا ملاصقا للاحتفال إلا في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، طبعا كانت الاحتفالات حتى هذا التاريخ تحدث تحت رعاية الكنيسة، ولم يظهر الاحتفال العَلماني البعيد عن المضمون الديني لميلاد المسيح اي الاحتفال خارج الكنيسة إلا في القرن التاسع عشر الميلادي، وفي هذا التاريخ بدأ يظهر سانت كلوز الذي هو نسخة عن القديس نيكولاس المتوفي في القرن الرابع الميلادي، لتستمر عملية العلمنة هذه لتخليص العيد من مضامينه الدينية شيئاً فشيئاً لتتحول الى مناسبة ثفافية علمانية بالاساس؛ لقد تحول العيد من الدين المسيحي الى الثقافة المسيحية تلك التي يحدثنا عنها عراب الملحدين (ريتشارد دوكينز)، وتحول من احتفال بميلاد المخلص الى بحث عن الخلاص ليس في الكنيسة بل في السوق الذي يجوبه سانت كلوز لا بوصفه قديسا بل بوصفه ملك الهدايا وبائع السلع.
دين الكريسماس
مجرد أمركة حمقاء هذا ما قاله (فيشينزوديلوكا) حاكم مقاطعة كامبيانا في ايطاليا في 16/10/2020م، ردا على بعض الدعوات بالسماح بالتجمع في ظل ظروف الوباء للاحتفال بالهالووين قائلا:” هذا الهلوين محض هراء مجرد خبل امريكي تم استيراده الى بلادنا هو الآخر ما الذي يحدث اذن عندما تطال الامركة الحمقاء العيد الديني.
والهالووين الهالووين أو هالووين، وبالإنجليزية ( Halloween)‏: هو احتفال يقام في دول كثيرة ليلة 31 أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام وذلك عشية العيد المسيحي الغربي (عيد جميع القديسين)، ولكنهما عيدان مختلفان. مع أن كلمة هالووين (Halloween من Hallowe’en) مشتقة من “عشية القديسين” (Hallows’ Even أي Hallows’ Evening) التي تفتح به الأيام الثلاثة للسنة الطقسية للمسيحية الغربية المكرسة لاستذكار الموتى بما فيهم القديسون (Hallows) والشهداء وكل المرحومين المؤمنين وهذا فعلا أصل الاحتفال، إلا أن الهالويين كما يحتفل به الآن في دول كثيرة حول العالم باسلوب متأثر بالنسخة الأميركية، وذلك بفضل هيمنة الثقافة الأميركية على الإعلام في عصر العولمة، وهي نسخة بعيدة كل البعد عن الجذور الدينية، ويعد الهالويين مناسبة ثقافية يُحتفل بها حول العالم، خاصة في الولايات المتحدة وكندا وأيرلندا والمملكة المتحدة وأستراليا.
يحدث أن يتحول الى دين الكريسمس كان هذا عنوان الورقة التي قدمها الدكتور (كريستوفر ديكاي)استاذ التاريخ بجامعة كنت التي يقول فيها:” أن الكريسمس تحول من عيد ديني أو قومي يحتفل فيه بقيم ثقافية خاصة الى عيد للاستهلاك يحتفل فيه المستهلكون بالشراء والشراء فقط تظهره الافلام كموسم للشراء، وتعرض المتاجر خصومات جبارة ويبدأ الناس في الاستعداد مما عده أفولا للحس الديني المباشر، والدليل على ذلك من خلال الارقام والبيانات فجميع الشركات في السوق الامريكية تنفق على متطلبات عيد الميلاد بمقدار تريليون دولار، ينفق البيت الامريكي في المتوسط 1536 دولار، بينما يقضي الامريكي في المتوسط 15 ساعة في التسوق ليقضي 15 ساعة في الاحتفال، أي انه يحتفل بمقدار ما يتسوق ويتسوق بمقدار ما يحتفل.
