نتساءل لماذا أصحاب الفكر والنخب بأنواعها ما تسببت ببناء تيار ثقافي قادر على التغيير وصناعة الحاضر الأفضل والمستقبل الأزهر , والجواب ببساطة أن الكراسي لوحدها تقود , ولا يوجد قائد سواها في مجتمعاتنا المتوارثة لسلوك السمع والطاعة , والباحثة عمن ترمي بالمسؤولية على عاتقه , وتتحرر من قيودها.
فالناس على دين ملوكها , كما قالت العرب منذ قديم الزمان.
فأنى تكون الكراسي تكون مجتمعاتها أو شعوبها , ولا يتغير الواقع إلا بتغير الكراسي , فكل مَن عليها جار وتكبر , وصار مقياس السلوك المستقيم والعمل السليم.
وتأثير الكرسي فاعل في البشر منذ الأزل , ولهذا فالتأريخ يدوّن أفعال الكراسي , ويمثل إرادتها , ولكل حقبة أقلامها وأبواقها , والمسوقين لمظالمها ومآثمها , وإعتبار ما يقوم به الجالس على كرسي التسلط على مصير الشعب , نوع من الفعل المثالي وعلى الناس الإقتداء بالمتسلط المنان , الذي يذبح ويسلخ دون مساءلة , فهو فوق كل شيئ , وأمره مطاع , وفوري التنفيذ , مهما كان قاسيا ومروعا.
الجالس على كرسي الحكم في مجتمعاتنا حاكم مطلق الصلاحيات , ولا يجرؤ أحدٌ أن يقول له على عينك حاجب , أو يناقشه لأن أي تصرف خارج دائرة الإذعان , يحسب عدوانا , ويتطلب القصاص الشديد.
تلك حقيقة التفاعل ما بين الشعب والسلطان , في كافة العصور والأزمان.
فلماذا نتوهم بأن النخب لديها القدرة على تغيير مسيرة الأيام , والقابض على عنقها , متجبر ظلاّم؟
الناس تتبع فردا , ولا تستطيع أن تعيش معا دون سطوة الحكام , وويل العقاب وزوابع العدوان والإنتقام , فالنفس الشريرة الكامنة في الأعماق بحاجة إلى لجام , وسوط وجزام , وجلاد لا يعرف الوئام , وفي صدره أجيج القسوة والإعدام.
غيّروا الكراسي , تتغير الشعوب والأوطان , ويتحقق ما في الحسبان!!
د-صادق السامرائي