بلغت واردات البحرين من النشاط السياحي في عام ( 2015 ) أربعة مليارات دولار .. ومملكة البحرين رغم ماتعانيه من إضطرابات وعدم إستقرار في بعض مناطقها لكن المسؤولين على القطاع السياحي نجحوا بعد قيامهم بتنفيذ خطة مدروسة وعملية لتنشيط هذا القطاع الحيوي في دولة تكاد أن تنعدم فيها المعالم السياحية كما يعتقد البعض .. أغلب الواردات كانت زيارات لأفواج سياحية أجنبية لآثار حضارة دلمون ورعاية مسابقات السيارات الدولية ( الفورمولا 1 ) في حلبة البحرين الدولية في منطقة الصخير ، والعبور من السعودية إلى البحرين عن طريق جسر الملك فهد .. هذا هو المنطق الصحيح في إستغلال أبسط المقومات التي تساهم في إنعاش البلد إقتصاديا والنجاح في تجاوز معضلة الإعتماد والتركيز على الواردات المالية من جانب واحد كما يحدث في العراق من إعتماد مطلق وكامل على واردات النفط ! في إقليم كوردستان يتبضع الناس من حيرة وغموض لمستقبلهم جاء نتيجة للتخبط الكبير للسياسة المتبعة من حكومة الإقليم وكسبها لأعداء غير تقليديين بدلا من التسابق المعلن وغير المعلن لتوسيع دائرة علاقات الإقليم مع الدول الأخرى بكل تفرعاتها وأسسها وجوانبها وأولها بطبيعة الحال شعوب تلك الدول ومستقبل علاقات إقليم كوردستان معها.. فحكومة الإقليم لم تحسن التبضع من أسواق مجانية مفتوحة أقرته لها الأمم المتحدة ومجلس الأمن بتخصيص نسبة جيدة من عائدات مذكرة النفط مقابل الغذاء حتى عام ( 2003 ) ورفع الدستور العراقي هذه النسبة من 13 الى 17 من المئة في ميزانية الدولة ! فالذي يدخل إلى محافظات الشمال يرى أبنية فخمة وعمارات شاهقة وأسواق كبيرة وشوارع معبدة لكنها ليست لخدمة المواطنين الأكراد بل لعدد من المستثمرين ومعظمهم من أعضاء حكومة الإقليم او لعدد من المتنفذين في الأحزاب المسيطرة على السلطة فالمواطنون الأكراد يعانون من فقر مدقع يضاف الى قطع رواتب الموظفين وعدم تسليمها لهم منذ أشهر .. ومهما كانت الحجج والتبريرات التي كانت تطلقها القيادة الكوردية فهي غير مقنعة، فنحن نتكلم عن المرحلة التي سبقت التصدي لداعش فمنذ أكثر من عقد تلوح القيادة الكردية بإقامة دولة مستقلة وهو خداع للشعب الكوردي فقط ، إذ أن تفاقم وتراكم المشاكل الدولية والمشاكل الإقليمية في كل يوم لا يمنع من إقامة دولة كردية فقط بل يهدد وحدة وتماسك محافظات الإقليم بحد ذاتها .. فالأكراد إذا فكروا في إعلان دولتهم المستقلة عليهم أن ينتبهوا جيدا إلى التحديات التي تنتظرهم من إيران وتركيا وما سيحدث لاحقا في سوريا .. والبيشمركة ستخرج من حربها مع داعش شبه عاجزة بالدفاع عن شارع واحد ، كل هذا وغيره من التحديات لاتقتنع به القيادة الكوردية بعد أن أدخلت مغردات ومواقع جديدة لدولتها في المستقبل فأضافت مع كركوك وخانقين وطوزخرماتو .. قضاء سنجار ! وهو أمر مضحك لمن لا يعرف أين يقع هذا القضاء .. لأن السيطرة على سنجار تعني السيطرة على نصف الموصل قبل الوصول إلى سنجار من جهة الشرق كمدن تلعفر والعياضية وزمار وغيرها من المدن والقصبات التابعة للموصل ! هذا المسلسل الخيالي وحلم البارزاني في إقامة دولة كوردية ستكون آخر محطة لقيادة البارزانيين لقلب الإقليم لأن أول من يتصدى لهم خصومهم من داخل الحزب الديمقراطي الكوردستاني والإتحاد الوطني والتغيير وعشرات الأحزاب المناهضة لإستمرار مسعود البارزاني في السلطة أصلا.. مشاكل لاحل لها كما يبدو في الأفق إلا أن ينتبه الأخوة الأكراد لنعمة قد تكون خافية عنهم وهي السياحة فكوردستان حباها الله بنعم عجيبة ، إجتمعت كلها كي تتحول هذه البقعة الطيبة من العراق إلى أمكنة للسياحة ففي شمال العراق أنهار وعيون لا يوجد نظير بجمالها وروعتها في كل بلدان العالم ، وبساتين وحدائق خصبة من الفواكه والأشجار ، وبحيرات وسدود وجبال وتلول وهضاب ووديان ومصايف وشلالات ومزارع كبرى للقمح والشعير والذرة وأنفاق وهواء عليل وسماء صافية! أعتقد أنها تكفي جدا لإقامة دولة تعتمد في جميع وارداتها على السياحة بعيدا عن الكوابيس وقرارات السياسيين الكاذبة .. ولله – الآمر.