ويصرح 22% من الامريكيين، و17% من البريطانيين، و14% من الاستراليين، و10% من الاوروبيين، أنهم اضطروا الى الاستدانة من أجل شراء مستلزمات الكريسماس، بينما اضطر 14% من الامريكيين الى بيع بعض ممتلكاتهم لتمويل الانفاق على الكريسماس، بينما يرى 40% من الاوروبيين انهم مجبرون على الشراء في الكريسماس، بينما هم لا يرغبون في ذلك؛ إنه التسليع ( Commodification) الاداة الاولية في العولمة، تحول نشاطٍ كان مقدساً الى سلعةٍ تباع وتشترى بالمال، بل إن (جيني بارتونيك) و(بوراد دو) الباحثيتين بجامعة بوسطن في الولايات المتحدة الامريكية قد عبرتا عن مظاهر نزعة شراء التقديس في الكريسماس؛ والتي تؤدي الى تحول الكريسماس الى عيد ليس لميلاد الذي افتدى العالم على الصليب بل الى عملية شراء The sacalization of Christmas Commerce ، أو كما وصفته الباحثة في جامعة كلاسكو البريطانية (كارين وينيل) بقولها:” الكريسماس للاستهلاك وفقط”.
لقد تم الامر بعَلمنة الكريسماس ثم بِعَولمته وتسليعه، ليصبح في النهاية خادماً لرأس المال ومغذياً لثقافة الاستهلاك، سواءً أكانت هذه التغذية باسم المسيح أوباسم لم شمل العائلة لم يعد الفرق كبيراً.
ستحتفل رغم أنفك
إن الذين تمتلىء جيوبهم وتنتفخ كروشهم بعد كل احتفالات الكريسماس في أوروبا وأمريكا على حساب الذين يستدينون ليشترون منهم، يردون هذه النقود التي في جيبك أيها القابع في احدى دول العالم الاسلامي والعربي ايضاً ولا يحبون أن يقف في طريقهم شىء حتى لو كان هذا الشىء ثقافتك الخاصة أو دينك أو هويتك، وهنا يأتي الاغراق الثقافي Cultural dumbing الذي يعني اشباع السوق والمشهد الثقافي التي تنتمي لمكان آخر، فما أن يقترب شهر ديسمبر/ كانون الاول حتى تعمك الاعلانات من كل مكان: خصومات الكريسماس، اشتري بمناسبة الكريسماس … والخ.
لم يعرف العالم العربي ولا العالم الإسلامي الكريسماس كعيد ثقافي إلا من قريب وقريبٍ جداً، قبل ذلك كان الاحتفال مقصوراً على الطوائف الدينية المسيحية التي تعيش في هذه البلاد، وكان الاحتفال احتفالاً دينياً خالصاً داخل دور عبادتهم يشبه الاحتفال بما كانت تحتفل به الدولة الرومانية البيزنطية.
التحول الذي حدث هو تحول بدخول العولمة (Globalization) كما يلاحظ الباحث( كيفن روبنس) استاذ علم الاجتماع في جامعة لندن بورقة قدمها تحت عنوان ( التقاليد والترجمة: الثقافة المحلية في سياقها العولمي):” أن دخول السوق العالمية في مكان ما يصحبه تحول في الثقافة والهوية وأساليب الحياة في هذا المكان؛ يجبرك الاختراق الثقافي على الاحتفال بعيدٍ لا تعرفه ليس له تاريخ ثقافي يخصك، وليس هذا فحسب بل يجبركأن تحتفل وبنفس الطريقة بأن تقدس الاستهلاك وتنظم لدين الكريسماس، وإذا كنت تنضم لدين الكريسماس، كيف يستقيم أن تكون منطويا تحت لواء دينٍ آخر.
ولماذا لا نحتفل معهم
قدم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) المدينة فوجدهم يلعبون في يومين، فسأل عنهما، فقالوا: يومان كنا نلعب بهما في الجاهلية، فقال: إن الله قد أبدلكم خيراً منهما يوم الفطر ويوم الاضحى”.
يعتبر الاسلام أن الاعياد من جملة الشعائر والمناسك، فلا يحتفل المسلمون بعيد الكريسماس لأن هناك حضور ديني يخالف ما يعتقده المسلمون، فالمحتفلون المسيحيون يعتقدون أن لله ولداً جاء في مثل هذا اليوم، {تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا} فيما يؤمن المسلمون بأن الله واحد أحد صمد لا شريك له.
هذا الارث الثقافي الذي لم يستطيع عراب الالحاد البريطاني (ريتشارد دوكينز) الفكاك منه، نظراً لجذوره المسيحية؛ هو الذي يجعل الاسلام صارماً في التعامل مع هذا الموروث الديني والثقافي الغريب عن مجتمعنا.