السائد في الوعي الحزبي وربما الجمعي , أن الكرسي يمثل حالة مناهضة للإرادة أيا كان نوعها , فالكرسي عدو , وما يضره هو المطلوب!!
ولهذا تجد التوجهات التي تسمى سياسية , تركز جهودها على النيل من الكرسي وإنهاكه , ولا يعنيها الوطن والشعب , فالمهم ما يضر الكرسي ويحطم قوائمه.
وهي دائرة سلوكية مفرغة تعصف في الدول العربية منذ تأسيسها , لغياب الدستور الوطني والقوانين الصالحة للبلاد والعباد.
فلو دخلت البلاد في حرب وخسرتها , فذلك سيفرح أعداء الكرسي والعكس صحيح.
وهذه الظاهرة تشير إلى إنفصال مَرضي بين الوطن ورأسه , وبين الشعب وقيادته , فالمهم النيل من الرأس , وعليه فأن العديد من دولنا تتحرك على سفوح منزلقات خسرانية إتلافية مروعة.
وعندما تسأل عن إنجازات الكراسي , تبرز أمامك المعتقلات والسجون , والإختطافات والإغتيالات والأحكام الجائرة بحق الناس الذين فيهم إرادة ضد الكرسي ولهم تأثير في المجتمع.
ووفقا لهذه الديناميكية لا تتفاعل الأحزاب بإيجابية , وكل عليه أن يتعادى مع الآخرين , ويدخل في صراع آثم مع الكرسي حتى تنتهي الحالة إلى التنكيل بالطرفين.
فعداء الكراسي إنفعالي أعمى وشديد الإنعكاسية , وفادح الأضرار والتأثير , والخاسر فيه الوطن والمواطنون , فالدول التي مضت على هذه السكة العدوانية , ما أنجزت ما تفخر به , وتعضلت مشاكلها وتراكمت تداعياتها , حتى وصلت إلى حافات التهاوي في أحضان التبعية والإستسلام لإرادة الآخر الطامع فيها لتأجيج العدوان الداخلي , والشقاق الخطير ما بين الكرسي ومن يعاديه.
ولابد لهذه الدول أن تدرك جوهر العلة , وتحتكم لدستور يرأب صدع التفاعلات ما بين الكراسي والشعب , وأن يتحقق الجد والإجتهاد لتأمين أسباب الراحة والأمان للمواطنين , والعمل الجاد لتلبية حاجاتهم وتسهيل أمور أيامهم.
وبهذا يمكن ردم الهوة الملتهبة ما بين الأطراف المتعادية في أي مجتمع؟
فهل لدينا قدرات رأب الصدوع؟!!