18 ديسمبر، 2024 11:18 م

ويُقصد بها سياسة شراء الذمم بالمال العام بذرائع متنوعة.
ذات يوم قال لي أحد الأصدقاء وهو من المهنمين بالتأريخ وقد تخصص به فيما بعد ” أن الخليفة الفلاني قد وطد حكمه وأسس دولته بشراء الذمم”!!
لم أفهم ما يقصده في حينه لأني كنت في مرحلة عمرية مبكرة , وبعد أن دارت الأعوام بعقودها , نظرت إلى ما يدور في واقع الأمة , فوجدت شراء الذمم هي السياسة السائدة المؤثرة والفاعلة في مسيرة الأجيال.
وفي بعض المجتمعات النفطية الثرية المعاصرة , صارت عائدات النفط من أهم الوسائل التي بواسطتها يتحكم المتسلطون على الكراسي بالشعب.
فبعضهم يدفع رواتب خيالية لمن لا يستحقونها ولا يحتاجونها , ويستقطعون من رواتب الذين بأمس الحاجة إليها , وتمثل مكافأة جهدهم وعملهم المضني.
وبهذا يجعلون المجتمع ذئابا مذؤوبة تفترس قطعانا تبحث عن لقمة عيش.
وبعض الدول تسخر عائدات النفط لشراء ذمم أنظمة حكم وأحزاب وتؤلبها على غيرها , لتديم الصراعات وتؤمّن مصالح الآخرين الطامعين بالأمة.
وفي الحالتين , الخاسر شعب وأمة , والذين يحكمون أدوات لتمرير أجندات , وإن لم يفعلوا فسيحترقون في الكرسي , أي أن ما يقومون به لتأمين بقائهم في الحكم.
وفي مجتمعات أخرى هيمن فقه الغنيمة على الواقع , وأصبحت ثروات البلاد والعباد مشاعة ولا يجوز المساءلة عنها , لأنها من حق مَن تطالها يداه.
والعجيب في الأمر أن ما يسمى بالفساد يحسب غنيمة , والأموال المأخوذة تودع في مصارف الدنيا , ليتم إستثمارها لخدمة مواطني دولها , وياليتها تودع في مصارف البلد الذي تؤخذ منه , وتستثمر فيه.
وبموجب ذلك فأن أنظمة الحكم باقية ولن تتغير , ما دامت مصالح الآخرين آمنة , وتدر أرباحا متنامية بإضطراد متسارع.
وعندما نتساءل عن السبب , سيبدو واضحا أن تمويت الوطنية بمعانيها ومفرداتها العملية , هو العنصر الفعال في تحقيق المآرب المشؤومة , التي يخسر فيها الوطن والذين توهموا بأنهم الرابحون أو الغانمون , فلن يغنم من السياسات الساذجة غير أعداء الوطن والمواطنين!!
الذمة: العهد والأمان والكفالة .
عديم الذمة: لا ضمير له.