“كلنا نعشق الوطن ومن شدة عشقنا للوطن قتلناه”
تحية وطنية تؤمن بالحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية ، ونأمل أن يعيش الناس في بلادٍ تتمتع بالعدل والمساواة والأمن والسلام والسعادة والمحبة ، والأمل بأن الشمس مشرقة وتمنح الوجود طاقات إنطلاقٍ متواصلة.
أيها الكرسي المُعلّى ، لا أظن أن واحدا من الذين جلسوا ويجلسون وسيجلسون عليك لا يغضب إذا إتهمه أحدٌ بأنه لا يحب الوطن ولا يسعى لخدمة المواطنين ، ويحسب ذلك المدّعي ضده وعدوه ، ولابد من الخلاص منه لأن مَن يعاديه يعادي الوطن , وهذا قانون فاعل في وعيه ولا وعيه وعرفه.
ويبدو أن الجالس على الكرسي من شدة حبه للوطن والمواطن ، ينتهي بقتلهما ومحق وجودهما لتأكيد دوره وصيرورته وتفاعلاته المؤذية , وإعلاء رايات إستبداده وطغيانه ، لكي يتمكن من التعبير عن آيات حبه وتفانيه في سبيل الوطن والمواطن.
ويبدو أيضا ، أن العاشق السياسي ، لا يمتلك الآليات والمهارات المناسبة اللازمة للتعبير عن حبه الفائق ومدى شغفه بالحالة التي يمارس مسؤوليته بصددها.
وهذا الإفتقار الفاضح لأدوات تحقيق الحاجات العاطفية ، هو الذي يتسبب في صناعة الموت والدمار في بلداننا التي يدير أمورها عشاق وطنيون ، أعماهم العشق حتى تحولوا إلى أعداء لأنفسهم وأوطانهم.
فعلاقتهم بالكراسي تشبه علاقة قيس بن الملوح بليلى العامرية ، التي جعلته يهيم في الصحارى ولا يراها كما هي بل يراها في خياله ، ويطارد سرابَ صورتها في آفاق الرمال المتوهجة ولهيب الشمس المتأججة.
وبسبب ما هام به وتصوره وطارده سقط مغشيا عليه ومات ، فتناهبته أوافي الصحارى وذاب في بدن البيداء.
وهكذا وفقا لآليات عشق إبن الملوح ، فأن الذين في الكراسي يَهيمون ويتوحدون مع الصورة المتأكدة في خيالهم ، وبذلك يندفعون نحو سلوكيات ذات نتائج مأساوية وخواتم إنتحارية ، تقضي عليهم وعلى محيط الكراسي من حولهم.
وكأنهم يترجمون سلوك أباطرة الصين التي يتم القضاء فيها على جميع من كان معهم ، لكي تصفو الأحوال للقادم من بعدهم ، والفرق أن المولعين بالكراسي في مجتمعاتنا يقضون على الوطن والمواطن.
إنهم يسحقون الأجيال بالأجيال ولا يكتفون بالقضاء على الحاشية أو أخذها معهم إلى عالم آخر سيحكمون فيه ويبطشون.
وهكذا فأن العلة التي يعاني منها الكرسي ، هي علة مستطيرة تتمتع بالدماء وتؤدي طقوس الفناء وفقا لإرادة رؤاها السرابية.
ولهذا عجزت عن بناء الوطن رغم توفر العناصر والقدرات ، لأنها إستثمرتها من أجل الحيلولة ما بين الإنسان وطنه.
وأمعنت في إمتلاك البشر، وصناعة العبيد المرصوفين في طوابير الإذعان والخنوع , والصلاة في محراب الكرسي لكي يتمتعوا ببعض حياة؟
فشكرا للكرسي الأثير، مع خالص الإمتنان لإنجازه الكبير في دحر المصير!!
فكل كرسي أمير ما دام الخراب مريرا !!